مساء الخير يا جدتي، ولو أنني أعلم جيدا أنك غاضبة مني بسبب عدم سؤالي في الأيام الأخيرة، لكنك سوف تلتمسي لي العذر، علمت خبرا قد يكون سعيدا لي وأشم رائحته، قالوا لي إنك طبختي لي طاجنا من البصارة الذي أحبه من يدك الجميلتين، أما عن الليمون فلا تشغلي بالك فقد أحضرته معي، سأحكي لك عن أشياء كثيرة ونحن نجلس على مائدة العشاء، كم اشتقت إلى هذه البصارة لسنوات عديدة، رائحتها فيها جمال الماضي والزمن الجميل، خنت وعدي مع أمي لكنها تعلم أنني هنا الآن فهي لم تغضب، وقد تأتي عندما تعلم أن هناك بصارة. أنا وحيد يا جدتي، قطعت عامي الثاني والثلاثين، ويسمونني «الغريب»، المدينة قاسية بها دخان غامض، ضجيج، أصوات عالية، لم يذق أهلها طعم البصارة، فأصبحت قلوبهم كالحجر، كثيرة هي أمنياتي التي لم تتحقق، لا شيء سوى أحلام تختفي وأكثر من دموعي، أدركت حجم مأساتي حين انكسرت، كجثة أنا ألقيت من نافذة على أرصفة الخوف والنسيان، أطفالي في أحضان الملائكة، البيت الجديد يبدو جميلا، كان لا بد من إيجاد الحل السريع لتجديد البيت، ولكن لا بأس، تبقى الذكريات حية في هذا الجدار الهزيل الذي تبقى من البيت القديم، عبثا أحاول إطالة الكلام، فجدتي في البلد البعيد تنتظر، تطبخ البصارة.
مشاركة :