في مؤتمر «قمّة السيجارة الإلكترونية» في العاصمة الأميركية واشنطن حول قطاع السجائر الإلكترونية ودوره في مساعدة المدخنين على الإقلاع عن التدخين، بدت لافتة تجربة اليابان في هذا المجال، إذ انخفضت مستويات تدخين السجائر التقليدية في البلد بنحو 32 في المئة. ويعزى ذلك، بحسب الخبراء، إلى تنامي الإقبال على جهاز «أيقوص» الذي أطلقته شركة «فيليب موريس إنترناشونال». ازداد أخيراً عدد الشركات المنتجة للسجائر الإلكترونية عالمياً، الأمر الذي بات يشكل ظاهرة، فنظّم الغرب مؤتمرات لتقييمها وبحثها. في أحد آخر هذه المؤتمرات الخاصة بالسجائر الإلكترونية والتي أقيمت أخيراً في العاصمة الأميركية واشنطن، اجتمع الخبراء والباحثون من أعرق جامعات العالم، ومن أبرز مشرعي اللوائح الخاصة باستخدام منتجات التبغ، منظمة الغذاء والدواء الأميركية. وجاء هذا المؤتمر لاستشراف مستقبل قطاع التدخين الإلكتروني، اقتصادياً، وتشريعياً وتكنولوجياً أيضاً. واستعرض الخبراء في مجال العلوم والتشريع والصحة العامة آراءهم حول كيفية تطوير هذا القطاع للمساعدة في الحد من أعداد المدخنين التقليديين في جميع أنحاء العالم. كذلك أشار الخبراء إلى أن النيكوتين ليس المسبب الرئيس للأمراض الناتجة عن التدخين التقليدي، خصوصاً أنه موجود في الطبيعة كمكون أساسي للباذنجان والطماطم إنما بنسب منخفضة. وتعمل إدارة الغذاء والدواء الأميركية وهي السلطة التنظيمية المسؤولة عن حماية وتعزيز الصحة العامة على الإشراف على سلامة جميع منتجات التبغ وأجهزة توصيل النيكوتين الإلكترونية. زيلر وقال ميتش زيلر، رئيس قسم منتجات التبغ في إدارة الغذاء والدواء: «يقف المنظمون والسلطات على مفترق طرق في كيفية التعاطي مع مشكلة الحد من التدخين عالمياً، ويبقى السؤال الآن هو كيف يمكننا تنظيم منتجات التبغ والنيكوتين لتكون لها فاعلية أكبر في التشجيع على الإقلاع عن التدخين». وأضاف: «هدفنا تحسين الصحة العامة ولذلك نحتاج إلى إعادة النظر في النهج الحالي المتبع، خصوصاً أن التدخين لا يزال سبباً رئيساً لكثير من حالات الوفاة التي يمكن الوقاية منها في الولايات المتحدة. وفي حال نجحنا في ذلك، نتمكن من التقليل من احتمالية إدمان الأجيال المقبلة من الأطفال على السجائر ، ومساعدة المزيد من المدخنين على الإقلاع عنه نهائياً، ويمكن للسماح للبالغين باستخدام النيكوتين من خلال توفير منتجات أقل ضرراً أن يساهم في تحقيق هذه الأهداف الصحية». من جهته، قال البروفسور إريك دوني، أستاذ علم وظائف الأعضاء والأدوية في كلية ويك فوريست للطب: «لاحظنا تراجعاً في مستويات التدخين بعد تحوّل كثير من الأشخاص نحو منتجات النيكوتين غير القابلة للحرق. ولذلك علينا توفير بدائل أخرى للسجائر التقليدية في حال رغبنا بالحد من مستويات التدخين. كما أشارت دراسات عدة متعلقة بعادات المستهلكين إلى أن السجائر الإلكترونية لا تزال تتصدر قائمة المنتجات البديلة الأكثر استخداماً». التجربة اليابانية تقود اليابان السوق الدولية في تبني بدائل أقل ضرراً وتوفيرها لملايين من المدخنين. ونجحت اليابان في تجسيد تجربة فريدة من نوعها إذ انخفضت مستويات تدخين السجائر التقليدية بنحو 32 في المئة. ويعزى ذلك جزئياً إلى تنامي الإقبال على جهاز «أيقوص» الذي أطلقته شركة فيليب موريس إنترناشونال في إطار جهودها لإحداث نقلة نوعية في حياة المدخنين والانطلاق نحو مستقبل خال من التدخين. ويعتمد