دمشق - ارتفعت حصيلة القتلى في صفوف القوات الموالية للنظام السوري إلى 52 شخصا معظمهم عراقيون، وذلك في غارة جوية اتهم الحشد الشعبي العراقي ووسائل إعلام سورية التحالف الدولي ضد داعش بالوقوف خلفها، الأمر الذي نفاه الأخير. ووقعت الضربات في بلدة الهرى جنوب شرقي البوكمال من محافظة دير الزور. واستهدفت نقطة عسكرية تضم عناصر من كتائب حزب الله وحركة النجباء وعصائب أهل الحق المنضوين ضمن الحشد الشعبي العراقي المدعوم من إيران. وطرد الجيش السوري والميليشيات المدعومة من إيران، والتي تضم أيضا حزب الله اللبناني، تنظيم الدولة الإسلامية من البوكمال والمناطق المحيطة بها العام الماضي لكن المتشددين يشنّون منذ ذلك الحين هجمات في المنطقة. وأعلنت هيئة الحشد الشعبي، الاثنين، عن تعرّض مقر تابع لها يقع على الشريط الحدودي مع سوريا لقصف أميركي، معتبرة القصف محاولة لتمكين “العدو” في إشارة إلى داعش من السيطرة على الحدود. وقالت الهيئة في بيان إنه “في الساعة 22 من مساء الأحد قامت طائرة أميركية بضرب مقر ثابت لقطعات الحشد الشعبي من لوائي 45 و46 المدافعة عن الشريط الحدودي مع سوريا بصاروخين مسيرين مما أدى إلى استشهاد 22 مقاتلا وإصابة 12 بجروح”، وطالبت الجانب الأميركي بـ”إصدار توضيح بشأن ذلك خصوصا أن مثل تلك الضربات تكررت طيلة سنوات المواجهة مع الإرهاب”. وأضافت الهيئة، “نود أن نوضح أن قوات الحشد الشعبي موجودة على الشريط الحدودي منذ انتهاء عمليات تحرير الحدود ولغاية الآن بعلم العمليات المشتركة العراقية”، مشيرة إلى أنه “وبسبب طبيعة المنطقة الجغرافية كون الحدود أرضاً جرداء، فضلا عن الضرورة العسكرية فإن القوات العراقية تتخذ مقرا لها شمال منطقة البوكمال السورية والتي تبعد عن الحدود 700 متر فقط كونها أرضا حاكمة تحتوي على بنى تحتية وقريبة من حائط الصد حيث يتواجد الإرهاب الذي يحاول قدر الإمكان عمل ثغرة للدخول للأراضي العراقية وهذا التواجد بعلم الحكومة السورية والعمليات المشتركة العراقية”. وأشارت إلى أن “المجاميع الإرهابية المتواجدة هناك تحاول إحداث ثغرة للدخول إلى الأراضي العراقية وقوات الحشد حالت دون ذلك”، متابعة “نحن نعتقد أن مثل هذه الضربات جاءت كمحاولة لتمكين العدو من السيطرة على الحدود”. وكان قيادي في التحالف العسكري الذي يدعم الرئيس بشار الأسد قال في وقت سابق إن “طائرات مسيرة مجهولة يرجح أنها أميركية قصفت نقاط للفصائل العراقية” بين البوكمال والتنف بالإضافة إلى مواقع عسكرية سورية. وهناك سباق محموم بين الميليشيات الموالية لإيران والقوات المدعومة أميركيا للسيطرة على المنطقة الحدودية بين العراق وسوريا، والتي تشكل أهمية استراتيجية حيث أنها العمود الأساس في مشروع طهران التوسعي في المنطقة والذي يهدف إلى الوصول إلى البحر المتوسط، الأمر الذي تحاول الولايات المتحدة الحيلولة دونه. سباق محموم بين الميليشيات الموالية لإيران والقوات المدعومة أميركيا للسيطرة على المنطقة الحدودية بين العراق وسوريا ويرجّح مراقبون أن تتصاعد موجة الهجمات في الفترة المقبلة، في ظل غياب اتفاق ينهي معضلة الوجود الإيراني في سوريا. وتعرّضت مواقع ونقاط تابعة للجيش