يصوت الكنيست الإسرائيلي (البرلمان) اليوم بالقراءة النهائية على مشروع قانون لحل نفسه والذهاب إلى انتخابات عامة مبكرة في 17 آذار (مارس) المقبل، بعد أن أعلن حزب «إسرائيل بيتنا» بزعامة وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان رفضه التجاوب مع محاولة زعيم «ليكود»، رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو إلغاء تبكير الانتخابات وتشكيل ائتلاف حكومي جديد مع المتدينين المتزمتين (شاس ويهدوت هتوراه) يقوم على غالبية 61 نائباً من مجموع 120. من جهتها، واصلت أحزاب الوسط ويسار الوسط اتصالاتها لتشكيل قائمة انتخابية مشتركة لمواجهة نتانياهو الذي لا يحظى بدعم علني سوى من «البيت اليهودي». وكانت تقارير صحافية أكدت أن نتانياهو جسّ النبض نهاية الأسبوع مع ليبرمان والأحزاب الدينية المتزمتة لتشكيل حكومة جديدة برئاسته تحول دون الذهاب إلى انتخابات مبكرة. لكن ليبرمان، الذي التقاه نتانياهو مساء السبت على هامش زيارته لتعزيته بوفاة والدته، أبلغه رفضه تشكيل حكومة بديلة، وهو ما أكده الحزب أمس في بيان قال فيه إن تشكيل حكومة بديلة ذات غالبية مهزوزة سيرجئ نهاية الحكومة لوقت ما، لكنه لن يمنحها الاستقرار ولن يحول دون تقديم الانتخابات بعد سنة تُهدر فيها بلايين الدولارات لتحافظ على وجودها. وعزا مراقبون محاولات نتانياهو إلى استطلاعات الرأي الأخيرة التي أشارت إلى أنه في حالات معينة ليس أكيداً أن تناط رئاسة الحكومة الجديدة بنتانياهو، وأنه في وسع تكتل أحزاب الوسط أن يشكل نداً لليمين المتشدد (ليكود و»البيت اليهودي)، خصوصاً أن «النجم الصاعد» موشيه كحلون الذي ترك «ليكود» ويخوض الانتخابات في قائمة مستقلة يتوقع أن تحصد 12 مقعداً، لم ينف احتمال الانضمام إلى حكومة بزعامة زعيم «العمل» اسحق هرتسوغ. كذلك لم ينفِ ليبرمان هذا الاحتمال، وهو ما أكده البيان بقوله إن «الحزب لا يلغي أياً من الأحزاب لتكون شريكة في الحكومة». وكان كحلون انتقد في تصريح سياسي هو الأول له بعد انسلاخه عن «ليكود» قبل عامين، «الحزب الذي تطرف في مواقفه ولم يعد يمثل ليكود الحقيقي». وأضاف أنه يعتبر نفسه «وسطياً، مع يمينية ما»، وأن «ليكود الحقيقي يعيد أراضيَ (محتلة)، ويعرف كيف يصنع السلام من خلال التنازل عن أراض، لكن أيضاً مع التحلي بالمسؤولية». ورأى مراقبون في هذه الأقوال انتقاداً مباشراً لنتانياهو الذي يقود «ليكود» منذ تسعة أعوام متتالية. وتزامن هذا الكلام مع استطلاع في الرأي أفاد أن «ليكود» بزعامة النائب الأكثر تطرفاً موشيه فيغلين أو النائب داني دانون اللذين ينافسان نتانياهو على زعامة الحزب، سيفوز بـ 18 مقعداً (عدد المقاعد ذاته في الكنيست الحالي) بينما يفوز بـ 22 بقيادة نتانياهو. ورأى معلقون أن هذا الفارق البسيط لمصلحة نتانياهو «يعكس وضعه الإشكالي داخل الحزب كما في الشارع الإسرائيلي»، وأنه لم يعد ذلك الزعيم المُتوَج لـ «ليكود» بلا منافس. ودعا نتانياهو اللجنة المركزية لحزبه «ليكود» إلى اجتماع اليوم في مستوطنة «آريئل» لوضع نظام انتخاب زعيم للحزب ومرشحي قائمته الانتخابية، وليطلب تبكير موعد انتخاب زعيم الحزب المقرر في السادس من الشهر المقبل. وأرجعَ مراقبون الطلب «المستعجل» إلى مخاوفه من عودة جدعون ساعر، الوزير السابق الذي يحظى بأوسع شعبية في الحزب، إلى الساحة السياسية ومنافسته له على زعامة الحزب. وأضافوا أن نتانياهو يحاول اختصار المدة الزمنية كي لا يتمكن ساعَر من ترتيب أوراقه، علماً