في ذكرى جلاء آخر جندي بريطاني عن مصر، بعد توقيع اتفاقية الجلاء في الثامن عشر من يونيو/ حزيران 1956 تستعيد مصر سنوات من الكفاح والنضال في مواجهة دولة الاحتلال (بريطانيا العظمى) والتي بدأت منذ موقعة أبي قير البحرية ضد الفرنسيين، 2 أغسطس/ آب 1798 ليبدأ دخول الإستعمار البريطاني لمصر عقب فشل الثورة العرابية ( بقيادة أحمد عرابي باشا) في العام 1881 ، ويسجل تاريخ 1882 احتلال بريطانيا العظمى لمصر.. ومع قيام ثورة 23 يوليو/ تموز 1952 بقيادة تنظيم الضباط الأحرار، كان هدفها الرئيسي تطهير الأراضي المصرية من الاحتلال الإنجليزي. وبعد نجاح الثورة وإعلان جمهورية مصر العربية، بدأت المفاوضات مع الجانب البريطاني لتوقيع اتفاقية الجلاء فى 27 أبريل/ نيسان 1953، واستمرت لمدة 15 شهرًا بشكل متقطّع، وانتهت فى 27 يوليو/ تموز 1954، بتوقيع جمال عبد الناصر على اتفاقية الجلاء، وفى 13 يونيو/ حزيران 1956، غادرت بورسعيد الباخرة البريطانية «إيفان جب»، وعلى ظهرها آخر فوج من العساكر الإنجليزيين الذين كانوا فى مبنى البحرية فى بورسعيد، ورفع الزعيم الراحل عبد الناصر علم مصر على المبنى فى 18 يونيو/ حزيران 1956، ومن ذلك الحين تحتفل مصر كل عام بجلاء آخر جندي إنجليزي عن الأراضي المصرية. وقع على اتفاقية الجلاء عن الجانب المصري الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، ومن بريطانيا اللورد ستانسجيت ، ونصت الاتفاقية على أن يتم الجلاء على مراحل، وقد تمت المرحلة الأولى من الجلاء في 18 فبراير/ شباط عام 1955، و الثانية في 16 يونيوم حزيران 1955، والثالثة في 25 مارس/ آذار 1956، وفي 18 يونيوم حزيران 1956وتم جلاء آخر جندي بريطاني عن أرض مصر، ورفع العلم المصري لأول مرة على مبنى البحرية البريطانية «نيفي هاوس» في ذلك الوقت ببورسعيد. تقول ديباجة الاتفاقية: «بعد الاطلاع على الإعلان الدستوري الصادر في ١٠ فبراير سنة ١٩٥٣، وعلى القانون رقم ٦٣٧ لسنة ١٩٥٤، بالموافقة على الاتفاق وملحقيه والخطابات المتبادلة الملحقة به والمحضر المتفق عليه، المعقود بين حكومة جمهورية مصر وحكومة المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى، وشمال أيرلندا، والموقع عليه بالقاهرة في ١٩ أكتوبر سنة ١٩٥٤، وبناء على ما عرضه وزير الخارجية، قرر مادة ١- يعمل اعتبارا من ١٩ أكتوبر سنة ١٩٥٤ بالاتفاق وملحقيه والخطابات المتبادلة الملحقة به والمحضر المتفق عليه، المعقود بين حكومة جمهورية مصر، وحكومة المملكة المتحدة». ولخصت الاتفاقية فى ١٣ مادة.. أبرزها: تقر الحكومتان المتعاقدتان أن قناة السويس البحرية التي هي جزء لا يتجزأ من مصر طريق مائي له أهميته الدولية من النواحي الاقتصادية والتجارية والاستراتيجية، وتعربان عن تصميمهما على احترام الاتفاقية التي تكفل حرية الملاحة في القناة الموقع عليها في القسطنطينية في 29 أكتوبر سنة ١٨٨٨ ويقول أستاذ العلوم السياسية، الكاتب والسياسي المصري، د. أسامة الغزالي حرب، اليوم – 18 يونيو/ حزيران – هو عيد الجلاء، ولا أعرف من وكم من الأجيال الجديدة يعرف هذا اليوم، ولكننى على يقين من أن عديدين من أبناء جيلى سوف ينبههم هاتف فى أذهانهم هذا الصباح بأن اليوم يصادف ذكرى جلاء آخر جندى بريطانى من على أرض مصر فى 18 يونيو 1956، طبقا لاتفاقية الجلاء التى وقعها جمال عبد الناصر مع الوزير البريطانى أنتونى ناتنج فى 19 أكتوبر 1954. سوف يتذكر أبناء جيلى ذلك اليوم لأنهم نتاج نفس عملية التنشئة السياسية التى تعرضت لها فى العقد الأول من عمري، والتى سجلت فى أذهاننا صورة لا تمحى للقائد الشاب جمال عبد الناصر وهو يرفع علم مصر فوق مبنى البحرية فى بورسعيد. وأضاف:إننى لا أتذكر متى توقف بالضبط الاحتفال بالمناسبة، ولكننى أتمنى أن نعود للاحتفال بها، خلال استذكار ذلك اليوم فى الصحف ووسائل الإعلام، وبالطبع فى المدارس.. وللعلم فإن يوم الجلاء هو مناسبة كانت تحتفل بها بعض المدارس العامة فى بعض الولايات فى الولايات المتحدة مثل ماساتشوستس (فى مدن مثل بوستن، وتشيلسي) يوم 18 مارس/ آذار، ومثل نيويورك فى احتفالها بجلاء آخر جندى بريطانى فى نوفمبر/ تشرين الثاني 1883.. وهكذا يبدو أن النصيب الأوفى من الاحتفالات بالجلاء يتعلق بالاستعمار البريطاني،ولا غرابة فى ذلك،ألم تكن هى الإمبراطورية التى لا تغرب عنها الشمس؟.
مشاركة :