في مثل هذا اليوم من سنة 146م تنيح الأب القديس يوحنا الثاني، أسقف أورشليم، وكان قد ترهب في دير القديس إيلاريون مع الأب الكبير القديس أبيفانيوس أسقف قبرص (ذكرت سيرته تحت يوم 17 بشنس، ونقل جسده تحت يوم 28 بشنس).ذاعت فضائله وعلمه فاختاروه لكرسي أورشليم سنة 388م بعد رسامة القديس أبيفانيوس أسقفا علي قبرص، فضربه العدو بمحبة المال فجمع مالًا كثيرًا وصنع لمائدته أوان من الفضة وأهمل الفقراء والمساكين. ولما بلغ خبره القديس أبيفانيوس شق عليه ذلك لِما كان يعلمه عنه أولًا من الزهد والنسك والعبادة والرحمة. ونظرًا لصداقتهما القديمة قام من قبرص وأتى إلى أورشليم متظاهرًا أنه يقصد السجود بها وزيارة القديسين. وفي الباطن ليقابل الأب يوحنا. فلما وصل إلى هناك دعاه الأب يوحنا ووضع أمامه تلك الأواني الفضية علي المائدة فتوجع قلب القديس أبيفانيوس فدبر حيلة للاستيلاء عليها وذلك أنه قصد أحد الأديرة وحده وأرسل إليه يستعير منه تلك الأواني زاعمًا أن قومًا من أكابر القبرصيين أتوه ويريد أن يقدم لهم الطعام فيها. ولما أرسلها إليه أخذها وباعها وتصدَّق بثمنها على الفقراء. وبعد أيام طالبه الأب يوحنا بالأواني فاستمهله. وكرر مرة ثانية وثالثة وإذ لم يردها له تقابل معه ذات يوم في كنيسة القيامة قائلًا له: "لا أتركك حتى تعطيني الأواني" فصلي القديس أبيفانيوس إلى السيد المسيح من أجل صاحبه القديم. فعمي وبكي واستغاث بالقديس أبيفانيوس فصلي القديس لاجله. فبرئت إحدى عينيه فالتفت إليه وقال له إن السيد المسيح قد ترك هذه العين الأخرى بدون بصر تذكرة لك. ثم ذكره بسيرته الأولى الصالحة وأعلمه أنه باع الأواني وتصدَّق بثمنها وأنه ما جاء إلى القدس إلا ليتحقق ما سمعه عن بخله ومحبته للعالم.فانتبه الأب يوحنا من غفلته وسلك في عمل الرحمة سلوكًا يفوق الوصف فتصدَّق بكل ما يملك من مال وثياب وأوان وزهد في كل أمور العالم حتى إنهم لم يجدوا عند نياحته درهمًا واحدًا، وقد وهبه الله موهبة شفاء المرضى وعمل الآيات وبعد أن أكمل في الرئاسة إحدى وثلاثين سنة تنيح بسلام.
مشاركة :