أن الأخير لم يعلن موقفه بعد. وتجاهل نتانياهو في تصريحاته الأسبوعية أمس في مستهل اجتماع حكومته المقلصة بعد إقالة وزراء «يش عتيد» و»الحركة»، قضية الانتخابات وآثر الحديث عن الأوضاع الأمنية في المنطقة بقوله إن «إسرائيل تتابع باهتمام شديد وآذان صاغية وأعين مفتوحة الشرق الأوسط وما يحصل فيه، ويحصل فيه الكثير». وأضاف أن إسرائيل «ستبقى متيقظة على الدوام، وسنعالج التهديدات والتحديات غير المتوقفة، بمسؤولية كبيرة كما فعلنا حتى اليوم». إلى ذلك، أكدت تصريحات وزراء مقربين من نتانياهو من جديد أن حملة الحزب الانتخابية ستدور على شخص نتانياهو، وأن الرسالة التي ستطرح على الناخبين ستقول إنهم أمام أحد خيارين: نتانياهو كزعيم «لمعسكر اليمين القومي»، أو (رئيس حزب العمل الوسطي) اسحق هرتسوغ «زعيم اليسار»، على رغم أن هرتسوغ نفسه ينفي يساريته ويموْضِع نفسه في الوسط، وأعلن أنه يستثني القوائم العربية من تكتل أحزاب الوسط واليسار الصهيوني. وعندما سئل الوزير يوفال شتاينتس عن موقع زعيم «يش عتيد»، وزير المال المقال يئير لبيد، رد مستهتراً أن الأخير «ليس ذا شأن»، بانياً على استطلاعات الرأي التي تفيد أن حزب لبيد قد يخسر في الانتخابات المقبلة نصف مقاعده. من جهته، أعلن زعيم حزب المستوطنين «البيت اليهودي» نفتالي بينيت المرشح أن يسجل إنجازاً كبيراً في الانتخابات المقبلة، ليرتفع تمثيل حزبه في الكنيست من 12 إلى 16-18 مقعداً، أنه اتفق مع نتانياهو على عدم تهجم الواحد على الآخر مثلما حدث في الانتخابات السابقة، وأنهما يأملان في تشكيل «تكتل قومي قوي». وقال إن الانتخابات المقبلة ستتناول سؤال: «هل تتبنى إسرائيل سياسة العظَمة أو الضعف، سياسة المناعة أم التهادن». وتابع أنه «ليس مهووساً بمنصب رئيس الحكومة»، معتبراً الانسحاب من الضفة الغربية «انتحاراً وطنياً بالنسبة إلى إسرائيل» وأن حل الدولتين «ليس عملياً»، معرباً عن معارضته التامة لإعادة تقسيم القدس (أي الانسحاب من القدس الشرقية). تحالف «العمل» و»الحركة»؟ في الجهة الأخرى، تعززت الأنباء أمس عن تحالف وشيك بين «العمل» و»الحركة» بزعامة وزيرة القضاء المُقالة تسيبي ليفني، وبمشاركة رئيس حزب «كديما» المتلاشي شاؤول موفاز. وتسربت أنباء عن أن الرئيس السابق شمعون بيريز هو الذي يسعى وراء الكواليس إلى تشكيل تكتل من أحزاب الوسط لمنافسة تكتل اليمين بزعامة نتانياهو. وأشارت استطلاعات رأي أجراها حزب «العمل» إلى أن التحالف مع ليفني يزيد عدد المقاعد المتوقع أن يحصل عليها الحزبان مجتمعين لو خاضا الانتخابات كلاً على حدة، بينما التحالف بين ليفني ولبيد لا يؤدي إلى نتيجة مماثلة. وسعت أوساط ليفني إلى التأكيد أن الحديث هو عن تحالف حزبين في قائمة انتخابية واحدة وليس عن اندماج حزبها في «العمل». لكن هذا التحالف يلقى معارضة داخل كل من الحزبين، إذ أعلن النائب اليعيزر شطيرن من «الحركة» الذي يعتبر يمينياً، أنه لن ينضم إلى قائمة مع «العمل» بداعي أن مواقف الأخير لا تناسبه، فيما أعلن النائب مئير شيطريت، الذي ترعرع كما ليفني في «ليكود»، أن لا مشكلة لديه في تحالف مع «العمل». كذلك يشهد حزب «العمل» احتجاجات من بعض النواب الذين يخشون أن يجدوا أنفسهم في مواقع غير مضمونة في القائمة الانتخابية بسبب تحصين هرتسوغ عدداً من الأماكن المتقدمة لخمسة نواب من «الحركة» وللنائب شاؤول موفاز. وهدد نواب بـ»انتفاضة» ضد هرتسوغ «الذي يتجاهل مع مؤسسات الحزب الديموقراطية».
مشاركة :