تجاوز مفهوم "الحوكمة" القدرة على ضبط الشركات إدارياً ومالياً إلى بناء ثقافة من التعاملات، والأخلاقيات، والمسؤولية المهنية والقانونية بين العاملين، بما يضمن مزيداً من الاستقرار للسوق، والاستمرارية في العمل، والخروج من "عقدة الكبير" إلى تطبيق النظام، وتحديداً في الشركات العائلية التي ثمثّل اليوم (80%) من اقتصادات العالم، وربما هي أكثر من هذا الرقم لدينا في المملكة، خاصة حجم عوائد العوائل التي تمتلك وكالات عالمية. ومشروع "الحوكمة" في القطاعين العام والخاص لم يعد خياراً، أو ترفيهاً، وإنما أصبح ضرورة، وتحديداً مع تزايد حالات الفساد، والتطاول على المال العام، وبالتالي نحتاج إلى استكمال الحوكمة بدءاً من الشركات المساهمة - وهو مطبق حالياً بشكل إلزامي من قبل هيئة سوق المال - ثم الشركات العائلية التي لا تزال وزارة التجارة تحفّز القائمن عليها من دون إلزام، وانتهاء بحوكمة مؤسسات الدولة وهو ما نطمح إليه يوماً ما. "ندوة الثلاثاء" تناقش هذا الأسبوع "حوكمة الشركات"؛ بالتركيز في الشركات العائلية التي تلاشى 70% منها تقريباً في الجيل الرابع؛ بسبب الخلافات بين الأحفاد، وعدم وجود أعضاء مستقلين في مجلس الإدارة خوفاً من "التسريب". مفهوم الحوكمة في البداية تحدّث "نايف الفهادي" عن المقصود بمصطلح الحوكمة، قائلاً: إن التعاريف كثيرة، وفي كل مكان ربما تجد لها تعريفاً معيناً، مضيفاً أن مصطلح الحوكمة له أهمية بحسب الحاجة الخاصة لاستخدامها في منشأة ما، مبيناً أنها منظومة متألفة من عدة مكونات تشمل الثقافة والوعي والنضج والمبادرة والمؤسساتية والمسؤولية والأنظمة والأخلاقيات، وهي دائرة متكاملة تختلف موازين كل فكرة منها بحسب مستوى ونضج مجتمع الأعمال المتلقي لها، ذاكراً أنه مع وتيرة التغيير في المشهد التشريعي في العالم ككل، وفي منطقتنا خاصة -كما هو واضح في المملكة على وجه التحديد-؛ تبرز "الحوكمة" كعاضد مهم ومساعدة في استقرار الاقتصادات بشكل عام، وأسواق رأس المال بشكل خاص، مشيراً إلى أن هذا العضد يتمثّل في فهم الفرد -عضو مجلس الإدارة- للدور المنوط به؛ كونه المكون الأساس للتطبيق على أرض الواقع، وهذا يعتمد على وعي المشرّع أو قطاع الأعمال بأهمية تحديد هذا الدور بدقة. الفهادي: «الحوكمة» تحد من استخدام السلطة وتفعّل أداء مجالس الإدارة وتعزز من الرقابة والشفافية وتحدد الصلاحيات وأضاف أنّه يُقصد بحوكمة الشركات ذلك النظام الذي يحدد من خلاله حقوق ومسؤوليات مختلف الأطراف كمجلس الإدارة والمديرين والمساهمين وغيرهم من أصحاب المصالح في الشركة، فهي مجموعة من العلاقات بين إدارة الشركة ومجلس الإدارة والمالك وجميع الأطراف ذات العلاقة، وبذلك تكون الأسلوب الذي يقدم الهيكل الذي من خلاله يتم مراقبة الأداء، والنتائج، والتوجيه بالأسلوب الناجح لممارسة وإدارة السلطة، والذي من خلاله تقدم جميع الحوافز اللازمة إلى مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية العليا في سعيهما إلى تحقيق الأهداف المتفق عليها لخدمة مصالح الشركة ومساهميها، وفق إجراءات المراقبة والتوجيه الأمثل لاستخدام موارد الشركة بكفاية وفعالية، مشيراً إلى أنّ الشركات التي تطبق مبادئ الحوكمة بشكل فعّال تعزز مستوى الثقة والاطمئنان لدى مساهميها على استثماراتهم؛ لأنّ ذلك يعدّ مؤشراً على دراية مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية بالمخاطر التي تحيط بالشركة، وبالتالي قدرتها على إدارة هذه المخاطر والحد منها؛ مما يساعد المستثمر على اتخاذ قراره الاستثماري مع مراعاة المعايير الأساسية الأخرى للاستثمار؛ وذلك أنّ ممارسة الشركات للحوكمة ممارسة فعالة تؤدي إلى جذب المستثمرين واكتساب ثقتهم لما لها من ميزات أهمها توفير العدالة والشفافية لجميع أصحاب المصالح. وأشار إلى أنّه في الغالب يلجأ المستثمرون إلى أصحاب الخبرات لإدارة أعمال الشركات التي يستثمرون بها؛ نظراً إلى افتقارهم للوقت الكافي والخبرات اللازمة لإدارة تلك الشركات، ومن هذا المنطلق تبرز الحاجة إلى تطبيق الحوكمة التي تعزز ثقة المالك بأنّ أعضاء مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية للشركة ملتزمون تحقيق أهداف الشركة والحفاظ على حقوقهم، مشيراً إلى أنّه تتمثل التحديات التي تواجه المالك في أن أصحاب الخبرات من المديرين ليسوا في الغالب من ملاك الشركة، فمن المحتمل أن يغلب المدير مصالحه الشخصية على مصالح المالك، ومن هنا تبرز الحاجة إلى تطبيق حوكمة الشركات؛ وذلك ببناء الأدوار التي تهدف إلى تكامل وتعزيز العالقة بين إدارة الشركة ومالكها وجميع الأطراف من أصحاب المصالح ومن ثم تحقيق مبدأ العدالة والشفافية. الاختيار المناسب وتداخل "آرون جاوهري"، موضحاً أن للحوكمة عدة تعريفات لدى كثير من المتخصصين، مؤكداً على أنها المعلومة الصحيحة حول اختيار الأشخاص المناسبين في الوقت المناسب، ذاكراً أنه يُقصد بالأشخاص المناسبين من يستطيع اتخاذ القرار السليم في جميع المستويات، سواء كان مجلس إدارة، أو لجان تابعة له، أو الإدارة التنفيذية، علاوةً على ذلك، ف"الحوكمة" عملية تأكيد على وضوح من يتخذ القرار بناءً على معلومات جيدة في وقت مناسب سواء كانت الإدارة التنفيذية أو مجلس الإدارة أو المساهمين. فصل الملكية وأوضح "طارق رخيمي" أنه بقدر ما تطبق مؤسسة ما أنظمة حوكمة فعالة، بقدر ما تكون هناك ثقة في المعلومات المتوفرة عن الشركة أو المؤسسة، مضيفاً أن هذه المعلومات تحكمنا في قرارات الاستثمار أو قرارات الشراكة أو أي قرار مالي، وفي الوقت ذاته نجد أن أنظمة الحوكمة تتيح نوعية فصل الملكية عن الإدارة، خاصةً أن معظم الشركات المسجلة في المملكة في وزارة التجارة وبنسبة (90%) هي شركات عائلية، مبيناً أن مشكلة هذه الشركات أنها تمر بعدة مراحل منها؛ مرحلة تأسيس، وهي التي كان يملك فيها المؤسس رؤية خاصة، ثم تأتي مرحلة الجيل الثاني الذين شاهدوا جزءاً من الخبرة، وعندما تصل الأمور إلى الجيل الثالث أو الرابع لا يمكن التحكم فيها، ذاكراً أنه بدون إدخال الحوكمة في الشركات العائلية ابتداء من الجيل الثاني فإن معظم هذه الشركات ستتعرض الى مصائب جمة، وأحياناً تنتهي وتتلاشى؛ بسبب الخلافات وتضارب المصالح، مُشدداً على أن أنظمة الحوكمة بالنسبة لمثل هذه الشركات وغيرها جزء مهم من استمرارية العمل بشكل أساسي، بل وتحقيق النجاح رغم التغييرات التي تحدث في السوق وظروف العمل. الشركات العائلية وتداخل "آرون جاوهري"، قائلاً:"الشركات العائلية أقل تنظيماً، وهناك محدودية في فرض الحوكمة على الأعمال العائلية، ولا أعتقد أن التنظيم التفصيلي لهذه الشركات يتبع النهج الصحيح؛ لأن هذا قد يحد من قدرة هذه الشركات على تنفيذ الأطر التي تتناسب مع ما تؤديه من أعمال"، مضيفاً أن الضغط لقبول التغيير ليس مناسباً بالضرورة، لكن المهم تفهم الشركات العائلية لأهمية تطبيق الحوكمة الفاعلة لتحقيق نجاحات أكبر واستدامة، مؤكداً على أن النجاح على المدى الطويل سيكون من نصيب من يُطبق الحوكمة. وأكد "كريستوفر هوبس" على أن الشركات العائلية لم تكن يوماً