كيف نحمي بلادنا من المحاولات المشبوهة لزرع الفتنة؟

  • 6/19/2018
  • 00:00
  • 13
  • 0
  • 0
news-picture

إن الناظر في أحكام الشريعة الإسلامية يجدها قد أوجبت على المسلمين احترام وتوقير فئات من المجتمع ومن بينهم الأمراء، فأكدت على احترامهم وتوقيرهم ونهت عن سبهم وغشهم وانتقاصهم والحط من أقدارهم، لأجل مهابة الأمراء في نفوس الرعية لمنع أهل الفساد والمعاصي والبغي والعدوان. فحزم الإمام وقته في إدارة شؤون دولته مع ما أوجبه الشارع من احترامه وتوقيره يمنع امتهان الناس له، وهذا ما حرصت علية الشريعة لتحقيق مقاصدها من جلب المصالح ودفع المفاسد. ومن الأدلة على وجوب توقير واحترام ولي الأمر ما رواه الصحابي الجليل معاذ بن جبل عن رسول الله انه قال ((خمس، من فعل واحدة منهن كان ضامنا على الله: من عاد مريضا، أو خرج في جنازة، أو خرج غازيا، أو دخل على إمامه يريد تعزيره وتوقيره، أو قعد في بيته فسلم من الناس)). ومعنى التعزير: النصرة مع التعظيم. قال تعالى (وتعزروه) وقيل (التوقير والتعظيم) ودلالة الحديث دلالة واضحة على توقير واحترام ولي الأمر. قال سهل التستري -رحمه الله -: ((لا يزال الناس بخير ما عظموا السلطان والعلماء، فإن عظموا هذين أصلح الله دنياهم وأخراهم، وإن استخفوا بهذين أفسدوا دنياهم وأخراهم)). ومن التوقير والاحترام لولي الأمر الدعاء له، فالدعاء لولاة الأمر بالصلاح والتوفيق أمر مطلوب من كل المسلمين لأن في صلاح ولاة الأمر صلاح للعباد والبلاد. يقول الفضيل بن عياض -رحمه الله-: لو أن لي دعوة مستجابة ما جعلتها إلا في السلطان. لذا وجب علينا القيام بالنصح الدائم لولاة أمورنا في السر سواء كان خطابًا أو مشافهة فأبوابهم مفتوحة للجميع وفي أي وقت والدعاء لهم والتعاون معهم على البر والتقوى وعدم مفارقة الجماعة فما نزعت يد من طاعة ولي الأمر إلا صافحها شيطان وعرضها للفتن وموت الجاهلية، فالعاقل يدرك خطورة ذلك. وحري بالعلماء والدعاة والخطباء أن يتحدثوا عن منزلة الدعاء والنصيحة وأن يدعوا للولاة على المنابر، لكي يكون في دعائهم تعليم الحضور للدعاء لولاة الأمر بالصلاح والتوفيق. قال الإمام أحمد بن حنبل: «لو لي دعوة مستجابة لصرفتها للإمام لأن بصلاحه تصلح الرعية». إن الدعاء لولاة الأمر من أعظم القربات ومن أفضل الطاعات، والدعاء لولاة الأمر فيه إبراء للذمة لأن الدعاء من النصيحة والاستمرار فيه دليل على صلاح الدين، ولما كانت مهام وواجبات ولاة الأمر أعظم من غيرهم وجب الدعاء لهم بالصلاح والتوفيق وصلاح النية وصلاح البطانة، يقول الإمام البربهاري رحمه الله: إذا رأيت الرجل يدعو على السلطان فاعلم انه صاحب هوى وإذا رأيت الرجل يدعو للسلطان بالصلاح والتوفيق فاعلم انه صاحب سنة إن شاء الله. إن أعداء الإسلام يسعون لهدم الإيمان في نفوس المسلمين وتفريق كلمتهم، وإثارة الخلافات والبغضاء بين المسلمين، فهم يسعون جادين إلى نشر بذور الفرقة بين الشعوب والحكومات من خلال إثارة الشبهات في مسائل العقيدة والميول والاتجاهات من أجل أن تقع الحكومات وشعوبها في المتاهات والظلمات فتجعل بأس الأمة بينها شديدا لإضعاف وحدتها وتماسكها. فالواجب علينا أن نكون صفًّا واحدا خلف ولاة أمورنا وأن نتصدى لمحاولات النيل من أمتنا وأن نكون عونًا لولاة أمورنا ندعو لهم بالخير والصلاح وألا نتسبب بقصد أو بغير قصد في إضعاف شوكة أمتنا أمام أعدائها من خلال إثارة الفتن والدعوات الباطلة التي تقف موفقًا سلبيا من ولاة أمور المسلمين. قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: (وإني لأرى طاعةَ أميرِ المؤمنين في السرِّ والعلانيةِ، وفي عُسري ويُسري، ومَنشطي ومكرهي، وأثرةٍ عليَّ، وإني لأدعو اللهَ له بالتسديدِ والتوفيقِ في الليلِ والنهارِ). إن للدعاء لولي الأمر عائدا نفعه الأكبر إلى الرعية أنفسهم، فإن ولي الأمر إذا صلح صلحت الرعية، واستقامت أحوالها، وهنأ عيشها. وحين يدعو المسلم لولي أمره، فإِنه يتعبد لربه بهذا الدعاء، ذلك لأن سمعه وطاعته لولي الأمر إِنما كانا بسبب أمر الله له وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، فالله تعالى يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) النساء59. والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إِلا أن يؤمر بمعصية. متفق عليه. فالمسلم إذن يسمع ويطيع تعبُّدا، ومن السمع والطاعة لولي الأمر الدعاء له، فعلينا بالدعاء لولاة الأمر فإن الشيطان حريص كل الحرص على ألا ندعو لولاة الأمر، لأن في صلاحهم غضبه. فكم ضيع كثير من طلبة العلم وأهل الخير والصلاح على أنفسهم من الخير الكثير بتركهم الدعاء لولاة الأمر. اللهم إني أتضرع إليك بقلب يرجو عفوك وقبولك بأن توفق مليكنا وولي أمرنا جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة وولي عهده الأمين وحكومته، وأسألك -جلت قدرتك- أن تمدهم من عندك بالقوة والعزم والصحة والعافية، وأن ترزقهم البطانة الصالحة التي تدلهم على الخير وتعينهم عليه وأن تنصرهم على أعدائهم.. آمين. ‭{‬ أكاديمي متخصص في العلوم الشرعية وتنمية الموارد البشرية Dr.MohamedFaris@yahoo.com

مشاركة :