يعتبر العلاج الفيزيائي أو كما يسمى بإعادة التأهيل الوظيفي، إحدى مهن الرعاية الصحية، التي تقدم الخدمات للأفراد من أجل الحفاظ على الحركة وتطويرها وإعادتها إلى الحد الأقصى من القدرة الوظيفية في جميع مراحل الحياة، ويشمل هذا تقديم الخدمات في الظروف التي تهدد الحركة مثل الشيخوخة والإصابات والأمراض أو العوامل البيئية، حيث يهتم العلاج الفيزيائي بتحديد وتحسين جودة الحياة وإمكانية الحركة ضمن مجالات الوقاية والعلاج والتأهيل، فكل مرض أو حالة لها أهداف تختلف عن الأخرى.ينطوي العلاج الفيزيائي على التفاعل بين اختصاصيي العلاج الفيزيائي والمرضى وغيرهم من المهنيين الصحيين والأسر ومقدمي الرعاية والمجتمعات المحلية، حيث يتم تقييم إمكانية الحركة والأهداف المتفق عليها، باستخدام المعارف والمهارات الفريدة للعلاج الفيزيائي، ويمارس العلاج الفيزيائي طبيب متخصص في المجال، حيث يستخدم طبيب العلاج الفيزيائي التاريخ المرضي والفحص البدني للوصول إلى التشخيص ووضع خطة التدبير، وتدرج عند الضرورة نتائج التحاليل المختبرية وصور الأشعة، ويمكن أيضاً استخدام التخطيط الكهربائي للعضلات واختبار سرعة التوصيل العصبي. تاريخ العلاج الفيزيائي يعتقد أن أبقراط وجالينوس كانا أول من مارسا العلاج الفيزيائي والتدليك، إضافة إلى تقنيات العلاج اليدوي والعلاج بالماء لعلاج المرضى في عام 460 قبل الميلاد، وقد ظهرت كلية العلاج الفيزيائي في جامعة أوتاجو في نيوزيلندا في عام 1913، وكلية ريد في بورتلاند بولاية أوريغون بالولايات المتحدة عام 1914. وحفزت البحوث والدراسات العلمية حركة العلاج الفيزيائي، حيث نشر أول بحث في العلاج الفيزيائي في الولايات المتحدة في مارس/آذار 1921، في دورية أطباء العلاج الطبيعي، وفي نفس العام أسست ماري ماكميلان جمعية العلاج الطبيعي، التي يطلق عليها الآن جمعية العلاج الطبيعي الأمريكية «APTA»، وفي العام 1924، شجعت مؤسسة «جورجيا وارم سبرينجس» المجال بالترويج للعلاج الطبيعي كعلاج لمرض شلل الأطفال.وقد تألف العلاج في أربعينات القرن الماضي في المقام الأول من التمرين والتدليك والسحب، وبدأ بعدها بممارسة الإجراءات اليدوية للعمود الفقري، خصوصاً في بلدان الكومنولث البريطاني في أوائل الخمسينات، وفي وقت لاحق من ذلك العقد، بدأ العلاج الطبيعي في تجاوز ممارسته في المستشفيات، إلى العيادات الخارجية في مراكز العظام والمدارس العامة والكليات والجامعات، ومرافق التمريض المتخصص ومراكز إعادة التأهيل والمستشفيات والمراكز الطبية. التعليم أدرك الاتحاد العالمي للعلاج الطبيعي حقيقة أن هناك تنوعاً كبيراً في المجالات الاجتماعية والبيئات الاقتصادية والثقافية والسياسية في تدريس اختصاصيي العلاج الفيزيائي في جميع أنحاء العالم، ولذلك أوصى بأن تستند دراسة العلاج الطبيعي إلى الدخول في مستوى من البرامج التعليمية لمدة لا تقل عن أربع سنوات، وقد تم بعد ذلك استحداث العديد من البرامج الدراسية التي تهدف إلى الارتقاء بمستوى العلاج الطبيعي مثل برنامج دكتور العلاج الطبيعي (DPT)، الذي بات من أهم متطلبات ممارسة المهنة بالولايات المتحدة الأمريكية، وبدأت بعض الدول العربية بتطبيق هذا البرنامج.