خلصت دراسة أجرتها إدارة الاستشارات والبحوث في معهد الدراسات المصرفية إلى أنه عند استكمال تطبيق قواعد «بازل 3» بنهاية 2018، سيتعين على البنوك الكويتية الالتزام بخمس مجموعات مختلفة من التعليمات الرقابية للسيولة، وهي: النسبة الرقابية للسيولة، وأسلوب سلم الاستحقاق، ونسبة القروض إلى مصادر الأموال المتاحة، ونسبة تغطية السيولة (LCR)، وصافي نسبة التمويل المستقر (NSFR). وتراعي وتفحص الدراسة التي تنشر «الراي» الحلقة الأولى منها، الأساليب المختلفة التي يستخدمها بنك الكويت المركزي لمراقبة وتنظيم طريقة إدارة السيولة في البنوك.وفي ما يلي أبرز ما جاء في الحلقة الاولى من الدراسة: يوفر طرح قواعد السيولة وفقاً لـ «بازل 3» أي نسبة تغطية السيولة، وصافي نسبة التمويل المستقر، فرصة سانحة لـ «المركزي» للتفكير في مدى إمكانية تعديل أو إلغاء التعليمات الرقابية الأخرى.وتتمتع البنوك الكويتية بوفرة السيولة، وتتوفر لها الحماية الكافية من أي صعوبات في السيولة لمدة 30 يوماً. وبنهاية 2016، كان متوسط نسبة تغطية السيولة في البنوك التجارية 159.8 في المئة، أي ما يزيد بكثير على 100 في المئة، وهي الحد الأدنى من النسبة المطلوبة في 2019.وتتقدم الكويت في مجال تطبيق نسبة تغطية السيولة مقارنةً بأقرانها على المستوى العالمي، ويكون للبنوك الكويتية نسبة تغطية للسيولة أقل من البنوك السعودية، والعمانية، ولكن أعلى من البنوك في الأسواق المتقدمة (من حيث نسبة تغطية السيولة) مثل سنغافورة، وهونغ كونغ، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة. وقد تؤدي السيولة الزائدة إلى الضغط على الربحية، إلا أن المزيد من السيولة يعتبر أمراً ملائماً في بيئة تكون فيها القدرة على إدارة السيولة أقل تقدماً. ويبدو أن البنوك الكويتية قد حققت قدراً مناسباً من التوازن بين الربحية والحصافة.وتمثل النسبة الرقابية للسيولة، المحدد لها 18 في المئة بالكويت، وهي نسبة مرتفعة للغاية بالمقاييس العالمية، شكلاً قديما من أشكال التنظيم الرقابي للسيولة، والذي يتداخل بصورة ما مع نسبة تغطية السيولة. وهي أقل كفاءة من نسبة تغطية السيولة التي تأخذ في الحسبان التدفقات النقدية الواردة والخارجة والمحتملة لبنك معين خلال فترة الضغط البالغة 30 يوما، وتحقق الدرجة التي تقوم فيها البنوك باستخدام الأشكال المختلفة من تمويل الشركات، بالإضافة إلى الأنواع التقليدية لودائع العملاء.وفي الوقت الراهن، تحظى النسبة الرقابية للسيولة بالأسبقية على نسبة تغطية السيولة: فالالتزام بالنسبة الأولى من شأنه ضمان الالتزام بالأخيرة (باستثناء أن النسبة الرقابية للسيولة لا تقاس إلا مقابل الودائع بالدينار في الكويت، بينما يتم تجميع نسبة تغطية السيولة لجميع العملات)، إلا أنه وبالنظر إلى الخصوصية الأكبر لنسبة تغطية السيولة، فقد يكون من الأنسب اتخاذ النسبة الرقابية للسيولة كتنظيم رقابي «مساند».أما حالات عدم مواءمة الاستحقاق، فهي تخضع حالياً للتنظيم الرقابي باستخدام أسلوب سلم الاستحقاق. وكما في 2018، سيتعين على البنوك أيضاً الالتزام بصافي نسبة التمويل المستقر وفقا لتعليمات «بازل 3».