من الأيام تحت ضغط المشرّع؛ لذلك نجدها متأخرة عن غيرها من الشركات، مضيفاً أن تقديم الحافز للشركات وتوعيتها وتثقيفها بالتزامها بنظام الحوكمة يُساعدها على تعظيم الفائدة واستدامتها، مبيناً أن الشركات العائلية ربما ستجد وضعها في خطر مستقبلاً مع توالي الأجيال. وتداخل "طارق رخيمي" حول خطر تعاقب الأجيال بلا حوكمة، قائلاً:"هناك دراسة في جامعة (هارفرد) الامريكية أثبتت أن (70%) من هذه الشركات تلاشت في الجيل الرابع وهذه الدراسة موثقة". حقوق المساهمين وأكد "طارق رخيمي" على أن الشركات التي يوجد بها مساهمون تحتاج إلى أنظمة الحوكمة، لكن الهدف في هذه الحالة هو الحفاظ على حقوق المساهمين، حيث نجد فيها ملكية إضافةً إلى الإدارة التي تساعد على كيفية الحفاظ على حقوق كبار المساهمين، والحفاظ كذلك على حقوق صغار المساهمين، ومن ثم السيطرة على نظام المحاسبة في الإدارة ونظام فصل السلطات الموجودة داخل الشركة، مضيفاً أن الحوكمة هو نظام تأسيسي لضمان إنجاح العمل من خلال شفافية المعلومات وكيفية اتخاذ القرارات، لافتاً إلى أنهم كمستشارين ماليين كثيراً ما يواجهون العديد من المصاعب في الشركات التي ليست لديها أنظمة حوكمة، حتى أن نوعية المعلومات التي نتحصل عليها غالباً ما يكون مشكوكا في صحتها، لهذا نحرص على التدقيق في المعلومة حتى نتأكد من مصداقيتها، مبيناً أنهم يجدون في بعض الشركات الكبيرة أنظمة حوكمة وهيكل حوكمة مكتوب ولكن من دون تطبيق، متأسفاً على أن بعض الشركات الكبيرة لديها مشكلات بسبب الحوكمة وفصل السلطات واللجان، مؤكداً على أن تعميم الحوكمة بطريقة جيدة يبدأ كثقافة أكثر من دفعها كنظام. كريستوفر هوبس: السعوديون لا يبحثون عن أعضاء مستقلين في مجلس الإدارة خوفاً من «التسريب» جهود جيدة وحول تطبيق الحوكمة على أرض الواقع، أوضح "نايف الفهادي" أن هيئة السوق المالية ومؤسسة النقد يبذلان جهوداً جيدة من خلال سن التشريعات والمتابعة للقطاع المالي، مضيفاً أن وزارة التجارة صاغت أخيراً دليل حوكمة الشركات العائلية وميثاقها الاسترشادي، مبيناً أن وسائل القياس بالنسبة للباحثين محدودة على أي حال، ويمكن تتبع قياس النتائج جراء التطبيق من عدمه لمبادئ وأسس الحوكمة على قطاع الأعمال، من خلال بعض المؤشرات العالمية، فعلى سبيل المثال جاء ترتيب المملكة في مؤشر الشفافية والفساد الدولي لهذا العام 2014م في المرتبة (55) من بين (174) دولة تم تقييمها، كما قيّم المنتدى الاقتصادي العالمي المملكة في الترتيب (24) بين (144) دولة في تنافسية الأعمال، أيضاً قيّم البنك الدولي في تقريره لعام 2014- 2015م عن بيئة الأعمال المملكة في الترتيب (62) بين (189) دولة فيما يتعلق بحماية المساهمين الأقلية، مؤكداً على أنه شكلياً خطا المشرع خطوات جيدة في سبيل صياغة ماهية الحوكمة في المملكة، ولا يزال هناك الكثير لتطويره في ما يتعلق بالتفعيل والتطبيق على أرض الواقع، ثم المتابعة والإشراف. مساءلة وعدالة وعن حوكمة الشركات، تحدث "كريستوفر هوبس"، قائلاً: على مدى العشر سنوات الماضية تقدمت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فيما يعرف ب"حوكمة الشركات"، كذلك جميع دول مجلس التعاون الخليجي لديها قانون للشركات المدرجة، فقد ابتكر المشرعون معايير للمؤسسات المالية الخاضعة للتنظيم، وهناك وعي متزايد بالحاجة لحوكمة الشركات في الشركات غير المدرجة في البورصة، مضيفاً أن جميع المعايير تتناول الركائز الأساسية للمساءلة والعدالة والمسؤولية والشفافية، مبيناً أن حوكمة