مرتفعات الجولان تشعل الصراع الإيراني - الإسرائيلي

  • 6/23/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تواصل سلطة الاحتلال الإسرائيلية ضغوطها من أجل الاعتراف الأمريكى بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان، وعلى الرغم من التلميحات الإسرائيلية من جانب وزير الاستخبارات الإسرائيلية «يسرائيل كاتز»، بأنه لا يوجد تخمين عام حول هذا الأمر، فإن هناك العديد من المسئولين الإسرائيليين الذى أكدوا ذلك، حيث تم عرض هذا الاتفاق على الإدارة الأمريكية بكل مستوياتها بما فى ذلك محادثة بين الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، خاصة بعد إعلان الولايات المتحدة الأمريكية انسحابها فى الثامن من مايو ٢٠١٨، وأن هذا الأمر على مائدة الأمريكيين والإسرائيليين معًا.تصعيد "إسرائيلى-إيرانى"كان إعلان الجيش الإسرائيلى فى ١٠ فبراير٢٠١٨، إسقاطه طائرة إيرانية بدون طيار، مؤشرًا على حالة التصعيد بين إيران وإسرائيل، وهو ما يؤكد أن العديد من القوى التى تتصارع فوق الأراضى السورية يمكن أن تتقاطع وتسهم فى اندلاع مواجهة كبيرة فى الداخل السورى.وعليه قامت إسرائيل بقصف العديد من المناطق والمواقع العسكرية الإيرانية فى سوريا، حيث استهدفت مطار التيفور العسكرى فى ٩ أبريل ٢٠١٨م، والذى أدى إلى مقتل أفراد الحرس الثورى الإيرانى، فى حين أصابت نيران من داخل سوريا مقاتلة إف ١٦ إسرائيلية وأسقطتها، بعد أن قصفت أهدافًا إيرانية فى سوريا.كما توالت الدعوات الإسرائيلية للمجتمع الدولى بالتصدى لمساعى إيران فى المنطقة، وزعزعة الاستقرار، فى إعلان منها عزمها منع إيران من إقامة قواعد عسكرية أخرى يمكن من خلالها تهديد إسرائيل ومهاجمتها، من خلال محاولة ترسيخ وجودها العسكرى فى سوريا أو بناء مصانع للصواريخ فى لبنان.إسرائيل وحماسعلى الجانب الآخر، قد يقوم نتنياهو ببعض الترتيبات الداخلية أو مع حماس فى قطاع غزة، بعض تلك الإجراءات لتقليل الضغط على حماس، فى مقابل تعهد حماس بوقف كامل لإطلاق الصواريخ وحفر الأنفاق التى من خلالها يهاجمون إسرائيل وعودة جثث الضحايا الإسرائيليين والمدنيين الذين تحتجزهم حماس.يأتى ذلك على خلفية إدراك نتنياهو أن موجات الفلسطينيين، التى تفرض السياج على طول واجهته الجنوبية تجعل من الصعب على الإدارة الأمريكية أن تواصل دعمها الكامل والصارم لإسرائيل. ردًا على ذلك، ترغب حكومة نتنياهو فى قطع شوط طويل باتجاه ترامب من أجل الحصول على دعم دائم وشامل على طول الجبهة الشمالية، التى تعتبر حسب نتنياهو، جبهة إسرائيل الحقيقية والتى تشمل مرتفعات الجولان.مرتفعات الجولان.. عمق إستراتيجىظهرت هذه الفكرة بداية مع «زفى هاوسر» الذى كان يعمل سكرتيرًا لرئيس الوزراء نتانياهو فى الفترة من ٢٠٠٩ إلى ٢٠١٣، وكانت رؤيته تتمثل فى أن مرتفعات الجولان تمثل ١٪ فقط من الأراضى السورية وتسيطر إسرائيل على هذه المنطقة منذ أكثر من ٥٠ عامًا، وبالفعل تم تطبيق القانون الإسرائيلى على مرتفعات الجولان لمدة ٣٦ عامًا منذ ١٩٨١، ويعتقد «هاوسر»، بأن سيطرة الإسرائيليين على الجولان لا بد وأن يكون الخيار الوحيد بل الخيار الأفضل من سيطرة تنظيم داعش أو إيران.وعلى ذلك اقترح «هاوسر» هذه الفكرة خلال العامين الأخيرين من إدارة الرئيس الأمريكى السايق باراك أوباما، وعبر عن ذلك الفريق الأمنى بقيادة الجنرال «جون ألين» بالعمل مع نظرائهم الإسرائيليين لتوضيح المصالح الأمنية لإسرائيل، قبل صياغة «خطة أمنية» أمريكية، كما اقترح «هاوسر» أن عملهم يجب ألا يتوقف عند الجزء الجنوبى من مرتفعات الجولان حيث تتلاقى حدود إسرائيل وسوريا والأردن، لكنها تتجه شمالًا؛ حيث تعتبر هضبة الجولان مصلحة استراتيجية إسرائيلية من الدرجة الأولى. فى وقت لاحق، وبعد أن وقعت القوى العالمية على الاتفاقية النووية مع إيران، اقترح البعض على نتنياهو أن يضع حدًا لحملته الشخصية ضد الاتفاق ويصل إلى «صفقة» مع الأمريكيين بدلًا من ذلك على أن يكون أحد مكونات هذه الصفقة هو اعتراف أمريكى بضم إسرائيل مرتفعات الجولان.الانسحاب الأمريكى وفرص الاتفاقبعد الانسحاب الأمريكى من الاتفاق النووى الإيرانى مؤخرًا، كان من المنطقى والضرورى بالنسبة لإسرائيل أن تركز على صفقة الجولان ومحاصرة إيران فى سوريا، خاصة أن الهجمات الإيرانية على إسرائيل كانت تركز بشكل أساسى على مرتفعات الجولان، وعلى الأقل يمثل الانسحاب الأمريكى من الاتفاق النووى فرصة ذهبية لإسرائيل والتى من غير المرجح أن تكرر نفسها مرة أخرى، لقد ألغى ترامب الاتفاق النووى، رغم أن إيران كانت دقيقة فى الوفاء بجزأها من الاتفاق، وهو أمر لم يسبق له مثيل. ولهذا السبب سيكون من الممكن توقع شراكة ترامب مع إسرائيل حول قضية الجولان.ويرى «ريتا كاتز» وهو سياسى إسرائيلى يعمل حاليًا عضوًا فى الكنيست عن حزب الليكود ومنصب وزير النقل ووزير الاستخبارات والطاقة الذرية، فى مقابلة مع رويترز فى ٢٣ مايو ٢٠١٨، أن هناك فرصة جيدة بأن يعترف الأمريكيون بجولان إسرائيل كأراضٍ إسرائيلية، وأن هذا سيكون ردًا قويًا على إيران وجهودها لإقامة جبهة ضد إسرائيل فى سوريا. وبحسب كاتز، فإن مثل هذه الخطوة من شأنها «معاقبة» العدوان الإيرانى وإرسال رسالة واضحة إلى الرئيس السورى بشار الأسد، الذى سمح لإيران بتحويل بلاده إلى قاعدة لعمليات ضد إسرائيل. كل هذا من شأنه أن يعزز قدرة إسرائيل على الدفاع عن نفسها.كما أن الرئيس ترامب يدرك أهمية العمق الاستراتيجى فيما يتعلق بإسرائيل، وإن مرتفعات الجولان هى عمق استراتيجى حيوى فى الاشتباك الأخير مع القوات الإيرانية حول مرتفعات الجولان، حيث أطلقوا ٣٢ صاروخًا على إسرائيل، لكن أربعة منها فقط سقطت فعليًا فى الأراضى الإسرائيلية والتى تم إسقاطها بواسطة نظام، الدفاع العسكرى المضاد للصواريخ Iron Dome، فى حين معظم الآخرين سقطوا فى الأراضى السورية. فماذا كان سيحدث لو تم إطلاق هذه الصواريخ من هضبة الجولان بالقرب من بحيرة طبرية على البلدات والقرى الإسرائيلية فى الجليل؟