الذكاء الاصطناعي يقتحم مجال الطب النفسي

  • 6/17/2018
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

بوسطن - صار بإمكاننا اليوم أن نتحدث عن مشاكلنا النفسية دون حرج أو خجل بعد أن أصبح الروبوت يعمل طبيبا نفسيا، فمع زيادة ضغط الحياة يعاني بعض الأشخاص من القلق والاكتئاب، لكنهم يترددون بشأن التحدث عن ذلك إلى شخص ما، الأمر صار سهلا بفضل المعالج الروبوت، الذي صمم لمساعدة من يعانون من مشاكل نفسية من خلال الدردشة معهم عبر تطبيقات الإنترنت. استخدمت شركة “كوجيتو” -وهي شركة للذكاء الاصطناعي والتحليل السلوكي، ومقرها بوسطن- نظام ذكاء اصطناعي للتعرف على الأصوات وتحليلها من أجل تحسين تفاعلات خدمة الزبائن في العديد من الشركات والمجالات. وجاء دخول الشركة في مجال الرعاية الصحية من خلال “كوجيتو كومبانيون”، وهو تطبيق خاص بالصحة النفسية يتتبع سلوك المريض. ويراقب التطبيق هاتف المريض، مُحصيًا إشارات السلوك الموجب وإشارات السلوك السالب، مثل البيانات التي يمكن أن تشير إلى أن المريض لم يغادر منزله لعدة أيام أو يستخدم سجلات الاتصالات التي تشير إلى أنه لم يرسل رسالة أو يتحدث على الهاتف إلى أي شخص لعدة أسابيع. وتؤكد الشركة أن التطبيق يعرف ما إذا كان المرضى يستخدمون هواتفهم للاتصال أم لإرسال الرسائل، ولكنه لا يتتبع من يتصل به المستخدم كما لا يسجل نص المكالمة. بعد ذلك يمكن لفريق رعاية المريض أن يراقب التقارير اللاحقة للعلامات، التي بدورها قد تشير إلى تغييرات في الصحة النفسية الشاملة للمريض. ويؤكد سكايلر بلاس، كبير مسؤولي العلوم السلوكية في “كوجيتو”، على قدرة الذكاء الاصطناعي على المساعدة في “فهم الجوانب الإنسانية من المحادثات والجوانب البشرية للصحة النفسية”. وعلى الرغم من أن الفهم مجرد خطوة أولى، فإن الهدف النهائي هو إيجاد العلاج الذي يحقق نتيجة في ما يتعلق بقضايا الصحة العقلية. وطور باحثون بريطانيون روبوتا وأطلقوا عليه إسم “ويبوت” ويمكنه تقديم استشارات نفسية بهدف التحفيز والتشجيع على بذل الجهد، في إطار تجربة تهدف إلى دعم التغييرات السلوكية لدى المرضى النفسيين. للذكاء الاصطناعي القدرة على المساعدة في فهم الجوانب الإنسانية من المحادثات والجوانب البشرية للصحة النفسية وأشار الكثير من المشاركين في التجربة التي أجراها فريق بحثي بجامعة بلايماوث البريطانية، إلى السمات الموضوعية للروبوت الذي صُمم في صورة بشر، بل قال أحدهم “إنه يفضل الروبوت على الأطباء النفسيين من البشر”. وأظهرت الدراسة التي أجرتها كلية طب النفس التابعة لجامعة “بلايماوث”، أن الروبوت يمكنه تحقيق نفس الأهداف الأساسية للمقابلة التحفيزية، إذ أنه يشجع المشاركين الراغبين في زيادة نشاطهم البدني على التعبير عن أهدافهم ومشكلاتهم بصوت مرتفع. وأوضحت الباحثة جاكي أندريد، رئيسة فريق الدراسة، أن الروبوت ربما يكون أفضل من باقي أشكال المساعدة الإلكترونية في تقديم الدعم الافتراضي للتغيّرات السلوكية. وقالت الدكتورة أليسون دارسي، المؤسسة