وتتكامل البرامج التعليمية لاختصاصيي العلاج الطبيعي بين النظرية والممارسة وتواصل التعلم، ويبدأ هذا مع قبول معتمد لبرنامج العلاج الطبيعي وتنتهي مع التقاعد من الممارسة الفعلية، وبالتالي فإن الهدف العام من البرامج المهنية التعليمية للعلاج الفيزيائي هو تثقيف اختصاصيي العلاج الطبيعي، وإكسابهم الثقة بالنفس والقدرة على التواصل مع باقي أعضاء الفريق الطبي والمرضى، والتكيف مع الواقع المهني الجديد لمهنة العلاج الفيزيائي، واكتساب القدرة على التفكير النقدي والتعلم مدى الحياة والقيم الأخلاقية، وإصدار أحكام مستقلة بشأن المريض أو احتياجات العميل. التخصصات تتنوع تخصصات العلاج الفيزيائي بين القلب وطب المسنين وطب الأمراض العصبية وجراحة العظام وطب الأطفال، حيث يعمل أطباء العلاج الفيزيائي في العديد من الأماكن، مثل العيادات الخارجية أو المكاتب، ومرافق إعادة التأهيل للمرضى الداخليين، إضافة إلى مرافق الرعاية الممتدة والمنازل الخاصة والجامعات، والمراكز البحثية والمدارس ودور العجزة، وأماكن العمل الصناعية أو غيرها من البيئات المهنية. وتختلف المؤهلات التعليمية اختلافاً كبيراً باختلاف البلد، على مدى يتباين في بعض البلدان التي لديها القليل من التعليم النظامي، وبين أخرى تتطلب شهادات الماجستير أو الدكتوراه لممارسة المجال.ونسبة لأن مجال العلاج الفيزيائي كبير جداً، يتخصص بعض أطباء العلاج الفيزيائي في مجالات سريرية محددة، في حين أن هناك العديد من الفروع المختلفة من العلاج الفيزيائي.أنشأ المجلس الأمريكي لتخصصات العلاج الفيزيائي قائمة بـ 7 شهادات متخصصة، منها العلاج الطبيعي الرياضي والعلاج السريري الكهربي. ومن أكثر المجالات شيوعاً في جميع أنحاء العالم العلاج الطبيعي للقلب، حيث يستخدم لإعادة تأهيل عدد كبير من المرضى الذين يعانون اضطرابات القلب والأوعية الدموية، أو أولئك الذين خضعوا لعمليات جراحية في القلب أو الرئتين، علاوة على طب الشيخوخة الذي يغطي مساحة واسعة من القضايا المتعلقة بالمسنين مثل التهاب المفاصل وهشاشة العظام والسرطان ومرض الزهايمر، واستبدال مفصل الورك، واضطرابات في التوازن وسلس البول وغيرها من الأمراض.يساعد العلاج الفيزيائي للشيخوخة المتضررين من مثل هذه المشاكل في وضع برنامج متخصص للمساعدة على استعادة الحركة والحد من الألم وزيادة مستويات اللياقة البدنية، كما يمثل العلاج الفيزيائي العصبي أحد المجالات، حيث يركز على العمل مع المرضى الذين يعانون اضطرابات أو أمراضاً عصبية تشمل داء الزهايمر واعتلال الأعصاب الحركية وإصابات الدماغ والشلل الدماغي والتصلب المتعدد والشلل الرعاشي وإصابات الحبل الشوكي والسكتة الدماغية.ومن المجالات الأخرى طب العظام الذي يساعد من خلال العلاج الفيزيائي على تأهيل المرضى بعد العمليات الجراحية للكسور، وإصابات الملاعب مثل الرباط الصليبي، كما يساعد على علاج الروماتزم وخشونة المفاصل وارتخاء العضلات لدى كبار السن. أما العلاج الفيزيائي للأطفال فيساعد على الكشف المبكر عن المشكلات الصحية، ويتم فيه استخدام مجموعة واسعة من الطرق لعلاج اضطرابات الأطفال، ويتخصص هؤلاء المعالجون في تشخيص وعلاج الأمراض التي تستدعي التدخل الطبيعي، فضلاً عن إدارة للرضع والأطفال والمراهقين الذين يعانون مجموعة متنوعة من الأمراض الخلقية والتنموية والعصبية والعضلية والعظمية، أوالاضطرابات المكتسبة. وتركز العلاجات على التحسين العام والتوازن والتنسيق، والقوة والتحمل وكذلك التكامل الإدراكي والحسي، كما يمكن معالجة الأطفال الذين يعانون تأخراً في النمو والشلل الدماغي أو تشوهات الرقبة.
مشاركة :