فيما سعت فرنسا، أمس، لإنقاذ جهود الوساطة التي تبذلها في ليبيا من الانهيار، أصدرت سلطات العاصمة طرابلس مذكرة اعتقال بحق إبراهيم الجضران، زعيم الميليشيات المسلحة التي هاجمت منطقة الهلال النفطي أخيراً، بعدما أعلن الجيش الوطني أنه يستعد لدحرها، وتزامن ذلك مع تأكيد المؤسسة الوطنية للنفط أن هجمات ميليشيات الجضران ستؤدي لخسائر تقدر بمئات الملايين من الدولارات. وأكدت المؤسسة، في بيان لها، أمس «فقدان الخزانين رقم 2 و12 في ميناء رأس لانوف بعد الهجوم المسلح الذي نفذه الجضران والعصابات المتحالفة معه بمنطقة الهلال النفطي، الخميس الماضي، وحذرت من «كارثة بيئية وكارثة اقتصادية، وتعطيل البنية التحتية في الميناء بشكل كامل، وتوقفه عن العمل، حتى لو تحسنت الظروف الأمنية في الفترة القادمة»، معتبرة أن هذه الهجمات الغادرة ستؤدي لخسائر تقدر بملايين الدولارات لإعادة البناء، وأن عملية إعادة بناء الخزانات ستستغرق سنوات كثيرة، خصوصاً في هذه الظروف، قبل أن تطالب مجدداً بالانسحاب الفوري وغير المشروط لميليشيات الجضران والعصابات المتحالفة معه، والوقف الفوري للعمليات العسكرية، وتقديم الدعم والعون لفرق إطفاء الحريق لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. وقد أصدر النائب العام الليبي أمراً باعتقال الجضران باعتباره المسؤول الأول عن الأعمال التخريبية في منطقة الهلال النفطي. وعسكرياً، أعلن العميد أحمد المسماري، المتحدث باسم الجيش الوطني، أن قوات الجيش تتجهز لدحر ميلشيات الجضران في الأيام القليلة المقبلة، معتبراً أن الهجوم على منطقة الهلال النفطي مجرد محاولة فاشلة لعرقلة إعلان الجيش تحرير مدينة درنة بالكامل، وانتصاره على الجماعات الإرهابية هناك، لافتاً إلى أن العمليات العسكرية بدرنة دخلت بالفعل مراحلها الأخيرة. وانتقد المسماري موقف حكومة الوفاق من الهجوم على منطقة الهلال النفطي، ووصف البيان الصادر عن السراج للتنديد بالهجوم بأنه «خجول»، ملمحاً إلى أنه «قد يتحول لبيان تأييد، إذا نجح الجضران في السيطرة على كل الموانئ النفطية». في المقابل، دعا المكتب الإعلامي لجهاز حرس المنشآت النفطية - فرع الوسطى، التابع للجضران، كل المنظمات الحقوقية الدولية وبعثة الأمم المتحدة والصليب الأحمر لزيارة مناطق الهلال النفطي الآهلة بالسكان للوقوف على الوضع الإنساني، ورصد الانتهاكات بحق المدنيين، من القصف العشوائي للمنازل ونقص المواد الغذائية. وخرج، أمس، تحالف القوى الوطنية، الذي يقوده الدكتور محمود جبريل، رئيس أول حكومة في البلاد بعد سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي، عن صمته، وأصدر بياناً ندد فيه بهجوم الجضران. وبعدما طالب الجهات المختصة باتخاذ الإجراءات اللازمة لمعاقبة كل من ثبت تورطه في التخطيط أو التنفيذ لهذه الجريمة، أشاد بقوات الجيش ومساعيها لاسترجاع الموانئ من هذه العصابات المارقة، ووضع الآليات المناسبة لتأمينها مستقبلاً. ومن جانبه، قال فرانك بيتر، سفير بريطانيا لدى ليبيا، إنه مصدوم من الهجوم على رأس لانوف والسدرة، وأضاف في تغريدة له في «تويتر» أن «المملكة المتحدة تحذر من التسبب في أية أضرار في البنية التحتية النفطية التي تخص كل الشعب الليبي». وفي غضون ذلك، أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال اتصال هاتفي مع رئيس حكومة الوفاق، أهمية الالتزام بمخرجات لقاء باريس، الذي عقدته الأطراف الليبية الشهر الماضي بشأن الإعداد لقاعدة دستورية للانتخابات البرلمانية والرئاسية هذا العام. وقال بيان للسراج إنه تناول خلال اتصاله مع ماكرون آخر مستجدات الوضع في ليبيا، وملف الهجرة غير الشرعية، حيث جدد ماكرون دعمه للجهود التي تبذلها حكومة السراج لمواجهة هذه الظاهرة، كما أكد ماكرون مجدداً دعمه السلطات الليبية، وخصوصاً جهود رئيس الوزراء السراج لتنظيم انتخابات في ليبيا بحلول نهاية العام. ووجهت فرنسا دعوات رسمية إلى ممثلين عن مدينة مصراتة، في غرب ليبيا، لزيارة باريس، قصد مناقشة مبادرتها، والملفات السياسية العالقة في ليبيا. ونقلت قناة النبأ، التابعة للإخوان المسلمين، عن أبي القاسم قزيط، عضو المجلس الأعلى للدولة عن مصراتة، تصريحاته حول دعوة الرئاسة الفرنسية لأعضاء تجمع نواب مصراتة، وعدد من الشخصيات السياسية بالمدينة، مشيراً إلى أن المدعوين يدرسون الدعوة، ولم يحددوا بعد موقفهم منها، موضحاً أن نواب مصراتة رفضوا قبول دعوة قمة باريس السابقة بسبب منحهم صفة مراقبين، وعدم منحهم صفة مشاركين أساسيين في الحوار.
مشاركة :