وبينما يهدف التنظيمان الرقابيان إلى تحقيق النتيجة نفسها (ضمان الحدود المناسبة لتحول الاستحقاق)، فإن صافي نسبة التمويل المستقر، مع مراعاة استقرار التمويل بدلاً من نوعه فقط، أي أن الودائع تحت الطلب المضمونة من الحكومة قد تكون لها فترة استحقاق قصيرة الأجل، ولكنها مستقرة للغاية، يتسم باحتمال أقل بكثير أن يؤدي إلى تشوهات في الميزانية العمومية. ولهذا السبب، نرى أن طرح صافي نسبة التمويل المستقر يعكس حقيقة أن الوقت قد حان لسحب عملية استهداف أسلوب سلم الاستحقاق.بوجه عام، يهدف التنظيم الرقابي للسيولة إلى التأكد من فاعلية طريقة البنوك في إدارة السيولة التي تنشأ عن عدم المواءمة بين فترات موجوداتها ومطلوباتها، ومثال على ذلك عندما يتم تمويل قرض طويل الأجل بالودائع تحت الطلب. وفي أقصى الحالات تطرفاً، يكون المقصود من التعليمات الرقابية التأكد من وجود سيولة كافية لدى البنوك (أي نقد أو موجودات متاحة للتحويل بسهولة إلى نقد) وذلك للوفاء بالمستويات المرتفعة وغير المتوقعة للمطالبة بالسداد من جانب الدائنين.وقد أثبت التاريخ في العديد من الحالات، بما في ذلك ما حدث أثناء الأزمة المالية العالمية في 2007 /2008، أنه بينما تنشأ في العادة صعوبات السيولة (التي غالباً ما يشار إليها بمصطلح «نقص السيولة في البنوك») جراء قلق المودعين وغيرهم من الدائنين في شأن الملاءة المالية للبنك، فإن الإدارة الفعالة للسيولة يمكن أن تتيح للبنك الفترة الزمنية اللازمة لترتيب عملية إعادة الرسملة أو غيرها من أشكال الحلول دون أن تؤدي صعوبات السيولة إلى إخفاق البنك في حل تلك المعضلة.التعليمات الرقابيةتخضع مخاطر السيولة في الكويت حالياً للتنظيم الرقابي بخمس وسائل مختلفة، منها اثنتان من القواعد (نسبة تغطية السيولة وصافي نسبة التمويل المستقر) واردتان في «بازل 3 1»، أما الوسائل الثلاث الأخرى فهي سابقة لـ «بازل 3» وظل معمولاً بها لسنوات عديدة.أ - النسبة الرقابية للسيولة بموجبالتعليمات الرقابية الصادرة 1997:يكون مطلوباً من البنوك الكويتية الاحتفاظ بنسبة 18 في المئة من ودائع العملاء لديها بالدينار الكويتي في شكل أرصدة «المركزي» (حسابات جارية أو ودائع) بالإضافة إلى أذونات الخزانة الكويتية، أو أي أدوات مالية أخرى صادرة من «المركزي».ب - أسلوب سلم الاستحقاق: صدرت هذه التعليمات عام 1997، بحيث يكون مطلوباً من كل بنك الحفاظ على الحد الأدنى من عدم المواءمة، أو الفجوة، بين الموجودات والمطلوبات عبر الفترات الزمنية المختلفة، من «يوم واحد» إلى «6 أشهر أو أقل». على سبيل المثال، فإن صافي الفرق بين التدفقات النقدية من الموجودات المستحقة والتدفقات النقدية المحتملة من المطلوبات المستحقة، خلال 7 أيام أو فترة زمنية أقل، يجب ألا يكون أكبر من 10 في المئة من مجموع المطلوبات.ت - نسبة القروض إلى الودائع (LDR): بموجب هذه التعليمات، التي صدرت عام 2004، يجب على البنك التأكد من عدم تجاوز نسبة التسهيلات الائتمانية بالدينار الكويتي إلى أرصدة الودائع بالدينار الكويتي 90 في المئة، حيث تشمل التسهيلات الائتمانية كلا من العملاء والمؤسسات المالية، وتشمل الودائع كلاً من ودائع القطاع الخاص والودائع الحكومية وودائع المؤسسات المالية.