خلال فترة الحرب العالمية الثانية، امتلكت ألمانيا سلاحا مرعبا كان قادرا على قلب موازين الحرب لصالحها. وحتى الأشهر الأخيرة من الحرب العالمية الثانية رفض القائد النازي أدولف هتلر استخدام هذا السلاح والذي لم يكن سوى غاز السارين القاتل، حسبما جاء في «العربية.نت». وتعد ألمانيا سبّاقة في مجال إنتاج واستخدام الأسلحة الكيمياوية، فخلال فترة الحرب العالمية الأولى أصبحت ألمانيا أول دولة تعمد إلى استخدام هذه الأسلحة المحرمة دوليا بشكل مكثف عقب إقدامها على توجيه غاز الكلور السام نحو قوات الحلفاء ببلجيكا سنة 1915. كما تعد ألمانيا أول من اكتشف أشهر وأبرز الغازات الكيمياوية في التاريخ البشري ألا وهو غاز السارين. ويعود تاريخ ظهور هذا الغاز الكيمياوي القاتل إلى فترة ثلاثينيات القرن الماضي. واكتشف عالم الكيمياء الألماني جيرهارد شريدر سنة 1936 وأثناء عمله داخل مختبره على إنتاج مبيد بمحض الصدفة «التابون» والذي يصنّف كمادة سامّة وقاتلة بسبب تأثيراته المرعبة على الجهاز العصبي. وبسبب هذا التأثير القاتل، كان من المستحيل استعمال هذا العنصر الجديد كمبيد للحشرات، وعقب عرضه على الجيش الألماني تم رسميا تسميته بالتابون. وعاد العالم الألماني جيرهارد شريدر ليواصل أبحاثه برفقة عدد من زملائه حول مبيد الحشرات، انطلاقا مما توصل إليه سابقا حول التابون. ومن خلال حزمة ثانية من الأبحاث اكتشف شريدر وزملاؤه سنة 1938 السارين، الذي كان أشد فتكا وخطورة من التابون. وأنتجت ألمانيا ما بين شهري سبتمبر سنة 1939 ومايو سنة 1945ما لا يقل عن 12 ألف طن من السارين، وهو ما كان كافيا لإبادة عشرات الملايين. وطالب كبار القادة العسكريين الألمان أدولف هتلر باستخدام السارين ببداية الحرب العالمية الثانية لحسم المعارك بشكل مبكر، لكن في المقابل امتنع القائد النازي عن ذلك مفضلا عدم اللجوء إلى هذا السلاح الفتاك لمواجهة قوات الحلفاء. وبحسب بعض المؤرخين، رفض هتلر استخدام السلاح الكيمياوي خلال الحرب العالمية الثانية ضد الحلفاء بسبب تجربته السيئة أثناء الحرب العالمية الأولى مع غاز الخردل عندما كان مجندا لصالح الجيش الألماني. فخلال الليلة الفاصلة بين يومي الثالث عشر والرابع عشر من شهر تشرين الأول/أكتوبر سنة 1918 تعرضت الفرقة العسكرية الألمانية التي تواجد ضمنها أدولف هتلر إلى هجوم بغاز الخردل خلال معركة إيبر الرابعة، وبسبب ذلك أصيب القائد النازي بأضرار في عينيه استوجبت نقله للمستشفى. فيما لم يمانع هتلر استخدام الغازات القاتلة داخل غرف الغاز بمعسكرات الموت التي كانت تديرها فرق الأس أس، حيث عمدت قواته إلى استعمال العديد من الغازات القاتلة، كان أبرزها زيكلون ب (Zyklon B) لإبادة الملايين من المعتقلين. واتجه أغلب المؤرخين إلى الحديث عن نظرية أخرى، وهي عدم تلاؤم فكرة استخدام السلاح الكيمياوي مع الحرب الخاطفة، حيث يؤمن المؤرخون بنظرية تخوّف أدولف هتلر من ردّة فعل الحلفاء في حال استخدامه للسلاح الكيمياوي. ففي تلك الفترة، كان رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل أشد المساندين لفكرة استخدام السلاح الكيمياوي خلال الحروب القصيرة، وغير المتكافئة. وبحسب توجهات تشرشل يمثل السلاح الكيمياوي أداة موت رحيمة وغير مكلفة مقارنة بالقذائف والقنابل والرصاص. وإثر سماعه بإمكانية استخدام الألمان للسلاح الكيمياوي، أمر ونستون تشرشل القيادة العسكرية البريطانية سنة 1943 بالاستعداد لبدء حرب كيمياوية، وطالب باستهداف المدن الألمانية بشكل واسع. وحتى اليوم، لايزال سبب رفض أدولف هتلر استخدام السلاح الكيمياوي خاصة غاز السارين الذي امتلكت منه ألمانيا مخزونا هائلا موضع جدل، فعلى الرغم من تغيير موازين القوى حينها واقتراب سقوطه عارض القائد النازي بشدة فكرة اللجوء للسارين.
مشاركة :