يخوض مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث، في صنعاء مهمة حاسمة قد تكون آخر الفرص الدبلوماسية للتوصل إلى اتفاق في شأن ميناء الحديدة وتجنيب المدينة حربا دامية، في وقت لا تزال المعارك تدور عند مدخلها الجنوبي. وبينما يلتقي غريفيث المتمردين في صنعاء تعتمد قوات المقاومة اليمنية المشتركة استراتيجية قائمة على حصار المتمردين المتمركزين حاليا داخل مطار الحديدة من عدة جهات، وقطع طرق الإمداد التي يمكن أن تطيل أمد الاشتباكات. وباتت الجهتان الغربية والجنوبية وجزء من الجهة الشرقية من مطار الحديدة تحت سيطرة المقاومة المشتركة، وذلك تحت غطاء جوي من طائرات تحالف دعم الشرعية في اليمن، فيما تشير مصادر عسكرية إلى أن قوات المقاومة صنعت ما يشبه «الكماشة» حول المتمردين. ويؤكد خبراء عسكريون أن الحصار المطبق على الحوثيين من جانب المقاومة وقوات التحالف سيدفعهم للاستسلام، خاصة في ظل انقطاع كل طرق الإمداد من صنعاء وغيرها من مناطق يسيطرون عليها. وشن التحالف العربي ضربات جوية، امس، على مطار الحديدة لمساندة قوات برية مدعومة من التحالف تسعى لانتزاع السيطرة عليه من المقاتلين الحوثيين. وشهد محيط مطار الحديدة، امس، قصفا متبادلا واشتباكات متقطعة بعد أيام من المعارك. وكانت القوات الموالية للحكومة بدأت الاربعاء بمساندة قوات اماراتية هجوما واسعا تحت مسمى «النصر الذهبي» بهدف اقتحام مدينة الحديدة، في أكبر عملية تشنها هذه القوات ضد المتمردين الحوثيين منذ نحو ثلاث سنوات. تسليم الميناء وفي اليوم الخامس للهجوم، أكد المتمردون للمبعوث الدولي انهم يؤيدون «تسوية سياسية» للنزاع في اليمن، من دون ان يعلنوا عن موقف واضح من الانباء التي ترددت عن امكانية تسليم ادارة ميناء الحديدة، الهدف الأهم للهجوم، الى الامم المتحدة. وعلى وقع القصف المتبادل واصل غريفيث في صنعاء زيارته العاجلة الهادفة لمنع الحرب من بلوغ شوارع المدينة. وقالت وكالة سبأ، المتحدّثة باسم المتمردين، إن «وزير» الخارجية في حكومة الحوثيين هشام شرف، ونائبه حسين العزي، التقيا غريفيث امس. ونقلت عن شرف ان الهجوم على مدينة الحديدة هدفه عرقلة «أي احتمالية لاستئناف عمليات المفاوضات للسلام»، مشددا على ان «اليد» لا تزال ممدودة «نحو التسوية السياسية والسلام المشرّف». وكشفت مصادر وثيقة عن خلافات كبيرة بين قيادات ميليشيات الحوثي الانقلابية، على خلفية معركة الحديدة، والتعاطي مع عرض المبعوث الأممي. وأفادت المصادر، أن خلافا شديدا يحتدم بين قيادات «الحوثي» على مستوى الصف الأول، ويتمحور حول ما يجري في الحديدة، حيث ترى قيادات، على ضوء تهاوي دفاعاتهم هناك وخسائرهم المتلاحقة، أهمية عدم تضييع الفرصة التي وفرتها زيارة المبعوث الأممي والقبول بالعرض المقترح وتسليم المدينة، مقابل ضمانات (لم تحدد طبيعتها)، في حين يعارض آخرون ذلك بشدة، ويعتبرون أن «خروج الحديدة من سيطرتهم سلما أو حربا يعني نهايتهم». ويسعى غريفيث إلى إقناع زعيم الحوثيين بالقبول بتسليم مدينة الحديدة سلميا، بموجب مقترحات يحملها، ولم يتم الكشف عنها، على أن يكون ذلك مقدمة لحل سياسي شامل. من جهته، أبدى وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش، على تويتر دعمه «جهود المبعوث لتسهيل تسليم آمن للحديدة للحكومة اليمنية الشرعية». وكتب بالانكليزية أنّ «الناس في الحديدة يريدون أن يتحرروا بشكل عاجل. التحالف سيواصل استعداداته العسكرية والإنسانية لتحقيق هذه النتيجة الملحة». ويدعو التحالف الى تسليم إدارة الميناء للامم المتحدة او للحكومة المعترف بها دوليا لوقف الهجوم. وستمثل السيطرة على مدينة الحديدة التي يسكنها نحو 600 ألف شخص، في حال تحققت، أكبر انتصار عسكري لقوات السلطة المعترف بها دوليا في مواجهة المتمردين، منذ استعادة هذه القوات خمس محافظات من أيدي الحوثيين في 2015. وتبعد مدينة الحديدة نحو 230 كلم عن صنعاء. ومنذ الأول من يونيو الحالي، نزحت نحو خمسة آلاف عائلة عن منازلها بسبب أعمال العنف التي طالت ستة مناطق مختلفة في محافظة الحديدة، بحسب ما أفاد امس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية. (سكاي نيوز، ا ف ب، العربية نت)
مشاركة :