حين تظهر البقع البنية على الجلد فإن تمييزها لا يكون سهلا دائما: هل تكون وحمة لا ضرر منها، أم تكون نوعا من سرطان الجلد؟... حتى أطباء الأمراض الجلدية يفشلون كثيرا في تمييزها، والذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد في تيسير هذه المهمة. وقد أثبتت الأبحاث الأخيرة أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد الأطباء في التعرف على سرطان الجلد الأسود، فخلال فحوص أجريت على 100 صورة من صور الأورام الميلانينية (الخاصة بالمادة الصبغية) والوحمات الحميدة أثبت برنامج الكمبيوتر قدرته على التعرف على التشخيص الصحيح أكثر من قدرة 58 طبيبا في المتوسط. جاء ذلك في بحث علمي نشرته مجموعة بحثية دولية بقيادة هولجر هينسله من جامعة هايدلبرج الألمانية ضمن العدد الجديد من مجلة «أنالز أوف أونكولوجى» أو «حوليات علم الأورام» المتخصصة. يذكر أن الميلانين هي مادة صبغية بروتينية تُفرز من قبل خلايا تدعى الخلايا الطلائية وتكون في جلد الإنسان وكذلك في بصيلات الشعر وغيرها. ووفقا لبحث نشرته الوكالة الدولية لأبحاث السرطان عام 2012 يتم تشخيص أكثر من 230 ألف حالة إصابة بسرطان الجلد الأسود كل عام ويموت منهم 55 ألفا وخمسمائة بسبب هذا المرض. وهذا الورم الخبيث يصيب الخلايا الصبغية في الجلد، وهو يعمل على تكوين النقائل السرطانية التي تنشر المرض بسرعة ومن ثم يصعب مكافحتها. وقال العلماء في بحثهم المشار إليه «إن الزيادة المستمرة في تكرار حدوث وفيات سرطان الجلد أدت إلى زيادة الالتزام بالكشف المبكر عن وجوده ومحاولات الوقاية منه». استخدم هينسله وزملاؤه لإتمام بحثهم شبكة عصبية اصطناعية تسمى «شبكة عصبية تلافيفية»، وهذا الشكل من الذكاء الاصطناعي يمكن تدريبه ليقوم بتحسين إنجاز مهمة بعينها، حيث يضع الباحثون أمام البرنامج أكثر من 100 ألف صورة من صور الجلد تظهر التغيرات الجلدية بحوالي عشرة أضعاف حجمها الطبيعي، وترتبط كل صورة من هذه الصور بالتشخيص الصحيح للحالة المعنية. وأخيرا يصنف البرنامج 100 صورة جديدة وفق ما حصل على معلومات. وتمكن البرنامج من التعرف على 95% من الأورام الميلانينية، وصنف 63.8% من الوحمات الحميدة بصورة صحيحة. وتمكن 58 طبيب جلدية من 17 دولة شاركوا في البحث من التعرف على الأورام الميلانينية الخبيثة بنسبة 86.6%. كما تعرف الأطباء على نسبة 71.3% من الأورام الحميدة للجلد، وهو ما يعني أن 28.7% من الوحمات الحميدة صنفت بصورة خاطئة كأورام ميلانينية تم اكتشافها وتصنيفها من جديد من خلال البرنامج.
مشاركة :