على ذراعه اليسرى، يستعرض فيليب كوتينيو وشمًا بسيطاً كُتب فيه: «لا تتوقف أبداً عن الحلم» توضح هذه العبارة جيداً ما عاشه منتخب السيليساو» يوم الجمعة في سانت بطرسبورج بعد انتصاره الدراماتيكي والمتأخر على كوستاريكا بنتيجة 2-صفر، ويعكس أيضاً مسيرة هذا اللاعب في خضم كأس العالم، وقد جاء الوقت ليفرض كوتينيو نفسه كنجم في بلاده.وقال كوتينيو عندما سُئل عن الوشم الذي في جسده: «هذه ميزة في شخصيتي. لا أستسلم أبداً، بغض النظر عن اللحظة التي أعيشها»، مضيفاً «اليوم كانت هذه المباراة خير دليل على ذلك».الآن يُمكن التساؤل عن التحديات التي واجهها خلال مسيرته، هذا اللاعب الذي ذاع صيته في الدوري الإنجليزي مع ليفربول، قبل أن يتألّق في صفوف برشلونة. حالياً، يعيش كوتينيو أفضل أيامه، خصوصاً بعد تسجيل هدفين في أول مباراتين في كأس العالم، ولعب دوراً أساسياً في حصد البرازيل نقاطها الأربع. ولكن هذا الطريق لم يكن مفروشاً بالورود. غادر كوتينيو البرازيل في سن مبكرة، تعاقد معه إنتر ميلان قادماً من فاسكو داجاما، عندما كان عمره لا يتجاوز 16 عاماً، في عام 2008 اضطر لاعب خط الوسط الهجومي للانتظار عامين لبلوغ سن الرشد للعب في إنتر ميلان، حيث لم يستقر أبداً، بعد موسم في نادي إسبانيول على سبيل الإعارة، تعاقد معه نادي ليفربول في عام 2013، والباقي قصة معروفة للجميع.صنع التاريخ أولاً على مستوى الأندية، كان صعوده في نادي شمال إنجلترا تدريجياً، لكن ليس في الوقت المناسب لاستدعائه للمشاركة في كأس العالم في البرازيل عام 2014، في تلك الفترة، كان نيمار، زميله في فئة الشباب للسيليساو، يتقدم بخطى عملاقة ليصبح نجماً في بلاد السامبا.بعد تعافيه من عملية جراحية على مستوى القدم، عاش مهاجم فريق باريس سان جيرمان فترة عصيبة. وهذا ما يُفسّر ردة فعله بعد نهاية المباراة أمام كوستاريكا، حيث سقط باكياً على أرض الملعب، وفي ظل تواصل فترة تعافيه تدريجياً، بات كوتينيو يلعب دوراً حاسماً.سجّل كوتينيو أولاً هدف التعادل ضد سويسرا بتسديدة دائرية مذهلة من خارج منطقة الجزاء، أما هدفه الثاني في مرمى كوستاريكا فقد كان مختلفاً تماماً: من لمسة واحدة بالقرب من المرمى، وبما أن الهدف جاء في الوقت بدل الضائع، فإنه كان غاية في الأهمية أيضاً.قفزته المذهلة داخل الملعب احتفالاً بالهدف تتناقض مع خجله أمام الميكروفونات. وقد فاز للمرة الثانية بجائزة أفضل لاعب في المباراة، ومع ذلك، لم يكترث للهدفين ودور المنقذ الذي لعبه داخل الملعب، في أروقة ملعب سانت بطرسبورج، لم يتردّد في إعطاء الأولوية للمجموعة.خلال هذا الأسبوع في سوتشي، سُئل كوتينيو مباشرة عمّا إذا كان بالفعل ينافس على جائزة أفضل لاعب في العالم. أجاب قائلاً: «أنا لا أحب الحديث عن نفسي»، مضيفاً «هذا الأمر لا يدور في رأسي الآن، لكنني أفضّل أن يتحدث الآخرون عني».من جهته، برر نيمار بكاءه بعد الفوز على كوستاريكا، وقال بأنه كان بكاء بسبب السعادة وتحقيق الفوز في هذه المباراة.