وعلى ذلك، تأمل إسرائيل فى الحصول على اعتراف أمريكى وفق استنادها إلى حقيقة أن سيطرة إسرائيل على مرتفعات الجولان لا تنطوى على احتلال شعب آخر، كما يحدث فى الضفة الغربية أو كما حدث فى غزة مع ملايين الفلسطينيين، حيث تعتقد إسرائيل أن الوضع الحالى فى سوريا والجمع بين الظروف الحالية هو لصالحها ويخدم أهدافها المتمثلة فى اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان.الموقف الإيرانىتعتمد قدرة إيران على البقاء قرب حدود الجولان إلى حدّ كبير على روسيا، التى توفّر غطاء جويًا وقدرًا من الردع لإسرائيل. لكن، وكما يبدو الآن، إذا لم يرغب الروس بأن تهدّد إيران إسرائيل من الجولان، ستجد الجمهورية الإسلامية صعوبة جمّة فى البقاء هناك.على الجانب الإسرائيلى، فإن تل أبيب عازمة على منع إيران من استنساخ تجربتها فى جنوب لبنان مع حزب الله فى الجنوب السورى، بالنسبة لروسيا، فإن بقاء النظام السورى معتمدًا عليها يصب فى مصلحتها وقدرتها على تحريك الأمور فيما تراه يناسبها، وليس وجود إيران الحليف القوى للنظام السورى، ما قد يدفع إيران إلى عدم البقاء بعيدًا عن تلك الحدود، لكن سياسة القوة والتوازن العسكرى يشيران إلى أنه سيتمّ إبعادها بالفعل، سواء من جانب روسيا أو إسرائيل أو كليهما.وتتمثل الأهداف الإيرانية الرئيسية فى سوريا الاحتفاظ بموقع عسكرى متقدم ضد إسرائيل، وأن التخلى أو إبعاد إيران عن منطقة الجولان سيمثل انتكاسة قوية لطهران، خاصة فى ظل توقيع الاتفاق الروسى الإسرائيلى حول إبقاء إيران وحلفائها بعيدًا عن الجولان.إن هذا الأمر لا يغيّر حسابات طهران طويلة المدى والمتعلّقة بقيمة استثماراتها الاستراتيجية فى سوريا، فإيران تعرف حق المعرفة أن رياح المصالح الروسية والإسرائيلية والأمريكية والسورية تجرى بما لا تشتهيه سفنها. ومع أنها ستحترم قواعد اللعبة الجديدة فى المدى القصير، إلا أنها ستواصل لعبة النفس الطويل وترسّخ وجودها أكثر فأكثر بسياستها البراجماتية.وبالتالى يشهد الجنوب السورى صراعًا حادًا بين إيران وإسرائيل فى فرض إمكانية السيطرة على هذه المنطقة، فالنسبة لإيران تمثل هذه المنطقة بمثابة ورقة ضغط كبرى على إسرائيل بسبب قربها الجغرافى من إسرائيل والتى من خلالها تمثل تهديد مباشر لأمن واستقرار إسرائيل أهم حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية فى المنطقة.بالنسبة لإسرائيل، فإنها لا تريد استنساخ تجربة حزب الله فى الجنوب اللبنانى، الذى يشكل تهديدًا مباشرًا لأمنها وتعمل على تعزيز وجودها فى مرتفعات الجولان بالتعاون مع روسيا، والتى تمتلك خيوط اللعبة داخل سوريا وبدعم من الولايات المتحدة.

مشاركة :