بعد الصدمة الموجعة التي تعرض لها المنتخب الأرجنتيني بالهزيمة الثقيلة أمام نظيره الكرواتي 3 - صفر، بالجولة الثانية لمنافسات المجموعة الرابعة، ظهر المدير الفني خورخي سامباولي بوجه شاحب خلال المؤتمر الصحافي عقب المباراة، في الوقت الذي من المفترض أن يبحث فيه عن شرارة الحماس بأي شكل، للحفاظ على الأمل الضئيل لاستمرار الفريق في مونديال روسيا. وبعد أن تلقى المنتخب الأرجنتيني بقيادة النجم ليونيل ميسي صدمة التعادل مع آيسلندا 1 - 1 يوم السبت الماضي في الجولة الأولى، تلقى الفريق ضربة أكثر قسوة بهزيمته أمام كرواتيا صفر - 3 مساء أول من أمس، على ملعب «نيجني نوفغورود» ليقف على بوابة الخروج من الدور الأول. وحتى لو نجح سامباولي في إشعال حماس المنتخب الأرجنتيني، أو حقق ميسي صحوة بقميص الفريق، لم يعد مصير راقصي التانجو بأيديهم، وإنما ستحسم بطاقة التأهل الأخرى من المجموعة، بعد ضمان كرواتيا التأهل، في الجولة الأخيرة. وبينما أخذ أسطورة كرة القدم الأرجنتينية دييغو مارادونا يلوح بقميصه من المدرجات، وسط هتافات آلاف من جماهير بلاده قبل انطلاق المباراة ضد كرواتيا، كان ميسي يفرك جبهته في توتر. ولمس ميسي الكرة 20 مرة فقط في الشوط الأول، وهو أقل عدد من اللمسات بين كل لاعبي الأرجنتين، وبدا مجهدا. لكن الأسوأ جاء في الشوط الثاني المرعب، وهو تلقي شباك الأرجنتين ثلاثة أهداف لينال الفريق أثقل نتيجة في دور المجموعات منذ 60 عاما. وغادر عبقري برشلونة الذي سيكمل 31 عاما مطلع الأسبوع المقبل الملعب، وهو يبدو وحيدا ومنكسرا بعد مباراة ربما أنهت فرصته الأخيرة في رفع كأس العالم. وتحول مارادونا، الفائز بكأس العالم 1986، والذي يقارنه الأرجنتينيون دائما بميسي، من التلويح بقميص لاعب برشلونة رقم 10 إلى البكاء. وسخرت الصحافة الرياضية العالمية من المنتخب الأرجنتيني الذي بات على أعتاب الخروج من الدور الأول، ولم ترحم ميسي ورفاقه؛ حيث اعتبرت صحيفة «أوليه» الأرجنتينية أن رجال المدرب خورخي سامباولي «حطموا روحنا... المنتخب فشل مجددا». وتابعت: «على الرغم من أن الفرصة ما زالت قائمة للتأهل إلى ثمن النهائي، داخليا يشعر الجميع بالإقصاء. أثناء العودة إلى المعسكر، الأجواء كانت بمثابة نهاية حقبة». في إنجلترا، حيث «العداوة» واضحة للأرجنتين بسبب حرب البلدين على جزر فوكلاند في جنوب المحيط الأطلسي، استمتعت صحيفة «الصن» باللعب على أحرف اسم ميسي، قائلة: «يا لها من (ميس)» التي تعني بالإنجليزية فوضى. أما صحيفة «دايلي مايل»، فعنونت: «تاكسي لميسي»، مرفقة ذلك بصور للحارس ويلي كاباييرو الذي ارتكب خطأ فادحا جاء منه الهدف الكرواتي الأول. وميسي وأسطورة الأرجنتين دييغو مارادونا الذي كان موجودا في المدرجات، وأيديهما على وجههما. ورأت الصحيفة أن ما حصل في ملعب «نيجني نوفغورود» هو «عجز تكتيكي وفني جعل الأرجنتين في خطر كبير، ويمكن أن يشكل نهاية جيل». ومن ألمانيا التي تعاني بدورها بعد أن خسر أبطال العالم مباراتهم الأولى في روسيا على يد المكسيك (صفر - 1)، اعتبرت صحيفة «بيلد» أنه «حتى قبل خطأ الحارس، لم تقدم الأرجنتين شيئا على أرضية الملعب، خلافا لأسطورتها مارادونا الذي قدم كل شيء في المدرجات» في إشارة إلى حماسه وتفاعله مع مجريات اللقاء، والخيبة التي بدت عليه في نهايتها. أما مواطنتها «دير شبيغل»، فرأت في نسختها الإلكترونية أن ميسي يعاني من تواضع مستوى زملائه، و«ميسي يستحق أكثر من هذا المنتخب الأرجنتيني». وفي إيطاليا التي يغيب منتخبها، بطل العالم أربع مرات، عن النهائيات للمرة الأولى منذ 60 عاما بعد سقوطه في الملحق الأوروبي أمام السويد، اعتبرت صحيفة «غازيتا ديلو سبورت» أن «ميسي أذل على أيدي الكرواتيين. الأرجنتين أقصيت تقريبا. خطأ لا يصدق لكاباييرو، ثم تحولت الأمسية إلى كابوس». ومن جهتها، شملت «توتوسبورت» الجميع في وصفها لما حصل، فـ«الأرجنتين أذلت، اكتسحت من قبل كرواتيا وأقصيت إلى حد كبير. كاباييرو كان كارثة. ميسي أخفق». ورأت الوكالة الصينية للأخبار «سي إن إس»، أنه «على الأرجح أحلك يوم في تاريخ كرة القدم الأرجنتينية»، معتبرة أن ميسي مثل أعظم المغنين؛ لكنه لا يستطيع أن يؤدي دون الفرقة الموسيقية، في إشارة منها إلى افتقاد نجم برشلونة لمساندة زملائه. وكانت صحيفة «التلغراف» البريطانية قاسية في توصيفها لحال المنتخب الأرجنتيني بالقول: «يمكن أن نقول إن ميسي حاول إنقاذهم؛ لكنه بدا أكثر كأنه عضو من عائلة في حالة حداد بجانب سرير المتوفى». لكن مواطنتها «التايمز» حملت ميسي مسؤولية الإخفاق؛ لأنه «بدا كطفل تائه»، كان أول الداخلين بعد المباراة إلى النفق المؤدي لغرف الملابس «من أجل البحث عن ملجأ». وفي إسبانيا، حيث حقق ميسي كل شيء ممكن مع فريقه برشلونة، رأت صحيفة «سبورت» أنه «لم يكن باستطاعة ليو فعل أي شيء، لكي يتجنب أن يتحول فريقه إلى كاريكاتير». وعند الجارة الغريمة البرازيل، تطرقت صحيفة «غلوبو إيسبورتي» إلى تصرف الجمهور البرازيلي الموجود في روسيا لمؤازرة المنتخب الوطني، وسخريتهم من الجمهور الأرجنتيني واستفزازه بعبارات مثل «ميسي تشاو»، أي «وداعا ميسي»، على نسق الأغنية الفولكلورية الإيطالية «بيلا تشاو».ووصل الأمر بصحيفة «أو غلوبو» البرازيلية إلى القول بأن «لاعبي الأرجنتين طالبوا بإقالة سامباولي قبل المباراة (الأخيرة في الدور الأول) ضد نيجيريا». لكن مصدر في المنتخب الأرجنتيني نفى الجمعة صحة هذا الخبر، مشيرا إلى أن ما قيل «غير صحيح على الإطلاق. كل ما قيل عن اجتماع للاعبين أو أي شيء آخر غير صحيح». في ظل مشاركته لرابع مرة في كأس العالم، وبقاء الهزيمة المؤلمة 1 - صفر أمام ألمانيا في نهائي 2014 عالقة في الأذهان، يواجه ميسي والأرجنتين الآن احتمال الخروج بشكل صادم من دور المجموعات، إلا إذا جاءت نتائج الفرق الأخرى بالمجموعة الرابعة في صالحهم. وسبق لميسي اعتزال اللعب الدولي، بعدما أضاع محاولته خلال ركلات الترجيح أمام تشيلي في نهائي كأس كوبا أميركا عام 2016؛ لكنه تراجع عن قراره بعد مناشدات من المشجعين وأفراد عائلته وزملائه ومارادونا؛ لكن مع بلوغه 35 عاما في النهائيات المقبلة، ومع انهياره الواضح تحت وطأة الضغوط، تتوقع الأغلبية أن يعتزل ميسي اللعب الدولي في وقت ما بعد روسيا. وفي مباراة الجولة الثانية، تفوق عليه لوكا مودريتش صانع لعب كرواتيا، الفائز بجائزة أفضل لاعب باللقاء، والقائد البالغ من العمر 32 عاما الذي لعب بروح قتالية وسجل هدفا مدهشا. وعلى النقيض، نادرا ما ظهر ميسي في المباراة، وأخرجه المنتخب الكرواتي المنظم للغاية من اللعب، وعجز عن تسديد أي كرة على المرمى، ولم ينجح في تمرير كرات مؤثرة سوى مرة أو مرتين. وكما حدث أمام آيسلندا حين أضاع ركلة جزاء في التعادل 1 – 1، خيم الصمت والصدمة على وجه ميسي وهو يغادر الملعب. وقال سامباولي مدرب الأرجنتين: «ليو (ميسي) هو قلبنا وروحنا؛ لكننا لم نتمكن من إيصال الكرة له» داعيا المشجعين لإلقاء اللوم عليه وليس على ميسي. ورغم أن مودريتش هو من تفوق في مواجهة الجولة الثانية، فإن المقارنة مع كريستيانو رونالدو غريمه في الدوري الإسباني هي أكثر ما يؤلم ميسي. فقد فاز اللاعب البرتغالي الكبير بلقب كبير بالفعل في بطولة أوروبا 2016، وبدأ كأس العالم بأربعة أهداف في مباراتين. وإن لم يحدث شيء غير عادي، فقد يجلس ميسي قريبا لمشاهدة رونالدو من خارج روسيا.
مشاركة :