وكان المنتخب البرازيلي استهل مسيرته في البطولة الحالية بالتعادل 1 - 1 مع نظيره السويسري لكنه حقق الفوز على كوستاريكا بهدفين في الدقيقتين الأولى والسابعة من الوقت بدل الضائع للمباراة.وعقب انتهاء المباراة، جثا نيمار على ركبتيه في أرض الملعب وانخرط في البكاء.وكتب نيمار على حسابه الشخصي بموقع «انستجرام» للتواصل الاجتماعي عبر الإنترنت: «لا يعلم الجميع بما حدث لأكون هنا. يتحدثون كثيرا كالببغاوات. ولكن الفعل... يفعلون قليلا».ولم يقدم نيمار مباراة كبيرة بل وأخفق في أكثر من فرصة أمام المرمى الكوستاريكي لكنه سجل الهدف الثاني لفريقه في النهاية قبل أن ينفجر بالبكاء.وبرر نيمار البكاء قائلاً: «هذه دموع فرح وقوة، كان البكاء لسعادتي وللتغلب والرغبة في تحقيق الفوز. في حياتي، لم تكن سهلة على الإطلاق. الآن يستمر الحلم. ليس حلما ولكنه هدف».وأثارت دموع نيمار قلقاً وانتقادات في البرازيل. وكتبت «أو جلوبو»، كبرى صحف البلاد، «من غير الطبيعي البكاء في المباراة الثانية من كأس العالم»، وأضافت «صادقة كانت أم لا، دموع نيمار مقلقة، كانت إما دليلا على عدم استقرار مقلق، أو إعادة ظهور لنرجسية تمكن نيمار من السيطرة عليها خلال كامل المباراة تقريباً». من جهته، اعترف المدرب تيتي المدير الفني للمنتخب البرازيلي بأن العصبية سيطرت على فريقه خلال الشوط الأول من المباراة التي فاز فيها على نظيره الكوستاريكي.وقال تيتي، في المؤتمر الصحفي بعد المباراة: «في الشوط الأول، اتسم الفريق بالعصبية وأضعنا العديد من التمريرات. ولكننا قدمنا عرضا رائعا في الشوط الثاني. كان رائعا في إيقاع اللعب واستغلال الفرص والدقة في التمرير».وأعرب تيتي عن سعادته البالغة بالفوز في المباراة مشيرا إلى أن أكثر ما يسعده هو «تركيز اللاعبين لمدة 95 أو 97 دقيقة».وقال تيتي: «كنا في غاية التركيز خلال الشوط الثاني. صنعنا الفرص ولعبنا بشكل رائع ولكن الكرة لم تدخل المرمى. واعتقدت أنه من المستحيل أن تهز الشباك. سنحت لنا العديد من الفرص، و(كيلور) نافاس تصدى للعديد منها».وعن أداء نيمار الذي لم يكن جيدا مثلما حدث في المباراة الأولى أمام سويسرا، أوضح تيتي: «كل لاعب يظهر جيدا إذا كان الجميع بحالة قوية. يجب علينا جميعا أن نتحمل مسؤولياتنا. كان بعيدا عن الملاعب لثلاثة أشهر ونصف الشهر. إنه بشر».وعن سقوطه خلال ركضه احتفالاً بهدف التقدم لفريقه، والذي سجله كوتينيو، قال تيتي مازحا: «أعتقد أنني أصبت» وأشار: «رأيت أن الكرة لم تدخل المرمى. وعندما دخلت المرمى أخيرا، ركضت واصطدمت بإيدرسون وسقطت أرضا. رأيت كاسيو يضحك. ولم أستطع الاحتفال مع الفريق مثلما كنت أريد».كما أشار تيتي إلى ضربة الجزاء الملغاة لنيمار عن طريق نظام حكم الفيديو المساعد (فار)، وقال: «لا نريد أن يساعدنا الحكام للفوز بمباراة، نريد تحكيماً عادلاً فقط. مثلما استعانوا بنظام (فار) اليوم، كان يجب أن ينظروا للمباراة الماضية أيضا. هذا أمر واضح. المنتخب البرازيلي لا يحتاج مساعدة. من يريد الفوز عليه أن يكون أفضل منافس».
مشاركة :