وبالإضافة إلى هذه النسبة البسيطة للقروض إلى الودائع، وضع «المركزي» موضع التنفيذ صيغة أكثر تطوراً في مايو 2012 تعرف بتعليمات الحد الأقصى للإقراض، وذلك بالنظر إلى القيمة المتزايدة للأموال القابلة للإقراض، بهدف تحسين المواءمة بين الموجودات والمطلوبات وتشجيع زيادة استخدام أدوات الدين مثل السندات والصكوك.وقد أدت تعليمات الحدود القصوى للإقراض إلى توسيع نطاق الودائع التي يمكن عدها (على سبيل المثال، يمكن تضمين الودائع ما بين البنوك وشهادات الإيداع) بينما يتم تطبيق أوزان مختلفة للودائع اعتماداً على استحقاقاتها. فعلى سبيل المثال، سُمح للبنوك بإقراض ما يصل إلى 100 في المئة من ودائعها ذات الآجال الأطول (أكثر من سنة) ولكن 75 في المئة فقط للودائع ذات الآجال القصيرة (3 أشهر أو أقل).وفي تقريره حول الاستقرار المالي لسنة 2012، قدّم «المركزي» شرحاً لمبرراته للحفاظ على استخدامه لنسبة القروض إلى الودائع كأداة رقابية بل وتوسيع نطاق استخدامه لها. وأشار إلى أن نسب القروض إلى الودائع قد تم خفضها من قبل العديد من الجهات الرقابية حول العالم في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، حين كانت البنوك تقوم بشكل متزايد بتوسيع نطاق أدوات التمويل إلى أبعد من الودائع التقليدية. وبهذا الاعتماد الكثيف على تمويل الشركات، كان الكثيرون ينظرون إلى النسبة البسيطة للقروض إلى الودائع على أنها أداة حادة وضيقة بحيث يصعب من خلالها التنظيم الرقابي لإدارة مخاطر السيولة. إلا أنه منذ الأزمة المالية، استعادت نسبة القروض إلى الودائع وضعها الإيجابي، حيث بدأت بعض الدول في اعتبارها مرة أخرى وسيلة فعالة لتقييد نمو الائتمان. وبذلك يظل «المركزي» ملتزماً باستخدامها في دولة الكويت.وفي مارس 2016 قام «المركزي» بتعديل الحد الأقصى للإقراض، من خلال وضع نسبة مئوية معينة على المبالغ التي يمكن إقراضها من قبل البنوك المحلية لتصبح 90 في المئة من المصادر المؤهلة للأموال. والمصادر المؤهلة للأموال هي عبارة عن ودائع القطاع الخاص والودائع الحكومية وودائع المؤسسات المالية (باستثناء البنوك)، والقروض ذات الأجل المتوسط إلى الطويل وشهادات الإيداع المصدرة والسندات المصدرة.ولا شك أنه حتى في سوق مصرفي صغير نسبياً كدولة الكويت، يمكن أن يكون نطاق نسبة القروض إلى الودائع محدوداً، إذ إن مصادر الأموال شهدت توسعاً يتجاوز بكثير قاعدة الودائع التقليدية. ففي الكويت، على سبيل المثال، وفي نهاية عام 2016، شكّل التمويل من البنوك وغيرها من المؤسسات المالية 35 في المئة من إجمالي مطلوبات بنك الكويت الوطني، و20 في المئة من مطلوبات «بيت التمويل الكويتي». وتضمنت تلك الودائع كلاً من الودائع الحكومية، إذ إن ودائع المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية تصنف كودائع للمؤسسات المالية الأخرى.ولكن لا يزال يمكن النظر إلى نسبة القروض إلى الودائع كأداة مساندة للجهات الرقابية، وكأداة مماثلة للطريقة التي تكمّل بها نسبة الرافعة المالية البسيطة (التي تشكل أيضاً أداة مساندة) نسب رأس المال المرتكزة على المخاطر ضمن قواعد (بازل 3). وبينما يوجد تداخل أكثر وضوحاً، حسب البحث الوارد أدناه، بين نسبة السيولة الرقابية من جهة، ونسبة تغطية السيولة من جهة أخرى، فإن أسلوب سلم الاستحقاق ونسبة صافي التمويل المستقر، فإن نسبة القروض إلى الودائع قد تكون مختلفة على نحو كافٍ في ما يتعلق بالنطاق، بحيث تستحق الاستمرار في استخدامها.