كانبرا – كشفت دراسة أسترالية حديثة، أن نوعا غريبا من البكتيريا، يمكنه تحويل الضوء إلى وقود وأكسجين، في بيئات قاتمة بشكل لا يصدق، ما يساعد البشر على استعمار كوكب المريخ. الدراسة أجراها باحثون بالجامعة الوطنية الأسترالية، ونشروا نتائجها في العدد الأخير من دورية “علوم” (Science) العلمية. وأوضح الباحثون أن “هذه البكتيريا يمكن أن تساعد البشر يوما ما في استعمار كوكب المريخ، وتوسيع نطاق البحث عن الحياة على كواكب أخرى”. وأضافوا أن “هذه البكتيريا تسمى البكتيريا الزرقاء، وهي تمتص أشعة الشمس لخلق الطاقة، وهي شعبة من البكتيريا قادرة على التمثيل الضوئي، وعادة ما تعيش في الماء”. وتحتوي البكتيريا الزرقاء على 3 صبغات، الأخضر والأزرق والأحمر، والصبغة الخضراء هي “الكلوروفيل” وتساعدها في عملية التمثيل الضوئي، أما الصبغة الزرقاء فهي التي تعطيها اللون الأزرق، والسبب في ذلك يرجع إلى كثرة وجود اللون الأزرق داخلها. أما الصبغة الحمراء فهي “بيتا كاروتين”، ويستدل على وجودها من طائر “الفلامنجو”، فعندما يشرب الفلامنجو الماء، تدخل البكتيريا الزرقاء إلى جسمه، فيظهر اللون الوردي على بعض أجزاء جسمه. ويعتقد الباحثون أن “هذه البكتيريا يمكن أن تمتص فقط أطوالا موجية محددة من الضوء، لكن الدراسة الجديدة اكتشفت أن نوعا واحدا على الأقل من البكتيريا الزرقاء، يسمى (Chroococcidiopsis thermalis)، يعيش في بعض أكثر البيئات تطرفا في العالم، ويمكنه استيعاب الأطوال الموجية الشديدة والأقل نشاطا للضوء، ما يسمح له بالازدهار في الظروف المظلمة، مثل الأعماق تحت الماء وفي الينابيع الساخنة”. وقالت جينيفر مورتون، إحدى المشاركات في البحث العلمي، إن “هذا العمل يعيد تحديد الحد الأدنى من الطاقة المطلوبة في الضوء للتمثيل الضوئي”. وأضافت “قد يحدث هذا النوع من التمثيل الضوئي في حديقتك، أو تحت صخرة، لأنه تم العثور على نوع يشبه هذه البكتيريا ويعيش داخل الصخور في الصحراء”. وأشارت إلى أنه “من خلال دراسة الآلية الفيزيائية لقدرات امتصاص هذه الكائنات الحية، يتطلع الباحثون إلى معرفة المزيد عن كيفية عمل التمثيل الضوئي، ما يزيد من إمكانية استخدام كائنات مماثلة لتوليد الأكسجين في أماكن مثل المريخ”. وقال الدكتور إلماس كراوسز، أحد المشاركين في البحث، إن “هذا قد يبدو مثل الخيال العلمي، ولكن وكالات الفضاء والشركات الخاصة حول العالم، تحاول جاهدة لتحويل هذا الموضوع إلى حقيقة في المستقبل القريب”. وأضاف أنه “يمكن من الناحية النظرية تسخير التمثيل الضوئي مع هذه الأنواع من الكائنات الحية، لتوفير هواء لفائدة البشر للتنفس على المريخ”. وتابع “يمكن أن تنمو الكائنات الحية مثل البكتيريا الزرقاء التي ندرسها، تحت الصخور، ويمكن أن تنجو من الظروف القاسية على الكوكب الأحمر”. وتخطط وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) على المدى الطويل، لإنزال رواد فضاء على سطح المريخ في منتصف ثلاثينات القرن الجاري. وأرسلت ناسا منذ عام 2004 مركبات فضاء غير مأهولة؛ أبرزها المسباران “كوريوسيتي” و”أبورتسونيتي”، إلى كوكب المريخ، وقد أرسلت المركبات صورا عديدة إلى الأرض، وتواصل إجراء الأبحاث على سطح الكوكب الأحمر. ويهدف مشروع “مارس ون” الذي ترعاه ناسا، إلى إرسال مجموعة من الأشخاص في رحلة ذهاب بلا عودة إلى سطح المريخ للعيش عليه، مع العمل في نفس الوقت على تصويرها وتسويقها كعرض تلفزيوني، وبالفعل تطوّع 200 ألف شخص تقريبا من 140 دولة حتى الآن للقيام بالرحلة.
مشاركة :