والرئيسة التنفيذية لمختبرات ويبوت التي مقرها سان فرانسيسكو، إن الذكاء الاصطناعي يساعد الناس على التعبير عن مشاعرهم، فمما يتميز به ويبوت إمكانية أن يساعدك مباشرة دون أن ينتابك الخوف من أن تذاع خصوصياتك ودون التوجس من أحكام الآخرين. وبرمجت دردشة الذكاء الاصطناعي لمحاكاة محادثة الإنسان، إذ تقدم في المقام الأول المشورة والمرافقة والتوجيه والمساعدة الذاتية للمستخدمين. وأضافت الدكتورة دارسي “أن ويبوت يقوم بعمل جيد بالنسبة للأشخاص الذين يشعرون بالأسى حقا، إنه ليس جيدا للأشخاص الذين ليس لديهم الكثير من الأشياء التي يشعرون بالاستياء بسببها أو ليس لديهم ما يحتاجون إلى الحديث عنه”. ويستخدم ويبوت الذكاء الاصطناعي لخلق المحادثات الطبيعية والشخصية والبشرية وتقديم الدعم العاطفي للمستخدمين، إذ يستعين في الغالب بأسئلة مثل “ما هي الطاقة الخاصة بك اليوم؟” أو “ما هو شعورك؟”، ويشجع المستخدمين على مناقشة مشاعرهم علانية، كما يمكنه اقتراح استراتيجيات عملية يمكن للناس تنفيذها لتغيير طريقة تفكيرهم بشأن أحداث حياتهم. وعلى عكس الأطباء، تعد دردشة الذكاء الاصطناعي متاحة في أي وقت، وفي أي مكان، لتقديم الرعاية الصحية العقلية، التي يسهل الوصول إليها لأولئك الذين في حاجة إليها. وقبل ذلك ابتكرت تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الروبوت “إيلي”، وهو عبارة عن طبيبة نفسية، لكنها ليست من البشر، إنما هي مجسد إلكتروني في صورة إنسان يتحدث إليك كأنه طبيب ويسألك ويتجاوب معك، ثم في الأخير يحلل إجاباتك وانطباعاتك. “إذا ابتسمت ابتسامة بطريقة معينة ستعرف إيلي بالضبط ما وراء ابتسامتك، إذا كان لديك تشنج عصبي أو توتر ما، فستلتقط ذلك على الفور”، فهي ستستمع إلى كل ما تقوله، وتحلل كل كلمة تقولها ولهجتك والحالة التي كنت فيها عند نطق الكلمة. وحاول الباحثون بقيادة الدكتور الأميركي جوناثان غراتش في معهد “التكنولوجيا الإبداعية”، في ولاية لوس أنجلس، رصد تفاعلات الإنسان وردود فعله أثناء التعامل مع أجهزة الكمبيوتر، ووجدوا أن الإنسان يكون أكثر تقبلا واستعدادا للتحدث مع الكمبيوتر إذا كان مجسدا في صورة إنسان. ولاختبار هذه الفكرة اختار الباحثون 239 شخصا أمام إيلي وطلبوا منهم التحدث عن حيواتهم باستفاضة، ولكنهم أعلموا نصف المشتركين بكل صدق أنهم يتفاعلون مع جهاز مطور بذكاء اصطناعي، في حين أنهم أخبروا النصف الآخر بأن إيلي عبارة عن دمية يتحكم فيها شخص عن بعد. تبدأ إيلي كل مقابلة مع كل مشترك بأسئلة تتابعية، أولها “من أين أنت؟”، ثم أسئلة طبية مثل “هل من السهل عليك الحصول على ليلة نوم جيدة؟”، ثم تنهي المحادثة بأسئلة تساعد على تحسين حالة المشارك مثل “ما هو مصدر شعورك بالفخر؟”. ومع توفير الإيماءات المناسبة وتعبيرات الوجه، تعمل إيلي على تحليل وجوه المشتركين عبر ماسح ضوئي لمعرفة مدى شعورهم بالحزن، فضلا عن وجود 3 أطباء نفسيين حقيقيين لتحليل محاضر الجلسات، وتقييم مدى استعداد المشاركين للكشف عن معلومات شخصية.

مشاركة :