فهرس شعري لما يحدث في سوريا

  • 6/19/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

ميلانو (إيطاليا) - صدر حديثا عن منشورات المتوسط بإيطاليا، كتاب نصوص جديد للشاعر السوري علي سفر بعنوان “الفهرس السوري”. وفيه يواصل سفر كتابة نص الفجيعة، برؤية توثق بالشعر، ما لا يترك مجالا لإغفال التفاصيل؛ الواقع اليومي تحت سقف سماء تمطر قنابل وتوابيت طائرة لا تحتاج إلى قبور على الأرض، وحيثما تستمر الحرب تستمر الكتابة التي لا تتوقف عن مساءلة صمت العالم وتعنيفه باسم الثورة والحرية. وطرح الشاعر في نصوص كتابه الجديد سؤال الحقيقة والواقع والتوثيق الحقيقي لفظاعة ما يحدث كل يوم، بل كل دقيقة وثانية، ومداهمته بالكلمات، نعم، الكلمات التي تكتبها “محض جثة تشرق عليها الشمس”. ليمسي النص هنا خلفية سوداء، تفضح القاذفات والصواريخ وطلقات الرصاص، وكل ما يضيء هو الدم الذي يرسم طريق الجحيم بين احتمالات لا تنتهي. ليس خداعا أن نبني عالما من بقايا حياة تقصف كل يوم، ولعل الكتابة الحادة، الجارحة، لعلي سفر، وهو يكتب من عمق التجربة؛ تمضي كسكين تداعب أعماقنا، علّها تعثر على ضمير إنساني حيّ لم يعد فيه من الصفات إلا الاسم. رؤية توثق بالشعر رؤية توثق بالشعر وإلا كيف لي ولكَ أن نجيب علي سفر حين يقول “وحين ستسألني عن المجزرة، سَأنبهكَ إلى أنكَ لم ترَ جثتي المَرميةَ/ هناك، وقد نشف الدم على وجهي/ وجوه الشهداء تشبه وجوهَنا.. والفرق يبقى بالدماء”. “الذاكرة مرضٌ عضال” يصرح الشاعر علي سفر في ختام أحد نصوصه، “كيف لا والخوف يطال شكلَ الموت، والرعب من الموت مرتين، وبالطرق التي يعجز الخيال باتساع مجراته عن تصورها. كأن في الحرب عدالة ما، هي الآن تحت الخرائب وبين جثث المقابر الجماعية والغرقى والمنفيين، لكنها، في الوقت نفسه، شيءٌ غير مرئي، متحول، ينفلت ليحتل المشهد، وقد صار اسمه حرية، كرامة، مقاومة، وخلقا متجددا لأفق الترقب رغم كل العتمات”. يتقمص علي سفر كل الشهداء، راسما “غرنيكا” بملامح سورية في كل نص، يقول “منذ البارحة أنا جنين بطلقة في الرأس،/ القناص يمد يدَه إلى علبة سجائر (حمرا طويلة)، / ويعد الجثَث./ التدخين لا يضرّ بصحة أحد”. يتبدد خوف الكاتب من الموت، مع كل نص ومحرقة ومجزرة، وقد بات له أصدقاء كثر هناك، “حيث يسكن الموتى”. وبتتبع محتويات الفهرس السوري، نلتقي بكافكا وهيتشكوك والنفري وشعراء موتى ورفاق وقتلة وشهداء وإله صامت يتفرج. نحاول مع كل نص، كتبَ بلغة أنيقة صارخة رغم هدوئها؛ الاستمرار في استنشاق الهواء، ولو بأنفاس متقطعة. لنكمل شريط الحياة الممزق بين الوطن والمنفى، بين الجرح السوري والحلم السوري أيضا. وقد نحتاج ونحن نمسك بهذا الكتاب الذي يصعب إفلاته؛ إلى “قليل من الشمس لنعرف الطريق”، طبعا الطريق “إليها”، طالما كل الطرق والفهارس تؤدي إلى سوريا. ونلفت إلى أن كتاب “الفهرس السوري” لعلي سفر، مجموعة نصوص صدرت ضمن مجموعة “براءات” التي تصدرها دار المتوسط. كما نذكر أن علي سفر شاعر ومخرج سوري، من مواليد 1969، وهو خريج كلية الآداب والدراسات المسرحية، صدر له “بلاغة المكان” (1994)، و”صمت” (1999) و”يستودع الإياب” (2000) و”طفل المدينة” (2012)، و”يوميات ميكانيكية” (2014). وغيرها.

مشاركة :