وبدون المزيد من البيانات العامة حول العمليات المحلية، لا يمكن قول المزيد حول أثر نسبة القروض إلى الودائع في الميزانيات العمومية لكل بنك على حدة. وبدلاً من ذلك، يوصى بأن يقوم «المركزي» بمراقبة العلاقة بين نسبة القروض إلى الودائع وغيرها من التعليمات الرقابية المتعلقة بالسيولة. وقد تعكس العلاقة الوثيقة خلال فترة زمنية مناسبة أن نسبة القروض إلى الودائع أقل أهمية مما كان يفترض، وذلك نظراً إلى طرح تعليمات (بازل 3).اللوائح الرقابيةالتزم «المركزي» تماشياً مع رسالته المتمثلة في الرقابة على النظام المصرفي المحلي وفقاً لأعلى المستويات العالمية، بتطبيق تعليمات (بازل 3) المتعلقة برأس المال والسيولة في الكويت. ويتضمن ذلك نسبة تغطية السيولة وصافي نسبة التمويل المستقر، ومجموعتين مكملتين من تعليمات السيولة وعدم مواءمة الأصول.أ - نسبة التغطية:وفقاً للجنة «بازل» للرقابة على البنوك، فإن نسبة تغطية السيولة: تهدف إلى التأكد من احتفاظ البنك بمستوى كافٍ من الموجودات السائلة ذات الجودة العالية غير الخاضعة لأي قيود أو رهونات، والتي يمكن تحويلها إلى نقد لاستيفاء الاحتياجات من السيولة. وكحد أدنى، يفترض أن يؤدي مخزون الموجودات السائلة إلى تمكين البنك من البقاء لغاية 30 يوماً وفقا لسيناريو الضغط، ومن المفترض أنه خلال تلك الفترة يمكن اتخاذ الإجراءات التصحيحية من قبل الإدارة و/أو المشرفين و/أو البنك وبالتالي يمكن حل تلك المسألة بطريقة مناسبة.وبالتالي، فإن نسبة تغطية السيولة تعرّف بمخزون الموجودات وصافي التدفقات المحتملة للأموال إلى خارج البنك. ويتم احتساب هذا التدفق على أساس سيناريو الضغط لمدة 30 يوماً، التي تقع خلالها صدمة كبرى للسوق تؤدي إلى سحب أي من ودائع الأفراد أو مصادر تمويل الشركات، أو كليهما، ولا تقابل إلا بموجودات متداولة خارج نطاق السوق، مثل القروض الشخصية وقروض الشركات، والتي تستحق خلال نفس الفترة البالغة 30 يوماً.على سبيل المثال، فإن الموجودات التي تتميز بأعلى جودة، مثل العملات المعدنية وأوراق البنكنوت في الصندوق والأرصدة المحتفظ بها لدى «المركزي»، تكون فرصتها منعدمة (صفر) من حيث توفرها لأغراض السداد إلى الدائنين في حالة ندرة السيولة، وبالتالي يحدد لها وزن 100 في المئة. وعلى جانب التدفقات النقدية، فإن ما تسمى بالودائع «المستقرة»، التي هي عبارة عن أرصدة معاملات مؤمنة بالكامل من خلال خطة تأمينية فعالة للودائع، تخضع لمعامل السحب البالغة نسبته 5 في المئة، أي ان هناك افتراضاً بأن 5 في المئة فقط من تلك الودائع سيتم سحبها أثناء فترة أزمة السيولة التي تمتد إلى 30 يوما. وفي الوقت ذاته، يُفترض أن البنك سيتلقى دفعات بجميع المبالغ النقدية المتعلقة بمحفظة قروضه ذات الأداء المنتظم والتي تستحق خلال نفس الفترة.