فيما راح الرئيس الفلسطيني محمود عباس يهدد، ويهدد، ويهدد، ويلوّح، ويلوّح، ويلوّح بعدم العودة لطاولة المفاوضات ما لم يتم تحديد سقف زمني لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، كان نائب الرئيس الأمريكي جون بادين، ووزير الخارجية جون كيري، وكبيرة مستشاري أوباما السيدة فاليري جارت يستمعون في مؤتمر "صبان" السنوي لنتائج استطلاع الرأي العام الأمريكي حول القضية ذاتها! والواقع أن نتائج الاستطلاع حملت ما يبعث على الضحك تارة، وعلى البكاء أخرى، وما يبعث عليهما معًا، وفي وقت واحد في النتيجة الرئيسة! وفي ذلك تقول النتيجة إن 71% من الأمريكيين يؤيّدون دولة واحدة للفلسطينيين والإسرائيليين، يعيشون فيها في سلام ووئام، ويطبّقون فيها قيم العدل والحرية، وينعم فيها الشعبان بنظام ديموقراطي! لقد طلب الجانب الأمريكي من "أبو مازن" -كما يقول الرجل- أن يمهلهم ستة أشهر للردّ دون أن يردّوا، وكانوا قبلها قد طلبوا ستة أعوام دون أن يردّوا، وكانوا على مدار ستة عقود يطلبون إمهالهم دون أن يصل الرد! وحدها إسرائيل كانت تبادر بالرد، تارة بالصواريخ، وأخرى بالطائرات، وثالثة بالغزو البريّ، ورابعة بالاغتيال، وخامسة بالتهجير القسري، وسادسة، وسابعة، وثامنة، وتاسعة، وعاشرة بالاستيطان..! وكأنّ مهمّة المهلة تلو المهلة هي المزيد من الاستيطان والتهويد لكل شيء! المدهش في مؤتمر "صبان" أن قائمة الحضور ضمّت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وزعيم المعارضة يتسحاق هيرتسوغ، ووزيرة القضاء السابقة تسيبي ليفني! والأكثر إيلامًا ودهشة أن الجانب الأمريكي الذي شارك الجانب الإسرائيلي في الاستماع، بل الاستمتاع بنتائج الاستطلاع رفض، ويرفض بشدة أي تحرك من الجانب الفلسطيني صوب مجلس الأمن! كنتُ أتصوّر أن يرفض الجانب الأمريكي والأوروبي، وكل الجوانب أو الأجناب الأخرى تلويح عباس باللجوء لداعش، أو القاعدة، أو النصرة، لكن الرجل يلوّح مجرد تلويح بالذهاب لمجلس الأمن الذي هو تابع للأمم المتحدة! مع الأخذ في الاعتبار أنه لا القاعدة، ولا داعش، ولا النصرة تهمّهم القدس، أو المسجد الأقصى بقدر ما تهمّهم أشياء أخرى أكثر خطورة وأهمية، مثل زوجة الشيشاني، وطليقة البغدادي "سجى وعلا". لقد أعاد مؤتمر "صبان" الذي جاء كما يبدو لتسلية إسرائيل، أو الترفيه عنها؛ ليعيد نظرية العقيد القذافي الذي طالب فيها بإنشاء دولة "إسراطين"! لكن الطين الحقيقي لم يكن في "صبان"، أو في حديث ليبرمان الذي يؤكّد على هامشه على أنه لو انسحبت إسرائيل من الضفة لانهارت السلطة الفلسطينية في اليوم التالي! الطين كان في فلسطين وتحديدًا في رام الله، حيث احتدمت المعركة بين الحمدالله وعزام الأحمد حول تعيين وزيرة التعليم "خولة الشخشير" في حكومة التوافق.. وفي ذلك يقول الأحمد إن تعيين خولة التي هي شقيقة زوجته كان بطلب من الحمدالله! وهنا سارع الحمدالله بالظهور على الهواء لينفي ذلك! وحتى يتم حسم أمر خولة الشخشير من حق ليبرمان وكل الحاضرين لمؤتمر "صبان" أن يناموا ويستغرقوا في النوم، ويعلو صوت أنفاسهم وهم نائمون، فإذا ما استيقظوا من سباتهم طلبوا من عباس أن يمهلهم ستة عقود أخرى حتى تنتهي إسرائيل من تهويد ما تبقى، وهدم ما تبقى، وبناء مستوطنات جديدة، لكنها هذه المرة للشعب الفلسطيني، الذي سيعيش وسط الشعب الإسرائيلي في دولة إسراطين! المشكلة الوحيدة التي ستجعلهم لا ينامون في "صبان"، أو في تل أبيب هي تلك القنبلة البشرية التي ستنفجر حتمًا في قلب "إسراطين"، فتجعلها فلسطين، وعندها فقط يصبح الذهاب لمجلس الأمن مطلبًا عالميًّا!! sherif.kandil@al-madina.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (41) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain
مشاركة :