من المتفق عليه أن المسابقات لها دور كبير في نجاح المتسابق وإبرازه، وكذلك صقل موهبة من لم يحالفه الحظ.. والمتابع لأعضاء لجنة التحكيم في المسابقات الشِّعرية يلحظ أنه لا يتوقف دورهم على البحث عن أخطاء الشعراء المتسابقين في أي مسابقة بل يكمن الجمال والاقتدار، والبراعة والتفوق من قبل عضو اللجنة عندما يُظهر جوهر مشاركة الشاعر المتسابق، ويلامس وجدانه، والغوص في أعماق معانية، وجمال إبداعه. وكذلك من اقتدار الحكم عرض أماكن الخلل والقصور في المشاركة إذا كانت قاصرة ليستفيد المتسابق من تجربته، ويعيش المتلقي أجمل اللحظات وأمتعها مع الشِّعر وما يحتويه من إبداع وتميز، ويقنع الجميع برفض أو قبول الحكم. ويجب أن لا يكتفي الحكم بعبارة "أجزتك" أو عبارات هزيلة مللنا سماعها والتي تفسد روعة المسابق، وتتسبب في تجاهل إبداعه إذا كان في مشاركته ما يستحق من إشادة وعرض طيّب، أو لفت للنظر بأسلوب راقٍ ومقبول. وندرك أهمية دور العضو الحكم في أي مسابقة شِعرية، والرسالة السامية التي يحملها، وعظم الأمانة المنوطة به، ورهبة الموقف، وصعوبة الكشف على وجه السرعة عن جمال مشاركة أو إخفاق الشاعر في نفس اللحظة، لكن أن يتحدث بأسلوب ضعيف، وعبارات هزيلة توحي عن ركاكة الأسلوب، وضعف الثقافة، وعدم الاقتدار على إعطاء المتابع الصورة الحسنة فهذا غير مقبول، وسوف يساهم في إفساد نجاح المسابقة، وتدني مستواها. لذا يجب أن يكون المحكم على قدر كبير من الثقافة والأدب، والوضوح والصدق، حتى يستفيد المتلقي والمتسابق من مشاركته.. وأنا من وجهة نظري أن أي متسابق لابد أن يحتفى به، ويحظى بالاهتمام والقبول والاحترام مهما كانت جودة مشاركته من عدمها لكي تظهر المسابقة بالشكل اللائق والمطلوب. وتتطلب مهام لجنة التحكيم صفات كثيرة ومن أبرزها: الفطنة، والضمير الحيّ، وسرعة البديهة التي قد تغيب عن البعض منهم خاصة الذين لم يحالفهم الصواب في بعض أحكامهم القاسية على الشعراء المتسابقين بسبب اتخاذ قرارات خاطئة بسبب إهمال بعض من جوانب الجمال والإبداع -إن وجد- في مشاركة المتسابق، والاكتفاء بعبارات مكررة لا تخدم جمال المسابقة، وتسبب في إخفاق المتسابقين، وانحدار المسابقة في الاتجاه الخاطئ. ومن المواقف النادرة والمشرّفة التي تُحسب لصالح لجان التحكيم ما قدّمه عضو لجنة التحكيم في مسابقة "شاعر المعنى" بإحدى حلقات المسابقة الشاعر سلطان الهاجري من اعتذار جميل قدّمه لأحد الشعراء المتسابقين وأمام الحضور والمشاهدين عن خطأ حدث غير مقصود.. وهذا يُعد من المبادئ الأصيلة، والقيم النبيلة، التي يجب أن يتصف بها كل حكم، وكل من يراعي حقوق الآخرين، وما لهم وما عليهم.
مشاركة :