الشركات ليست فقط حول الهياكل الداخلية والعمليات مثل الممارسات الجيدة للمجالس، والرقابة الداخلية، والإفصاح والشفافية وحقوق المساهمين التي تُعد أساسية لإدارة الأعمال، لكن على نحو متزايد أيضاً في التواصل بين الموظفين والجمهور، والمواقف والثقافة التي تحتاجها المنظمة للحفاظ على علامتها التجارية وتعزيز سمعتها، والمسؤولية الاجتماعية للشركات بشكل جماعي، هذه القضايا تمثل نجاح الأعمال على المدى الطويل. الأقل نمواً وعلّق "آرون جاوهري" عن حوكمة الشركات، موضحاً أن ذلك يعتمد على المكان الذي تنظر إليه الشركات المدرجة الأعمال المنظمة، أو الشركات غير المدرجة في البورصة، أو العائلية، مضيفاً أنه في الأعمال الخاضعة للتنظيم (الخدمات المالية في المقام الأول) وكذلك الشركات المدرجة لدى المملكة، فإن تنفيذ وتطبيق هذه اللوائح داخل المنظمات هو في المراحل الأقل نمواً وإلى حد كبير، مؤكداً على أن هناك سبلا لتحسين ذلك منها التأثير من قبل المشرّع، وكذلك التثقيف والتوعية، مبيناً أنه رأينا على مر السنين وعلى وجه الخصوص أخيراً أن المشرع جاد بخصوص تطبيق الحوكمة داخل الشركات، ومع ذلك يظل التثقيف والتوعية هما المفتاح لتطوير ثقافة الحوكمة داخل قطاع الأعمال، مما يلزم وجود أرضية من القبول داخل هذه المنشآت، سواء في مجلس الإدارة، أو على مستوى الإدارة التنفيذية، بأن تفعيل الحوكمة الجيدة هدف نبيل، وأن الأمور أعمق من أن تكون إجراءً شكلياً. رؤية بعيدة وأكد "كريستوفر هوبس" على أن حوكمة الشركات هي المحرك الرئيس للقيمة المضافة في أي منظمة، وهناك العديد من الحالات التي تحكي لنا كيف يمكن لسلبية تطبيق الحوكمة أو عدمه أن يؤثر سلباً على سمعة المنظمة وخفض قيمة علامتها التجارية ف(شركة إنرون، وهيوليت باكارد، أوليمبوس) أمثلة على ذلك؛ وكما نرى أمثلة في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا على كيفية التأثير الجيد بعد تطبيق الحوكمة الجيدة في مثل (بنك أبوظبي التجاري، بنك عودة، بيوتيك، دانة غاز)، مُشدداً على أن الشفافية أمر بالغ الأهمية، وهذا لا ينبغي أن يترك تماماً للإفصاح في التقرير السنوي والحسابات، مبيناً أنه ينبغي أن يكون للمنشآت مشاركة متكررة واتصال مع المجتمع الاستثماري من خلال المحافظة على برامج علاقات فعّال مع المستثمرين يمكن الشركات من إيصال رؤيتها بعيدة المدى والقضايا التي تمر بها، ذاكراً أن البرامج التي تدار بشكل صحيح ستؤدي لولاء أكبر، وتقييم أفضل، وتقليل لمخاطر التقلبات وسيولة أفضل، لافتاً إلى أن الانفتاح التدريجي للبورصة السعودية سيؤدي لمشاركة أكبر من المستثمرين، حيث يتوقع من الشركات المساهمة التطبيق الفعلي والجيد للحوكمة، فالالتزام الأمثل سيؤثر حتماً على مجتمع الشركات غير المدرجة، بما في ذلك الكيانات المملوكة للدولة وكذلك الشركات العائلية. آرون جاوهري: التشريع لا يكفي بلا وعي وأخشى أن يكون التدخل الحكومي متأخراً في تطبيق النظام إعادة نظر وفيما يتعلق بدور مجالس الإدارة في المملكة، وهل يُدرك الأعضاء الدور والمسؤولية بشكل كامل، أكد "نايف الفهادي" على أن لمجالس الإدارة تأثيرا فاعلا بقدر الوعي بتفعيل الحوكمة وتطبيقها على أرض الواقع بعيداً عن الشكليات ومستوى التنظيم لدى المنظمة أو المنشأة، مضيفاً أنه تعمل اللجان التابعة للمجالس كأذرعة متخصصة لتوسيع قدرة المجلس للإلمام بمهامه واتخاذ القرار المناسب، مبيناً أن الدراسات والمشاهدات فيما يتعلق بلجان المراجعة في الشركات المدرجة يشير إلى الحاجة لإعادة