السوري والموالين له من ميليشيات الحشد العراقي وحزب الله اللبناني في الأشهر الأخيرة لغارات خلفت خسائر بشرية موجعة، وسط نفي التحالف الدولي القيام بها. وعن الهجوم الأخير أبلغ الميجر جوش جاك وهو متحدث باسم القيادة المركزية الأميركية أنه “لم ينفذ أي فرد في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضربات قرب البوكمال”. ويدعم التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة قوات سوريا الديمقراطية التي تتزعمها وحدات حماية الشعب الكردي في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية شمال شرقي البوكمال بقوة جوية وقوات خاصة. ونجحت قوات سوريا الديمقراطية منذ السبت في تحقيق جملة من الإنجازات الميدانية التي استهدفت جيوبا صغيرة يسيطر عليها تنظيم داعش، وعززت من تموضعها بالقرب من الحدود السورية العراقية. ويقول مراقبون إن العمليات التي تخوضها قوات سوريا الديمقراطية لا تستهدف فقط وجود تنظيم الدولة الإسلامية بل أيضا الوجود الإيراني في تلك المنطقة الحيوية بالنسبة للولايات المتحدة، التي حرصت بالتوازي مع ذلك على تعزيز وجودها على المنطقة الحدودية من الجهة العراقية في الفترة الأخيرة لقطع الطريق على طهران. وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن طائرات مجهولة استهدفت حزب الله ومسلحين أجانب آخرين موالين للدولة السورية حول البوكمال. وأضاف المرصد أن الضربات تسببت في مقتل أكثر من 52 شخصا بينهم “30 مقاتلا عراقيا على الأقل و16 من الجنسية السورية” من ضمنهم عناصر من الجيش والمجموعات الموالية له. وليس التحالف الدولي من له مصلحة فقط في ضرب الوجود الإيراني في سوريا، فهناك إسرائيل التي تعتبر هذا الوجود تهديدا جديا لأمنها القومي، في ظل خشية من أن تعمد طهران على استخدام سوريا كجبهة متقدمة لاستهدافها مستقبلا. وقالت متحدثة باسم الجيش الإسرائيلي لدى سؤالها عن تقارير حول الضربات الجوية الأخيرة “لا نعلق على تقارير أجنبية”. وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قد جدد الأحد مطالبته إيران بالانسحاب من جميع الأراضي السورية، مؤكدا أن إسرائيل ستمنع أي محاولات إيرانية للتموضع عسكريا قرب حدودها. وكشف مسؤولون إسرائيليون من قبل عن تنفيذ العشرات من الضربات الجوية في سوريا على مدى الحرب الدائرة منذ نحو ثماني سنوات وقالوا إنها استهدفت عمليات يشتبه في أنها لنقل الأسلحة إلى حزب الله ومواقع انتشار إيرانية. وتضغط إسرائيل على روسيا حليفة الأسد الأخرى الأساسية لضمان عدم ترسيخ حزب الله وإيران لوجودهما العسكري في سوريا. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي في مستهل جلسة لمجلس الوزراء إنه “كرر وأوضح” سياسته حيال سوريا في مكالمتين هاتفيتين أجراهما مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو. وشدد نتنياهو “أولا يجب أن تخرج إيران من سوريا بالكامل… ثانيا سنتخذ إجراءات… نحن بالفعل نتخذ إجراءات ضد محاولات ترسيخ الوجود العسكري لإيران ووكلائها قرب الحدود وفي داخل العمق السوري”. وفي مقابلة الأسبوع الماضي اعتبر الرئيس السوري بشار الأسد أن إيران وحزب الله عنصران