الخرطوم: أحمد يونس نفى رئيس حزب الأمة القومي السوداني المعارض الصادق المهدي توصل حزبه إلى أي صفقة تكفل مشاركته في السلطة باعتباره رئيسا للوزراء، ترتيبا على استقباله الرئيس عمر البشير الشهر الماضي، كما نفى إجراء حزبه أي مباحثات بشأن مشاركته في السلطة القائمة. واجتمع الرئيس البشير بالمهدي 27 أغسطس (آب) الماضي في منزل الأخير مطولا، وقالا عقب الاجتماع إنهما اتفقا على أن تكون قضايا الحكم والدستور والسلام قضايا قومية لا يختص بها أو يسيطر عليها أحد، وإنهما اتفقا على إجراء الاتصالات اللازمة لإبرام اتفاقيات. والتقى المهدي بمنزله الخميس الماضي كلا من وزير المالية علي محمود، ومحافظ بنك السودان محمد خير، وقال المهدي في بيان عقب لقائه المسؤولين الكبيرين، إنهما قدما له شرحا وافيا عن الحالة الاقتصادية والمالية في البلاد، خاصة عزمهما على رفع الدعم عن المحروقات. وأثارت اللقاءات بين المهدي والبشير والمسؤولين الحكوميين تكهنات بشأن «صفقة» بين الزعيم المعارض والرئيس البشير تكفل له المشاركة في الحكومة، وإجراء تعديلات دستورية تكفل للأخير المشاركة في السلطة باعتباره رئيسا للوزراء. وقال المهدي مستخدما عبارة شعبية قطعية الدلالة «كو» (وتعني لا) إنه لم يستقبل الرئيس البشير ووزراءه بهدف المشاركة في السلطة، وأضاف وهو يتحدث للصحافيين أمس، إن لحزبه سياسة معلنة تقوم على تغيير النظام عبر العمل المدني بعيدا عن العنف المسلح والاستعانة بالأجنبي، وإنه تحدث إلى زواره وفقا لهذه الرؤية. وقطع المهدي بعدم وجود صيغة للمشاركة في الحكم لدى حزبه إلا بالصيغة التي حددها، وبعدم مشاركته في السلطة باعتباره رئيسا للوزراء، وقال: «ما في (لا يوجد) رئيس وزراء قادم، السودان لا يوجد فيه رئيس وزراء، نحن أصلا ما عندنا صيغة مشاركة، إلا في شكل حددناه». وقال المهدي إنه فهم زيارة وزيرة المالية ومحافظ البنك المركزي له بأنها تأتي كجزء من تنوير قالا إنهما سيقدمانه للأحزاب، ولا تعني أنهما جاءا ليشاوراه باعتباره رئيسا لوزارة قادمة، وإنه تحدث معهما حول موقف حزبه وسياساته. وجدد المهدي التأكيد بعدم وجود أي علاقات بين حزبه وحزب المؤتمر الوطني الحاكم خارج القضايا الوطنية، وقال إنه منذ البداية حدد موقفه وفصل فيه بين القضايا الوطنية، وسياسات حزب المؤتمر الوطني الحاكم، وقال: «اتصل بي السيد وزير المالية، وقال لي إنه هو ومحافظ البنك المركزي قررا المرور على رؤساء الأحزاب لتنويرهم بما يتعلق برفع الدعم، وإن الزيارة لم يكن مخططا لها، واستمعنا لهما وأخرجنا بيانا حول ما حدث، وأنا أقابل أي زائر يزورني وأنقل له رأي الحزب». وبشأن عمل حزبه المعارض قال المهدي، إن حملة جمع للتوقيعات «تذكرة التحرير» المطالبة برحيل نظام حكم الرئيس البشير مستمرة، وعلى الرغم من دعوته للرئيس البشير بالرحيل، فإن حكومته تميزه عن سواه من قوى المعارضة، لأن له شرعية تاريخية وشعبية، ولأنه يتكلم بموضوعية، ويميز بين ما هو وطني وما هو سياسات الحاكمين، وإنه يوزن مواقفه بحيث لا تختلط عليه الأمور. وشن المهدي هجوما عنيفا على السياسات الاقتصادية التي تتبعها حكومة البشير، وأرجع التدهور الاقتصادي والعجز المالي إلى قطع العلاقة مع جنوب السودان والحروب وفساد العلاقة مع المجتمع الدولي والدولة المترهلة الفاسدة. وسخر المهدي من سياسات الحكومة الرامية لرفع الدعم عن المحروقات، قائلا إنها تعبير عن فشل الإدارات المالية في تقديم علاج جذري للمشكلات التي تعاني منها البلاد، ووصفها بـ«تأهيل غرفة في سفينة تغرق»، لأنه يحمل المواطنين أخطاء النظام الحاكم وعجزه. واقترح المهدي لمواجهة التدهور الاقتصادي الوصول لحل للخلاف حول ما يجب على حكومة جنوب السودان دفعه مقابل نقل نفطها عبر الأنابيب والمنشآت السودانية، إحالة الأمر لمحكمة العدل الدولية حال تعثر الوصول لحل للقضية، وتحويل قضية الاتهامات المتبادلة بين البلدين بدعم كل منها لمتمردي الآخر، إلى التحكيم لدى مجلس السلم والأمن الأفريقي، وإيقاف الحروب في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، التي تصرف الدولة عليها، حسب قول المهدي، إيرادات شهر كامل في يوم واحد. واستطرد المهدي في تقديم رؤيته لمواجهة الأزمة الاقتصادية التي تواجهها البلاد، داعيا إلى تقليل الصرف الحكومي، وترشيد الحكومة ولجم الفساد، وإلى تحسين علاقات السودان مع المجتمع الدولي وتخفيف التوتر الذي يشوبها بسبب سجله السيئ في ملف حقوق الإنسان والمساءلة عن التجاوزات والتحول الديمقراطي وحرية المنظمات الطوعية في نجدة ضحايا الحروب.
مشاركة :