النظر في مرجعيات ومهام لجان المراجعة، مؤكداً على أن الاستقلالية في هذه اللجان لا تزال غير واضحة، كما هو تخصص أعضاء هذه اللجان، متأسفاً على أن غالبية هذه اللجان فشلت في صياغة علاقة عملية على أسس الشراكة سواء مع إدارات المراجعة الداخلية أو المراجعين الخارجيين، مشيراً إلى أن المشرّع يحتاج إلى تبني وبناء المعاهد المتخصصة لصياغة مفردات الوعي بأهمية الحوكمة ولصناعة جيل من الأعضاء المستقلين، حيث جاءت إحدى نتائج تقرير البنك الدولي في العام 2009م بشأن تقييمه للمعايير المعمول بها فيما يتعلق بالحوكمة في المملكة على أن هيئة السوق المالية تحتاج إلى النظر بعين الاعتبار في تبني برامج متخصصة في الحوكمة والزام أعضاء مجالس الإدارات بها. عقل مُدبر وتداخل "كريستوفر هوبس"، قائلاً: الإدارة تتمثل في اليد المنفذة، لكن المجالس هي "العقل المدبر"، ويجب أن تكون فعالة في تحديد الأهداف والاستراتيجية، وتوفر القيادة المثلى والإشراف على الإدارة بشكل جماعي، مضيفاً أنه ينبغي أن يكون في مجلس الإدارة مزيج ملائم من الكفاءات بشكل فردي، وكذلك ينبغي أن يكون لدى الأعضاء مهارات فكرية وتحليلية جيدة، ومقدرة على اتخاذ قرار حكيم، إضافةً إلى البُعد في الرؤية، وفهم استراتيجيات الأعمال والمهارات الإدارية الجيدة، إلى جانب القدرة على التواصل، وتحفيز الإدارة التنفيذية وقوة الشخصية لرؤية ذلك، خاصةً عند مواجهة مقاومة التغيير، لافتاً إلى أنه بشكل حاسم، يجب أن يكون عملية صنع القرار فعّالة، وهذا يعني أن يكون لدى المجلس رؤية مشتركة ولكن بتفكير مستقل على وجه الخصوص، ويفترض من الأعضاء غير التنفيذيين توفير التحدي البناء، كذلك يجب أن يكون المجلس نشطاً في توفير القيادة للإدارة التنفيذية. تحفيز القبول وعن الأهم لتفعيل حوكمة الشركات في المملكة، هل هو التشريع أم التعليم والتثقيف؟، قال "آرون جاوهري": كلاهما مهم، ولكن الأهمية النسبية تعتمد على نوع الشركة، مضيفاً أنه بالنسبة للشركات الخاضعة للتنظيم والمدرجة، فالحاجة إلى قواعد واضحة للحوكمة يلقى مزيداً من الأهمية، مبيناً أن الحاجة إلى الحوكمة لهذه الشركات تتجاوز قيمة خلق استدامة وإدارة أعمال قوية، حيث ترتكز للشركات المدرجة في ضمان سلامة السوق من خلال نهج متسق وشفاف ومستقل، وللكيانات المنظمة في حماية العملاء وضمان أرضية لخلق فرص متكافئة معقولة، ذاكراً أن التعليم يُعد جزءاً مهماً في ضمان حوكمة فاعلة داخل المنظمة، لافتاً إلى أنه بالنسبة للشركات غير المدرجة والشركات العائلية، فالتعليم والتثقيف هما المفتاح، فالتشريع لا يحتاج أكثر من المقعد الخلفي، والمشرع ينبغي أن يركز على الضغط التدريجي لتحفيز القبول بأهمية الحوكمة الجيدة، وعلاوةً على ذلك، يجب أن نكون حذرين من الإفراط في التنظيم لهذه الأعمال، ومن الأفضل أن نعمل على تطوير الأطر التي تتناسب مع طبيعة الأعمال، ومع المرحلة التي تمر بها شركة ما، آخذين في الاعتبار نوعية أصحاب العلاقة في مثل هذه الشركات. معايير عالية وحول مستقبل الحوكمة في المملكة، أشار "كريستوفر هوبس" إلى أن القوانين والأنظمة لا تقف ساكنة والمتوقع إلزام الحوكمة بشكل أوسع؛ للحد من مخاوف المجتمع المالي، ذاكراً مثال على ذلك وهي حالة حديثة جداً بصياغة مؤسسة النقد العربي السعودي معايير عالية في تطبيق الحوكمة كشرط مسبق لمنح التراخيص للعمل في تقديم خدمات التمويل العقاري والتراخيص وخدمات التمويل الأخرى، مبيناً أنه حث محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي المقترضين المحتملين للتعامل فقط مع البنوك المرخصة وشركات التمويل، وفي الوقت ذاته، شدّدت مؤسسة النقد العربي السعودي على أنها لن تتردد في اتخاذ إجراءات صارمة ضد من ينتهكون هذه القوانين، والمتوقع أن يكون هناك متابعة وإشراف كبيران. المقرن: معظم بنود نظام الحوكمة الحالي لا تنطبق على الشركات العائلية.. وينفرون منها! نوعية السوق وقال الزميل "نايف الوعيل": تُعد الحوكمة فكراً جديداً على المملكة سواء على الشركات أو المؤسسات أو على الأفراد أنفسهم، كذلك تُعد نتائج لفكر اجتماعي واقتصادي للبلد بشكل عام، مضيفاً أنه من الصعب تطبيق نظام حوكمة ناجح في مكان داخل السوق السعودي، متسائلاً: كيف سيكون استعداد السوق من حيث الشركات الخاصة العائلية أو المساهمة لتقبل هذا الفكر الجديد؟. وعلّق "كريستوفر هوبس"، قائلاً: الإجابة على هذا السؤال تحتاج إلى معرفة نوعية السوق الذي تتحدث عنه، فعلى سبيل المثال نجد جزءاً من السوق منظماً، لكن تطبيق النظام ليس بشكل كامل، وبعضها قد يكون متقدماً على غيره مثل السوق المالية، خاصةً فيما يتعلق بالشركات المدرجة، مضيفاً أن الصعوبة تكمن في الشركات غير المدرجة خاصةً العائلية، مُشدداً على أهمية توفر أعضاء مجلس إدارة مستقلين، وهذه تعد من الإشكالات الموجودة في المملكة، فنادراً أن تجد أعضاء مجلس إدارة مستقلين. وجود قانون وتداخل الزميل "عادل الحربي"، مبيناً أن اللافت للنظر لدينا في المملكة هو عدم وجود قاعدة بيانات ترصد قطاع الأعمال في الشركات العائلية، مضيفاً أن وجود القاعدة في الوضع الراهن ربما يؤدي إلى تنمية الثقافة في مجال أنظمة الحوكمة، متسائلاً: كيف نفرض نظام الحوكمة على قطاع الأعمال السعودي؟، وهل يحتاج الأمر إلى تدخل حكومي؟، أم نتحدث عن مجرد ثقافة فقط؟، وكيف نضمن حماية سمعة السوق مستقبلاً؟. وأجاب "عبدالمحسن المقرن"، قائلاً:"الشركات العائلية تنقسم إلى قسمين الأول شركات مقفلة أو محدودة، وهذه من الممكن أن ندخل فيها نظام حوكمة الشركات، وذلك عن طريق توعية الإعلام وعن طريق استعراض النجاحات الكبيرة التي طبقت في نظام الحوكمة، وكذلك عن طريق استعراض المشاكل التي واجهت الشركات التي لم تستخدم الحوكمة"، مضيفاً أن المطلوب وجود قانون في وزارة التجارة لفرض تطبيق الحوكمة على الشركات عند اعلان الميزانية، وكذلك بيان أهميتها والتعامل معها بسهولة أكبر عبر تطبيعها، مبيناً أن القسم الثاني وهي الشركات أو المؤسسات التي يملكها الأفراد ويديرونها، مقترحاً أن يتم توجيه هؤلاء إلى جعل هذه الشركات مساهمة، وبالتالي إلزامهم بتطبيق نظام الحوكمة أو جعلها شركات محدودة ومقفلة، مشيراً إلى أن الخطوة التالية بعد ذلك هي خطوة حوكمة الشركات عبر تكليف هيئة سوق المال بوضع نظام حوكمة، حيث نجحت بالفعل الهيئة بوضع نظام حوكمة رائع جداً، متمنياً أن يتم وضع نظام حوكمة خاص بالشركات العائلية. بنود مُنفرة وأوضح "عبدالمحسن المقرن" أن نظام الحوكمة الحالي فيه كثير من البنود التي لا تنطبق على الشركات العائلية، أو قد ينفر منها أصحاب الشركات العائلية، فمثلاً هناك بند يقول:"إذا كان لدى أعضاء مجلس الإدارة النشاط نفسه يجب عليه إحضار موافقة من الجمعية العمومية على هذا الترخيص، ولمدة سنة فقط"، مبيناً أن هذا البند مهم ورائع بالنسبة للشركات التي تُبنى على نظام المساهمة، لكن بالنسبة للشركات العائلية نجد بعض أعضاء مجلس الإدارة لديهم شركة أخرى في نفس المجال، متسائلاً: كيف أستطيع أن أطبق الحوكمة في ظل وجود بند يتعارض مع طبيعة