ليندا غيبستحتل دولة الإمارات مكانة مرموقة باعتبارها مركزاً إقليمياً في مجال بناء الشفافية وتعزيز الثقة بالحكومة. وتعتبر دبي رائدة في مجال تكنولوجيا المدن الذكية، من خلال اعتماد خريطة طريق لاحتضان الابتكار.إذا كنت تمر بما أمر به، فإن بريدك الوارد مملوء برسائل تتعلق بتحديث سياسات حماية خصوصية البيانات. إذ تتنبّه التطبيقات النقالة على اختلافها إلى الممارسات التي تؤدي إلى الاستحواذ على بيانات عملائها، وتؤكد لهم أنهم من يملكون زمام السيطرة. إنني أشعر بالامتنان لما يحدث من صراحة وشفافية حول كيفية استخدام بياناتي، ولأن ثمة من خصص بعضاً من وقته ليعلمني بذلك. ماذا لو اتبعت الحكومات النهج ذاته، وأبقت متلقي الخدمات على اطلاع بكيفية استخدام البيانات التي يقدمونها عند التواصل مع الجهات الحكومية؟ ففي عالم يشهد تغيراً متسارعاً في انتشار البيانات، أظهرت الحكومات تباطؤاً في الاستفادة من قوة البيانات من أجل إنتاج معرفة يمكنها إحداث أثر، كما أخفقت الحكومات في إدارة عمليات التواصل فيما يخص سياسات الخصوصية، بشكل يبني جسوراً من الثقة بينها وبين عملائها.لا بد من معالجة هذا الخلل الخطير، إذا ما أردنا النجاح في توفير خدمات حكومية أكثر كفاءة. ومع انعدام الثقة، ستحول مخاوف العملاء دون الوصول إلى البيانات، وستبقى المعلومات والمعارف حبيسة مستودعات البيانات الإدارية، وستبقى أسرار الخدمات المحسنة دفينة إلى الأبد. وتحتل دولة الإمارات مكانة مرموقة باعتبارها مركزاً إقليمياً رائداً في مجال بناء الشفافية وتعزيز الثقة بالحكومة. قمت بزيارة دبي في مطلع شهر مايو/أيار وشاركت في منتدى الاقتصاد الذكي الذي أقيم ضمن فعاليات قمة عرب نت الرقمية 2018. لقد تأثرت بما عرفته في هذا المنتدى. فقد تم تصنيف حكومة دولة الإمارات من بين أكثر الحكومات جدارة بالثقة وفق «مؤشر إدلمان للثقة 2018»، حيث سجلت الحكومة معدلات ثقة مرتفعة في التقرير الأخير. وتعتبر دبي على وجه الخصوص رائدة في مجال تكنولوجيا المدن الذكية، من خلال اعتماد خطة دبي الذكية 2021، باعتبارها خريطة الطريق في مسيرتها التي تهدف إلى احتضان الابتكار وتوفير تجربة متميزة للمقيمين والزوار.ومن خلال اعتماد دولة الإمارات للسياسات المذكورة أدناه في مسيرتها نحو تحقيق أهداف المدينة الذكية، فإنها ستسهم في خلق نموذج يحتذى حول العالم، وتعزيز مكانة دولة الإمارات باعتبارها الدولة الأكثر ثقة. وقد شهدنا مؤخراً تأكيد مسؤولين في وزارة المالية على أهمية الحفاظ على معايير خصوصية البيانات. وتأتي هذه التأكيدات في الوقت المناسب، بعد أن شهدت شركة «كريم» اختراقاً لبياناتها. اعتماد سياسة خصوصية واضحة وإجراء عمليات تحديث روتينية والتواصل بشأنها مع العامة، ومع المقيمين بشكل فردي. فلم يكن لدى أي من الجهات الحكومية التي عملت فيها سياسة خصوصية سهلة الفهم، عدا عن جملة عدم مشاركة المعلومات الخاصة بالعملاء مع أشخاص غير مخولين برؤيتها. يتعين على الجهات الحكومية أن تنتهج سياسات خصوصية واضحة، وسهلة الاستخدام، تحدد الاستراتيجية التي تنتهجها في استخدام البيانات وحماية المعلومات الشخصية واتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة أي خروق. وقد قامت مؤسسة «صن لايت» بجمع مجموعة كبيرة من الأمثلة على هذه السياسات من أجل دراستها. ولا بد من ضمان استخدام تقنيات الأمن الأفضل في فئتها، وتوفير أعلى مستويات الحماية لمعلومات التعريف الشخصية. وفي سبيل تحقيق مكاسب في مجال دمج إيجابي للبيانات، لا بد من بناء أرضية صلبة من أجل حماية البيانات من الاختراقات المتعمدة وغير المتعمدة. تحدد معايير البرنامج الفيدرالي لإدارة المخاطر والتراخيص (FedRAMP) الذي وضعته الولايات المتحدة نهجاً صارماً فيما يتعلق بالبيانات الحكومية، كما هو الأمر في معيار أمن البيانات الخاصة ببطاقات السداد. كذلك، يجب احتضان المصادر المفتوحة فيما يخص الترميز، والخوارزميات والبيانات بحد ذاتها. فالشفافية مهمة جداً. ومن خلال المشاركة الكاملة لاستخدامات البيانات، وكيفية تنسيقها والتصرف فيها لاكتساب المعرفة عبر الخوارزميات ونشر البيانات بحيث يمكن لأي شخص استخدامها، يمكن للحكومة أن تتصرف بعيداً عن حاجز السرية، الذي يقوض الثقة التي منحها إياها العامة. يوفر دليل مجموعة GitHub TODO Group مجموعة من التوجيهات لاستكشاف هذه العملية. وأخيراً يجب التدقيق الصارم منعاً للتحيز في البيانات وحرصاً على النزاهة في التفسير والتطبيق. فعمليات «تدقيق» الخوارزميات، للتحقق من جودة الافتراضات واستكشاف الأخطاء والتحيز، تعتبر أداة صحية لتعزيز جودة استخدام البيانات. ويؤدي توسيع نطاق استخدام هذه الأداة لتشمل تعزيز فهم مواقف متلقي الخدمات حول كيفية استخدام بياناتهم، إلى إتاحة الفرصة أمام مشاركة المواطنين ومجموعات المهتمين في المنتج، ما يؤكد ثقتهم بهذه العملية. وتضع Data Futures Partnership في نيوزيلندا هذا النوع من الممارسات قيد الاستخدام.ويمكن أن يكون مستقبل الخدمات الحكومية أكثر ذكاء وفعالية وكفاءة، إذا ما استخدمنا البيانات بحكمة. يجب التغلب على تشكيك العامة في كيفية استخدام معلوماتهم، وإساءة استخدامها من خلال تنفيذ سياسات شفافة من أجل حماية المعلومات الخاصة وإشراك العامة في هذه العملية. وتلعب دولة الإمارات دوراً مهماً في هذا السياق من خلال تقديم نموذج يحتذى لبقية دول المنطقة ومواصلة التقدم نحو حكومة أكثر ذكاء.* مدير قسم الخدمات الاجتماعية في «بلومبيرج أسوسيتس»