صنعاء:«الخليج» يشكل تحرير مطار الحديدة الذي حققته قوات المقاومة اليمنية المشتركة المسنودة من التحالف العربي، يوم أمس، منعطفاً حاسماً سيمتد تأثيره، ليس فقط لجهة معركة السيطرة على مدينة الحديدة ومينائها الاستراتيجي، بل إلى توجيه مسار الحسم العسكري في الحرب باليمن، وإنهاء الأزمة القائمة في هذا البلد الفقير والمنهك. ويمهد هذا الإنجاز العسكري الاستراتيجي في المطار لتقدم ميداني متسارع لقوات المقاومة المشتركة، حالياً، وخلال الأيام القليلة المقبلة، تمثل مباشرة في تنفيذ قوات من اللواء الثاني عمالقة عملية التفاف على تجمعات الميليشيات شرقي مطار الحديدة، والسيطرة على أجزاء واسعة من الخط العام «كيلو 16»، فحسب مصادر الجيش الوطني استطاعت تلك القوات من اجتياز مصنع يماني وكيلو 7 ولا يفصلها عن مفرق كيلو 16 المؤدي إلى محافظتي تعز وصنعاء سوى قرابة 4 كم. وأهمية مفرق «كيلو 16» أنه يؤدي إلى منطقة «مناخة» في محافظة صنعاء ومديريتي بيت الفقيه وزبيد، بمحافظة الحديدة نفسها، وبالسيطرة على خط الحديدة صنعاء، بشكل كلي، وتأمينه، من شأنه منع وصول أي تعزيزات قادمة للميليشيات. وسيمثل قطع إمدادات الميليشيات من هذا الطريق الحيوي تضييقاً عليها وسط مدينة الحديدة ومينائها، بعد عزل مطار الحديدة وما حوله، والتمهيد لاحقاً لمعركة قادمة باتجاه صنعاء عن طريق منطقة مناخة. كما أن السيطرة على مطار الحديدة، وتأمينه كلياً، سيمكن قوات الشرعية وقوات التحالف من تأمين جسر جوي للإغاثة، وسبق للحكومة اليمنية أن أعلنت عزمها إعادة تشغيل مطار الحديدة الدولي فور استعادة السيطرة عليه. ويعتبر العقيد عبدالرحمن صالح مرعي، أحد قيادات الجيش الوطني بمحافظة الحديدة في حديث ل«الخليج» أن تحرير مطار الحديدة الدولي سيفرض تغيراً فاصلاً في المعادلة العسكرية بالحديدة لصالح قوات الجيش المسنودة من قوات التحالف العربي وبخاصة القوات المسلحة الإماراتية. ويرى «أن انصياع زعيم جماعة الحوثي لمطلب تسليم ميناء الحديدة وانسحاب الميليشيات من عاصمة المحافظة لم يعد خياراً، بل اضطرار جراء المتغيرات في المعادلة العسكرية بالحديدة. ولفت إلی أن تحرير مطار الحديدة سيجبر الحوثيين على الانصياع لمطالب الانسحاب وتسليم الميناء، كون المطار الذي يقع جنوب المدينة، لا يبعد سوى أقل من 10 كيلومترات فقط عن الميناء، وهو ما سيجعل استعادته من قبضة الميليشيات أمراً محتوماً، في حال لم يتم تسليمه من قبل الأخيرة بشكل طوعي. وكشف العقيد مرعي عن قيام ميليشيات الحوثي بتحويل قاعدة جوية عسكرية، قريبة من مطار الحديدة، كانت تتمركز فيها عدة ألوية دفاع جوي، قبل اجتياح الميليشيات للحديدة في منتصف أكتوبر/تشرين الأول من العام 2014، إلى معسكرات لمقاتلي الميليشيات. وحتى، يوم أمس، والرأي العام اليمني والدولي، كان ينتظر أن تثمر زيارة المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن عن نتائج إيجابية لمشاوراته مع الانقلابيين في صنعاء، وبالأخص لجهة مقترح تجنيب مدينة الحديدة أية مواجهات عسكرية، غير أن صلف وتعنت جماعة الحوثي وميليشياتها، أحبطت جهود غريفيت، الذي غادر العاصمة دون أن يدلي بأي تصريح كعادته. وإزاء هذا التطور في محاولات الأمم المتحدة، وبعد جلستها المغلقة الطارئة في نيويورك حول اليمن، لم يعد ممكناً، على الأقل حالياً، وعلى المدى القريب جداً، التعويل على أية جهود سياسية أو دبلوماسية، بل صار واضحاً أن خيار الحسم العسكري لتحرير مدينة الحديدة والميناء، هو الخيار الوحيد. وما كان ممكناً لميليشيات الحوثي الانقلابية الإيرانية أن تطالب به قبل الآن، لم يعد مطروحاً، بعد رفضها مقترح تسليم ميناء الحديدة لإدارة أممية، وهو أيضاً، أمر لم يعد مقبولاً للحكومة الشرعية والتحالف الداعم لها، بعد إهدار الميليشيات الفرص السلمية التي كانت ممكنة سابقاً.
مشاركة :