التمويل المستقربينما تركز نسبة تغطية السيولة على مرونة البنك على المدى القصير خلال فترة أزمة السيولة، فإن الهدف من صافي نسبة التمويل المستقر، يتمثل في تقليل مخاطر التمويل خلال فترة زمنية أطول، عن طريق مطالبة البنوك بتمويل أنشطتها بمصادر تمويل مستقلة على نحو كافٍ. ويعرّف صافي نسبة التمويل المستقر على أنه مبلغ التمويل المستقر المتاح، بالنسبة إلى مبلغ التمويل المستقر المطلوب، إذ يتعين على البنك الاحتفاظ بنسبة تعادل أو تزيد على 100 في المئة بجميع الأوقات.ويعرّف التمويل المستقر على أنه الجزء من رأس المال والمطلوبات، المتوقع أن يكون موثوقاً به، أي الذي لا يتم سحبه خلال الأشهر الاثني عشر المقبلة. ويمثل مبلغ ذلك التمويل المستقر المطلوب (التمويل المستقر المطلوب)، إحدى خصائص السيولة والاستحقاقات المتراكمة لمختلف الموجودات التي يحتفظ بها البنك.ولا يكون التمويل المستقر مطلوباً للنقد، لأنه يُستخدم بصفة فورية، ويكون مطلوباً من البنوك توفير تمويل مستقر بنسبة 100 في المئة (من مطلوباتها التي تستحق خلال سنة واحدة) للقروض التي يبلغ أجلها أكثر من سنة واحدة. ويستلزم الالتزام بهذه القاعدة إيلاء الانتباه تماماً إلى مخاطر عدم المواءمة، بين استحقاقات الموجودات والمطلوبات وإدارتها على نحو سليم.وتم اعتماد المبادئ الإرشادية لصافي نسبة التمويل المستقر، من قبل مجلس إدارة «المركزي» في اجتماعه المنعقد بتاريخ 25 أكتوبر 2015، على أن تلتزم البنوك بهذه القاعدة هذا العام.سيولة المصارفتعد الكويت متقدمة في ما يتعلق بمتطلبات الإفصاح المطبقة فيها، إذ لا تطلب جميع المناطق من بنوكها حتى الآن أن تفصح عن نسب تغطية السيولة وفقاً لـ «بازل 3». وهناك 3 دول في مجلس التعاون الخليجي هي الإمارات العربية المتحدة، وقطر، ومملكة البحرين، لم تفرض ذلك بصفة إلزامية حتى الآن، في حين أنه في بعض الأسواق المتقدمة، خصوصاً سنغافورة والمملكة المتحدة، فإن الإفصاح عما يزيد على النسبة الأساسية ليس مطلوباً أيضاً حتى الآن.وبينما يوجد اختلاف كبير بين الدول خصوصاً في هونغ كونغ وسنغافورة، هناك فرق معلن على نطاق واسع بين نسب تغطية السيولة في دول مجلس التعاون الخليجي والأسواق المتقدمة. ويبلغ متوسط نسبة تغطية السيولة للبنوك الخليجية التسعة التي أجريت عليها الدراسة 238 في المئة، بينما يبلغ متوسط النسبة في بنوك الأسواق المتقدمة 139 في المئة.وهناك عدد من التفسيرات المحتملة لذلك، ومنها الفوائض المالية الخارجية الكبيرة (حيث الصادرات أكبر من الواردات) تؤدي إلى فوائض مالية محلية، إذ يعني صافي الصادرات، من حيث التعريف، أن الدولة تنتج أكثر مما تستهلك (أي إن إيراداتها أكبر من إنفاقها). وفي ظل سعر الصرف الثابت، وفي غياب إجراءات التنظيف من جانب «المركزي» لمقابلة التدفقات الداخلة من الخارج، فإن هذا الوضع سيؤدي إلى تراكم الودائع المصرفية وزيادة السيولة في النظام المصرفي، بالنسبة للطلب على الائتمان.وأظهر البنوك والمقترضون على حد سواء، عزوفاً عن الخوض في المخاطر المرتفعة في دول مجلس التعاون الخليجي.