جهاز «أيقوص» الذي طُرح في الأسواق اليابانية في العام 2014 على تقنية تسخين التبغ وتوليد بخار يحتوي على النيكوتين بمستويات من المكوّنات السامة أقل بما متوسطه 90-95 % مقارنة بدخان السجائر التقليدية. وعلى الرغم من أن مبيعات «أيقوص» كانت بطيئة في البداية في اليابان، فإنها ارتفعت بسرعة في العام 2016. عوامل نجاح «أيقوص» في اليابان: وفي حديث خاص إلى «الجريدة»، قالت نائب الرئيس للشؤون التنظيمية والتواصل في شركة «فيليب موريس إنترناشيونال» جيرمانا باربا: «أولاً، شكلت اليابان حالة فريدة من نوعها في هذا المجال. بعد مرور سنتين تقريباً منذ تقديم المنتج، لاحظنا انخفاضاً في حجم السجائر بنسبة 18 %، ما يؤكد أن تقديم منتجات بديلة قد يحدّ من استخدام السجائر والتدخين بطريقة أبطأ وأكثر تعقيداً مقارنة بتطبيق سياسات مكافحة التدخين التقليدية. وأود الإشارة إلى أن اليابان ليست الدولة الوحيدة التي حققت نجاحات، في كوريا على سبيل المثال، حققت منتجات تسخين التبغ بدلاً من حرقه نجاحاً بارزاً، إذ انخفضت معدلات السجائر التقليدية بنسبة 14 % في سنة واحدة، وهذه نسبة أفضل من اليابان إذا ما أخذنا بعين الاعتبار انتشار السجائر الإلكترونية في السوق الكورية. وفي بعض الأحيان، أسمع من الخبراء أن النجاح في اليابان سببه عدم توافر السجائر الإلكترونية هناك. أقول دائماً إن الحالة الكورية تؤكد أنه بالرغم من وجود السجائر الإلكترونية، فيمكن لمنتجات تسخين التبغ أن تحقق نجاحاً. مثال آخر، المملكة المتحدة حيث يوجد نحو 3 ملايين مستخدم للسجائر الإلكترونية، بينما في اليابان 4 ملايين مستخدم لمنتجات تسخين التبغ بدلاً من حرقه». وللوقوف أكثر على عوامل النجاح في اليابان، أضافت باربا: «وتتمثل عوامل نجاح التجربة اليابانية في اعتماد منتجات التبغ المسخن على انفتاح المستهلكين اليابانيين على تجربة التقنيات المتطورة، بالإضافة إلى ثقافة احترام الآخر المتجذرة في المجتمع اليابانية والتي تدفع المستهلكين اليابانيين إلى اختيار منتجات لا تشكل خطراً على الآخرين ولا تتعدى على حرياتهم الشخصية، وذلك من أبرز العوامل التي جذبت المدخن الياباني كي يقلع عن التدخين ويتحول بالكامل نحو نظام «أيقوص»، وذلك لعدم تشكيل منتجات التبغ المسخن حالة من التدخين السلبي تؤذي الآخرين. وأدى مستوى الوعي لدى المشرعين حيث سمحت البيئة التنظيمية المتطورة في اليابان بالقيام بحملات توعية لدى المدخنين البالغين لرفع نسبة الوعي بالخيارات الأخرى المتوافرة والتي تتيح لهم فرصة الإقلاع عن التدخين. رغم أن اليابان يمنع التدخين في الأماكن العامة منعاً لحدوث الحرائق، كما هو الحال في العديد من دول العالم، إلا أن اليابان سمح باستخدام «ايقوص» كونه لا يعتمد على حرق التبغ بل على تسخينه إلى حرارة لا تتجاوز 350 درجة فقط وهو ما سمحت به المملكة المتحدة في ما يتعلق بالسجائر الإلكترونية». وعن إمكان تحقيق نجاحات مماثلة في بقية دول العالم، قالت: «في أوروبا، نحن على ثقة بقدرتنا على تحقيق نجاحات مماثلة قريباً بسبب وجود عامل واحد مشترك: من أصل 10 مشترين للمنتج، 6 منهم على الأقل يتحولون لاستخدام (أيقوص) بشكل تام ويقلعون عن التدخين تماماً، ومنذ العام 2016 حين أطلقنا الجهاز للمرة الأولى إلى اليوم، تجاوز عدد مستخدمي «أيقوص» عالمياً 5 ملايين مستهلك فيما يتحول ما معدله 10 آلاف شخص يومياً عن التدخين إلى استخدام الجهاز».
مشاركة :