أثبتت جماهير الدول اللاتينية أنها أكثر حضوراً لمؤازرة منتخبات بلادها رغم المسافات البعيدة بين أميركا الجنوبية وروسيا. تبعد العاصمة الروسية موسكو 10173 كيلومتراً عن نظيرتها المكسيكية مكسيكو سيتي و11906 كيلومترات عن العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس و12636 كيلومتراً عن ليما عاصمة بيرو. لكن على الرغم من تلك المسافات تمتلئ العاصمة الروسية وغيرها من المدن الروسية بالعديد من الجماهير القادمة من الدول اللاتينية، التي لا تقدم داخل الملعب مردوداً يناسب هذه السطوة التي بسطتها جماهيرها على روسيا وملاعبها. وكانت الجماهير المكسيكية والأرجنتينية والبرازيلية والكولومبية أكثر وجوداً في بطولات كأس العالم الماضية، واستمرت هذه الظاهرة في المونديال الحالي رغم المسافات البعيدة بين أميركا الجنوبية وروسيا. وقال الكولومبي بابلو فرانكو، الذي جاء إلى روسيا من مدينة ميديين الكولومبية برفقة والده وابن عمه لمشاهدة مباريات المونديال: "هنا نبدو نحن الشعب اللاتيني كما لو كنا في بلادنا، حب كرة القدم في أميركا اللاتينية يحفز الرغبة لدى الناس بالمجيء إلى هنا". خمس دول وطبقاً للإحصائيات التي كشف عنها الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" قبل أيام من انطلاق المونديال، فإن هناك خمس دول من أميركا اللاتينية ضمن قائمة الدول العشر الأكثر شراء لتذاكر مباريات المونديال الروسي. وتأتي البرازيل في المركز الثاني بعد الولايات المتحدة الأميركية برصيد 72512 تذكرة، تليها كولومبيا (65234 تذكرة)، وتضم القائمة أيضاً المكسيك (60302 تذكرة) والأرجنتين (54031 تذكرة) وبيرو (44583) تذكرة. لكن في الحقيقة تتجاوز الأعداد المذكورة هذه الأرقام بفارق كبير، إذ إن العديد من الجماهير اللاتينية، التي اشترت التذاكر تحمل جوازات سفر أميركية وأوروبية. وأبرز مثال على هذا التصور هو ليليان كامبل، أحد المشجعين البيروفيين الذين جاءوا إلى روسيا من أجل رؤية عودة منتخب بيرو إلى المونديال بعد 36 عاماً من الغياب. ويعيش كامبل، الذي جاء إلى روسيا برفقة صديقته ومجموعة من الأصدقاء مكونة من 10 أشخاص، في الولايات المتحدة الأميركية. وقال كامبل، الذي زار ثماني مدن روسية لرؤية مباريات مختلفة: "نحن شعب بيرو جئنا من كل مكان، من ليما، ومن أوروبا والولايات المتحدة الأميركية أيضاً، كنا نرغب في المجيء إلى هذا المونديال بأي طريقة، حتى لو لم تتأهل بيرو". وفي مدينة سارانسك، التي لعبت فيها بيرو مباراتها الأولى في البطولة أمام الدنمارك، كانت أعداد جماهير بيرو تفوق بشكل كبير نظيرتها الدنماركية، بنسبة 100 مقابل واحد. جماهير بيرو وانتقل 15 ألف شخص من جماهير بيرو إلى المدينة المذكورة، التي تبعد 600 كيلومتر عن شرقي موسكو لمشاهدة المباراة، حتى يمكن القول، إن هذه الجماهير كانت تمثل في بعض الأحيان 5 في المئة من مجموع سكان المدينة. وحدث شيء مماثل في سوتشي، التي توافدت عليها جماهير بنما لمشاهدة مباراة فريقها الأولى في بطولات كأس العالم أمام بلجيكا، وتفوقت على جماهير الأخيرة من الناحية العديدة بشكل كبير. وتفوقت الجماهير الأرجنتينية أيضاً في العدد على الجماهير الآيسلندية، التي سجلت حضورها بصيحاتها الشهيرة، وكان المدير الفني لآيسلندا، هيمير هالجريمسون، أول من أشار إلى هذا الفارق عندما تساءل قائلا: من أين أتت جماهير الأرجنتين بهذا الكم الكبير من التذاكر؟ ويبدو أن انتصارات الدول اللاتينية في المونديال تبقى محصورة في التواجد المكثف لجماهيرها في الشوارع وحسب ولا تتعدى إلى الملاعب ونتائج المباريات. وبجانب هذا التفوق في الحضور، تورطت الجماهير اللاتينية في أحداث خطيرة خارج الملعب، إذ شهدت الأيام الأخيرة قيام بعض من هذه الجماهير بمضايقة بعض السيدات الروس والتهكم على جماهير من أصول عرقية أخرى، مما دفع القنصلية الكولومبية في روسيا إلى مطالبة جماهيرها باحترام الآخرين والالتزام بالسلوك الجيد وأن يمثلوا بلادهم خير تمثيل.
مشاركة :