إنه الماء... قديماً وحديثاً

  • 12/7/2014
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

لا تهجس الدول العربيّة بشيء قدر هجسها بأزمة المياه المستحكمة فيها، وهي متّصلة بأزمتين لصيقتين هما الطاقة والغذاء. ومن المعطيات الأساسيّة في المنطقة العربيّة أنها ظمأى للماء، وتكتظ بالصحارى والمساحات غير المرويّة، ولا تسيطر على منابع أنهارها الكبرى. ولعل الأزمة الكبرى التي تعيشها مصر بصدد مصير النيل في ظل إصرار إثيوبيا على السير بمخططاتها في «سد النهضة»، تعبير مُكثّف عن همّ يطاول البلدان العربيّة. وليس هاجس المياه بجديد على العرب. ووفق ما ظهر في مؤتمر «تاريخ الزراعة عند المسلمين الأوائل»، مثّلت ندرة المياه في بعض أصقاع الإمبراطوريّة العربيّة - الإسلاميّة، مشكلة بارزة تصدى لها علماء كثر. وفي شبه الجزيرة العربيّة، عمد المزارعون إلى تجميع مياه المطر الشحيح في برك ثم جرّها إلى خزانات تحت الأرض تقيها من خطر التبخّر بحرارة الشمس. وقدّم الدكتور خالد عزب، رئيس قطاع المشروعات والخدمات المركزيّة في مكتبة الاسكندريّة، بحثاً عن تقنيّات ري الأراضي الزراعيّة في العصور الإسلاميّة ركّز على الطُرُق التي واجه بها المسلمون مشكلة ندرة المياه، عبر استعراض تقنيّات استنباط المياه. ويشتهر عن علماء المسلمين أنهم وضعوا مؤلّفات كثيرة في تقنيّات استنباط المياه، وحفر الآبار، والتحايل في التعامل مع زيادة ماء البئر، وطرق استخراج الماء من العمق، وتقنيّات التعرّف إلى وجود المياه في بواطن الأرض من دون اللجوء إلى الحفر وغيرها. كذلك وصفوا التغيّر في طعم المياه واختلاف نوعياتها واستعمالاتها، وطرق ريّ النبات، وسُبُل جلب الماء، وكيفية تقسيم الأراضي بالترابط مع مسألة المياه فيها وغيرها. وأشار عزب إلى أن تقنيّات الحضارة العربيّة - الإسلاميّة شملت الأقنيّة الاصطناعيّة التي تستجلب مياه الأمطار المتلبّثة في طبقات الجبال والمرتفعات. وسُميّت تلك الأقنية «الأفلاج». وتضمّنت التقنيّات عينها ما سُمي بالـ «غيل»، وجمعها غيول. ويقصد بها تقنيّاً، الماء الذي يجرّ من منبعه عبر مسار محدّد، سواء أكان فوق الأرض أم تحتها. ولجأ العرب أيضاً إلى تقنية تعرف بإسم «الماجل» (جمعها مواجل)، وهي وحدة معماريّة تشيّد في الدور أو في مناطق معينة من الأرض، كي تتجمّع مياه الأمطار فيها. وأوضح عزب أن العرب عرفوا أيضاً تقنيّة الري بالتنقيط، على رغم أنها تبدو تقنية آتية من رحم القرن العشرين. ويرد وصف تفصيلي لتلك التقنيّة التي طبّقت عبر استعمال الفُخّار، في مؤلّف «كتاب الفلاحة» الذي وضعه العالِم الأندلسي إبن العوّام في أواخر القرن الـ 12.

مشاركة :