وتتصف القدرات على إدارة المخاطر بأنها أقل تطوراً، فبينما يبدو جلياً أن ارتفاع نسبة تغطية السيولة ينطوي على قدر أقل من المخاطر، فيمكن القول إن نسب تغطية السيولة في أنحاء الخليج مرتفعة للغاية. وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن البنوك في الأسواق المتقدمة، ورغم سعيها إلى التأكد من توفر السيولة لديها على نحو آمن، فيبدو أنها تسعى إلى الاحتفاظ بالحد الأدنى من السيولة الفائضة. وفي نهاية المطاف، يتضح أن الاحتفاظ بموجودات سائلة عالية الجودة، وهي المطلوبة وفقاً لقواعد نسبة تغطية السيولة، يؤدي إلى سداد عوائد أقل من الموجودات ذات المخاطر المرتفعة، مثل قروض البنوك التقليدية. وبالتالي، فإن إعادة توزيع الموجودات من المالية العامة إلى الإقراض المصرفي، سيؤدي إلى زيادة في صافي هامش الفوائد والربحية بشكل عام. الكويت والسعوديةفي حين أن البنوك الكويتية قد تمتلك مستويات سيولة أعلى مما تحتاجه، مما قد يؤدي إلى إضعاف ربحيتها، فإن أكبر 3 بنوك كويتية لديها نسبة تغطية للسيولة أقل بكثير من نظرائها في كل من المملكة العربية السعودية وسلطنة عُمان. وفي هذا السياق، يشير ذلك إلى أنها ربما تتفوق من حيث موازنة المطالبات التنافسية لإدارة مخاطر السيولة، وزيادة الربحية أكثر من نظرائها في دول مجلس التعاون الخليجي.وتشمل العوامل الأساسية المؤدية إلى ارتفاع نسب تغطية السيولة في المملكة العربية السعودية، احتفاظ البنوك السعودية بنسبة أعلى من الموجودات السائلة عالية الجودة إلى إجمالي موجوداتها مقارنةً بالبنوك الكويتية.وتملك البنوك السعودية نسبة أعلى بكثير للموجودات السائلة عالية الجودة، إلى ودائع الشركات غير المضمونة مقارنةً بالبنوك المحلية.ويعكس ذلك أن البنوك الكويتية تعتمد بشكل أكبر على تمويل الشركات مقارنةً بالبنوك السعودية، حيث غالباً ما تتعهد بقدر كبير من «التداول المحمول»، الذي تحقق من خلاله عوائد من قبول الودائع من المؤسسات المالية ثم إيداعها مرة أخرى في مختلف أسواق النقد بعوائد أعلى.ورغم انخفاض أهميتها، تحتفظ البنوك السعودية أيضاً بتدفقات خارجة أقل مقابل الموجودات السائلة عالية الجودة في ما يتعلق بأنشطة المشتقات المالية، والتمويل الطارئ وغيرها من التدفقات النقدية التعاقدية الخارجة. وتؤدي هذه العوامل، بالإضافة إلى المستويات النسبية لتمويل الشركات، إلى الفرق الكبير في نسبة الموجودات السائلة عالية الجودة إلى التدفقات النقدية الخارجة.كما ترتبط التدفقات الداخلة لكل من البنوك السعودية والكويتية بشكل أساسي بالقروض المنتظمة، إذ يشير معدل التدفقات الداخلة الأعلى بكثير في الكويت إلى استحقاق أقصر بشكل عام في محفظة القروض. وبطبيعة الحال، بينما تؤدي محفظة القروض ذات المدة الأقصر نسبياً إلى تخفيض مخاطر السيولة لكل بنك على حدة، فإن مخاطر انتقال أزمة التمويل إلى المقترضين تزداد.وتعتبر نسب تغطية السيولة في الكويت مرتفعةً، ما يفترض أن يوفر قدراً كبيراً من الارتياح لدى الجهات الرقابية والمودعين وغيرهم من الدائنين وأصحاب المصالح.وبالتالي، فإن المقارنة بالسعودية لا يقصد بها إثارة المخاوف، بل توضيح أوجه الاختلاف، وفي هذه الحالة، لتوضيح أسباب امتلاك البنوك السعودية لمستويات قد تكون زائدةً من السيولة.وهنا يؤدي المستوى المرتفع نسبياً للتمويل ما بين البنوك في الكويت، إلى انخفاض الحاجة إلى قواعد نسب تغطية السيولة في المقام الأول، ومن المبكر على «المركزي» أن ينصح البنوك بالاحتفاظ بمصدات مريحة تزيد على نسبة 100 في المئة.
مشاركة :