لاجئ سوري يروي معاناته في الحرب التي أفقدته «كل جميل»

  • 6/23/2018
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

أجبرت الحرب الدائرة في سوريا منذ سنوات كثيرا من السوريين على ترك بيوتهم ومناطقهم واللجوء إلى مناطق أكثر أمانا سواء في داخل سوريا أو خارجها بحثاً عن مأوى لهم ولأطفالهم الصغار، فمنهم من نجا بعائلته ومنهم من تعرض لإصابة في جسده، أو فقد عزيزا على قلبه، أو ما زال يعاني من مرض مستمر.صلاح حسن أحمد من أبناء مدينة البوكمال شرق سوريا يروي قصة تهجيره من مدينته وصولا إلى الريف الشمالي الغربي لمدينة حلب ناحية جنديرس مصطحبا معه أولاده الخمسة وأمهم.يقول صلاح 47 عاما لـ«الشرق الأوسط»: «بعدما ساءت الأوضاع في منطقة البوكمال انتقلت إلى مدينة دير الزور، كنت أعمل طبيب أعشاب، وكنت معروفا من قبل كثير من الأهالي في المنطقة وكانت حالتي ميسورة، لم يكن في خاطري أن أترك المدينة فأسرتي كلها بخير وأحوال جيدة».ويضيف صلاح: «في أوائل عام 2017، وفي أحد الأيام، كنت خارج البيت لشراء بعض المتطلبات للمنزل، كانت برفقتي زوجتي وابني الذي يبلغ من العمر 15 عاما، فاجأني أحد الأصدقاء باتصال يخبرني فيه بأن بيتي قد قصف، كان خبرا قاسيا، حينها لم أستطع الوقوف على قدماي لبعض الوقت من شدة الخوف على أولادي، وعندما وصلت إلى البيت كان مشهدا لا أستطيع وصفه، البيت بالكامل قد تهدم والأولاد تحت الأنقاض، شعرت حينها أنني موجود وغير موجود، حالة لا أستطيع وصفها أبدا وأنا أصرخ بأعلى صوت على أولادي، بيتي مؤلف من طابقين أصبح ركاما اختفت معالمه تماما».ويشرح صلاح عملية إنقاذ أولاده قائلا: «تجمع الناس من أهل النخوة وبدأوا يبحثون عن الأولاد تحت الأنقاض علّنا نجدهم على قيد الحياة، عثرنا على الأولاد الأربعة ولم نعثر على الخامس وتم نقلهم إلى مستشفى في مدينة الرقة عبر طريق تهريب، تكررت محاولة البحث عن ولدي عبد الله عدة مرات حتى عثر على أشلاء من جسده - كان عبد الله في السنة الأخيرة بكلية الطب البشري - ولم نستطع إخراج جثته، تركته وتوجهت إلى مستشفى الرقة لأتابع أحوال أبنائي وما جرى لهم والنتيجة هي أن ابني مصطفى 22 عاما قد فقد النطق والبصر، وابنتي شيماء 19 عاما وغسق 17 عاما وبلال 8 أعوام قد أصيبوا بصدمة ولا يوجد علاج لهم».ويضيف أنه بعدما حدث ما حدث، قرر أن يترك البلد ويهاجر إلى مكان آمن، ويستطيع أن يحافظ فيه على ما تبقى من أولاده وتأمين العلاج اللازم لهم، لتكون وجهته ريف حلب الشمالي والهدف الوصول إلى مستشفى قريب من الحدود التركية.ويتابع صلاح: «كان الطريق شاقا جدا وأنا أنقل أولادي من مكان لآخر وتعرضت لأكثر من مرة لعمليات سرقة فقدت كثيرا من نقودي من قبل أصحاب النفوس الضعيفة، وشاهدت أناسا كثيرين خلال رحلتي الشاقة من دير الزور إلى ريف حلب الشمالي الغربي حالهم أصعب من حالي بكثير.ويضيف: «استقر بي الحال في ناحية جنديرس في ريف عفرين وتم عرض أولادي على مستشفى عفرين العسكري - الذي هو الآن تحت سيطرة القوات التركية - فكان الجواب أنه لا يوجد لهم دواء في هذا المستشفى ويجب إرسالهم إلى مستشفيات خارج البلد للعلاج لأن هذه الاختلاجات التي تنتابهم ليس لها دواء عندهم».وبصوت متقطع ودمعه تجري على خده يقول: «تركت بلدي وبيتي والقلب يعتصر ألما على عبد الله ذلك الأمل الذي كنت أعيش لأجله، ما زال صوته يتردد في أذني وهو يناديني بكلامه الجميل وأسلوبه الهادئ، كنت أحلم أن أراه طبيبا لكن شاء الله وله الحمد والشكر على كل شيء».ويختم صلاح قصته قائلا: «نعم هذه الحرب أفقدتنا كل جميل وجعلتنا أكبر بكثير من أعمارنا الحقيقية. فيها فقدنا الولد والأب والأم، فكل ما أملكه في هذه الأيام هو الانتظار كي أستطيع الدخول إلى تركيا لأكمل علاج أولادي فما لنا سوى الانتظار والصبر والأمل».* هذه المادة من مبادرة «المراسل العربي». لإرسال القصص الصحافية راسلونا على [email protected]

مشاركة :