أساسيان في الحرب، وإن المعركة طويلة والحاجة لهذه القوى العسكرية ستستمر لفترة طويلة. وأضاف أنه يعتبر الولايات المتحدة قوة محتلة في سوريا وأن موقف الدولة “يتمثل بدعم أي عمل مقاوم سواء ضد الإرهابيين أو ضد القوى المحتلة بغض النظر عن جنسيتها”. قوات تركية تدخل منبج تنفيذا لاتفاق مع واشنطن دمشق – أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الاثنين بدء تسيير دوريات عسكرية في منطقة منبج شمالي سوريا. جاء ذلك في كلمة ألقاها أمام حشد جماهيري في ولاية صامسون، شمالي تركيا، في إطار الاستعدادات لخوض الانتخابات الرئاسية والنيابية المبكّرة. ويحاول أردوغان استغلال الاتفاق الذي جرى مع الولايات المتحدة الشهر الماضي، للتسويق لإنجاز سياسي عسكري قبيل الاستحقاق الرئاسي والبرلماني المقرّر إجراؤه في 24 يونيو الجاري. وفي وقت سابق قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن القوات التركية ستدخل المدينة خطوة بخطوة. وأضاف أوغلو “سيجري تطهير منبج من وحدات حماية الشعب الكردية ومتشددي حزب العمال الكردستاني بأسرع وقت ممكن. من جهته أكد مجلس منبج العسكري المنضوي تحت راية قوات سوريا الديمقراطية التي تشكل وحدات حماية الشعب الكردي أبرز مكون فيها عن بدء تسيير قوات تركية وأميركية دوريات “غير مشتركة” في المدينة. وأوضح شرفان درويش المتحدث باسم مجلس منبج العسكري، أن “الدوريات التركية موجودة شمال منطقة الساجور، بينما الدوريات الأميركية موجودة في مواقع خاضعة لسيطرة مجلس منبج العسكري في الجنوب”. وكانت الولايات المتحدة وتركيا أعلنتا في بيان مشترك عقب اجتماع لوزيري خارجية البلدين في واشنطن مطلع الشهر أنهما أقرتا خارطة طريق لمدينة منبج. وأعلنت وحدات الشعب الكردية على إثر ذلك سحب مستشاريها العسكريين من المنطقة. واستبق وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو الاجتماع مع نظيره مايك بومبيو بالتأكيد على أن “التوصل إلى اتفاق بين أنقرة وواشنطن بشأن وضع مدينة منبج سيكون بمثابة نقطة تحوّل في علاقات البلدين”، وشدّد على أن تقديم واشنطن الدعم لوحدات الشعب في سوريا هو من أهم نقاط الخلاف بين بلاده والولايات المتحدة. وتعتبر تركيا الوحدات الكردية في سوريا فرعا لـ”حزب العمال الكردستاني” الذي ينشط في مناطق بجنوب شرق تركيا وشمال العراق، وتصنّفه أنقرة وواشنطن أيضا على أنه منظمة إرهابية. وكانت تركيا قد هددت بالتدخل العسكري لإخراج المسلحين الأكراد من منبج إذا لم تتوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة. ويعزز الاتفاق التركي الأميركي من هواجس الأكراد حيال إمكانية أن تتراجع الولايات المتحدة عن التزاماتها تجاههم. وأعلن “مجلس سوريا الديمقراطية”، الواجهة السياسية لـ”قوات سوريا الديمقراطية”، استعداده لتفاوض “بلا شروط” مع دمشق، بعد أيام قليلة من الاتفاق الأميركي التركي، فيما بدا محاولة لإخراج “بيضهم من سلة الولايات المتحدة”. وحول الانفتاح على دمشق قال صالح مسلم القيادي الكردي البارز الذي سبق وترأس الاتحاد الديمقراطي الذراع السياسي لوحدات حماية الشعب “مثلما يفكر الجميع في مصالحهم سنفكر نحن أيضا”.
مشاركة :