العمل، مؤكداً على أهمية وجود نظام حوكمة خاص بالشركات العائلية مبني على أساس حاجتهم وحاجات المجتمع والدولة. نظام متكامل وعلّق "طارق رخيمي"، قائلاً: إن هيئات الدولة قطعت شوطاً كبيراً في مجال الحوكمة داخل المؤسسات التي تكتسب طابع السيادية ولها علاقة بقطاع المال والأعمال، وعلى سبيل المثال مؤسسة النقد التي لها نظام حوكمة مع البنوك، وهو نظام قاس جداً، كذلك هيئة سوق المال مع الشركات والبنوك الاستثمارية لديها نظام حوكمة متكامل ضمن لائحة تشتمل على فصل السلطات واللجان ونظام مؤسسي قائم على المتابعة بصورة دورية، إضافةً إلى الشركات المسجلة، حيث يطبق عليها نظام الحوكمة من قبل هيئة سوق المال بخلاف تبعيتها لوزارة التجارة؛ لأنه بمجرد تسجيل شركة مساهمة عامة، فهذا يؤدي إلى سهولة السيطرة بنظام الحوكمة وتطبيق الشفافية والافصاح، مضيفاً أن قطاع الشركات الكبيرة مثل البنوك وشركات الاستثمار المساهمة تطبق نظام الحوكمة ونظام متابعة دقيق، مبيناً أن فعالية نظام الحوكمة في تلك الشركات يختلف من شركة إلى أخرى، مشيراً إلى أن الدولة لديها محفزات من خلال هيئة سوق المال أو مؤسسة النقد السعودي ووزارة التجارة، وبالتالي تضغط على تلك الشركات والبنوك من أجل أن تلتزم بالحوكمة. وأضاف: الأمر اللافت أننا عندما نطّلع على إعلانات الهيئة نجد أن هناك عدة مخالفات عن الافصاح، وعن عدم تنفيذ بنود الحوكمة، وأسبوعياً نجد أكثر من ست شركات يصدر غرامات ضدها لعدم التزامها بانظمة الحوكمة والشفافية، مضيفاً أن مثل هذه الإجراءات مزعجة، مبيناً أن مشكلة الشركات الكبيرة تكمن في موضوع الشفافية، حيث إن لديها تحفظات بالرغم من القوانين الصارمة. طارق رخيمي: 70% من الشركات العائلية تلاشت في الجيل الرابع ومعلوماتها غير دقيقة غالباً أدوات التطبيق وخالف "طارق رخيمي" الأخبار التي تؤكد تضارب معلومات الشركات العائلية ما بين (60- 90%)؛ لأن المعلومات موجودة ويمكن الاطلاع عليها من الغرف التجارية، مضيفاً أن عدد الشركات التي ذكرها الأستاذ "عبدالمحسن المقرن" والتي تتعامل بمساهمات مطلقة نجد أن فيها نوعاً من النظام، مبيناً أنه ليس من السهل أن تسيطر الهيئات والشركات الرقابية على الشركات الفردية؛ لأن طبيعة الملكية الفردية يصعب التدخل فيها، ولأن الضرر فيها لا يقع إلاّ على صاحب الشركة أو المؤسسة، مشيراً إلى أنه لو تأملنا في الموضوع قليلاً لوجدنا أن الدولة ممثلة في مؤسسة النقد أو هيئة سوق المال أو وزارة التجارة لديها من الأدوات التي تغريك بصورة أو بأخرى السير في اتجاه الالتزام بنظام الحوكمة، ذاكراً أنه على سبيل المثال كانت البنوك في الماضي تعطي التمويل على السمعة، لكن أنظمة النقد الجديدة و"معايير بازل3" لن تسمح لأي شخص، أو أي بنك أن يعطي تمويلاً على السمعة، أو على الملكية الخاصة، مؤكداً على أنه من الممكن إعطاء تمويل أداء مع الشركات المدرجة، أي ملكية عامة، حيث أصبح التمويل محصوراً في الضمانات. تحفيز الحكومة وليس ممارسة الضغط! وجه الزميل «د. أحمد الجميعة» سؤالاً للسيد «آرون جاوهري» عن مدى مفاجأته بحجم الأموال الضخمة الموجودة لدى الشركات العائلية؟ ومدى قدرة أفراد العائلة على إدارة مثل هذه الأموال؟ وهل تؤيد ممارسة الضغط بإلزام مثل هذه الشركات على حوكمة أعمالها حتى نضمن الاستقرار للاقتصاد الوطني، والاستمرار لأصحاب الشركات العائلية بلا مشاكل؟ وقال «آرون جاوهري»: «لم أتفاجأ أبداً بحجم الأموال الضخمة لدى الشركات العائلية، وأرى أن نسبة (80%) من الاقتصاديات العالمية هي عائلية، ومفتاح النجاح الحقيقي هو الوعي بأهمية الحوكمة وليس ممارسة الضغط على العائلة»، مبيناً أنه لو نظرنا إلى بعض دول الجوار لوجدنا أن المشرّع يعمل على تكوين أعضاء مجلس الإدارة الذين يفهمون ويؤمنون بهذا المبدأ، حتى يستطيعوا بث الوعي بنظام الحوكمة داخل الشركة التي يديرونها، مؤكداً أن زيادة التدخل من قبل الحكومة قد لا ينجح، بل قد تثير ردود فعل سلبية، مشيراً إلى أن التوازن مطلوب بين الضغط والتحفيز. الطريق طويل ولكنه ليس مستحيلاً..! أوضح «كريستوفر هوبس» أن هناك تقبلاً ملحوظاً لدى الشركات العائلية لمشروع الحوكمة، ولكن حوكمة الشركات العائلية والمساهمة في المملكة لا يزال أمامه طريق طويل؛ لأن العديد من المنظمات تخشى التغيير ومقدار الجهد المبذول لتحقيق ذلك، مُرجعاً ذلك جزئياً كونهم ليسوا على بينة من المزايا الممكن تحقيقها، مثل تحسين التشغيل والكفاءة المالية، وكذلك تحسين فرص الحصول على التمويل، وانخفاض تكلفة رأس المال وبناء صورة أفضل للشركة. وتداخل «نايف الفهادي»، قائلاً: الأعمال في عمومها تبنى على استراتيجيات واضحة لها أهداف ترتبط بشكل كبير باستدامتها، وأحد أهم النتائج المشاهدة عند تفعيل الحوكمة الرشيدة المتناغمة مع هذه الأهداف في هذا الإطار، هو طمأنة المستثمر وذوي العلاقة على بيئة العمل، وهو الذي يؤثر بشكل كبير على التقليل من تكاليف المخاطر المحتملة وتنمية الاستثمارات وتوفير مصادر السيولة بيسر وكلفة أقل، وكل هذا يصب في باب تعظيم الفوائد. تمكين المساهمين من الحصول على المعلومات لفت "آرون جاوهري" إلى أنّ الإفصاح والشفافية من أهم مبادئ حوكمة الشركات، وذلك لتمكين المساهمين من الحصول على المعلومات المطلوبة بشفافية وعدالة، موضحاً أنّ الشركات المدرجة في السوق المالية مطالبة بوضع سياسات الإفصاح وإجراءاته وأنظمتها الإشرافية مكتوبة، كذلك على الشركات أن يرافق قوائمها المالية تقرير صادر عن مجلس الإدارة يتضمن عرضاً لعمليات الشركة خلال السنة المالية المنصرمة، والعوامل المؤثرة في أعمالها؛ مما يساعد المستثمر على تقييم أصول الشركة ومنافسيها ووضعها المالي، بالإضافة إلى تضمين تقرير مجلس الإدارة ما طُبق وما لم يُطبق من أحكام لائحة حوكمة الشركات. وأضاف أنّ مجلس الإدارة يتحمل مسؤولية الشركة بشكل كامل، حتى لو شكّل لجاناً، أو فوّض جهاتاً أو أفراداً آخرين القيام ببعض أعماله، موضحاً أنّ على المجلس تجنب إصدار تفويضات عامة أو غير محددة المدة، إذ يجب تحديد مسؤوليات مجلس الإدارة تحديداً واضحاً في نظام الشركة الأساس، كما يتعيّن على مجلس الإدارة أن يؤدي مهماته بمسؤولية وحسن نية وجدية واهتمام، مشيراً إلى أنّه يمثّل عضو مجلس الإدارة جميع المساهمين، وعليه أن يلتزم تحقيق مصلحة الشركة عموماً وليس تحقيق مصالح المجموعة التي يمثلها، أو التي صوتت على تعيينه في مجلس الإدارة. مستقبل الشركات العائلية لا يزال مخيفاً..! أكد "عبدالمحسن المقرن" أن الشركات العائلية في المملكة والخليج العربي قوية جداً، والدليل أن تلك الشركات استحوذت على أكبر الوكالات العالمية، مضيفاً أن هذه الشركات تأسست بواسطة الأب الذي كان يعمل بجد ونشاط في التجارة الخاصة به، إلاّ أنه رأى أن يكون لديه توسع كبير بمساعدة أبنائه وأبناء أبنائه. وقال إن الشركات العائلية ظهرت بسبب رفض المجتمع للمشاركة؛ لأن ثقافة المشاركة ضعيفة جداً، ذاكراً أنه دون تطبيق الحوكمة فإن مستقبل الشركات العائلية سيكون مهددا بالانهيار؛ بسبب الخلافات العائلية، ولعلنا ندرك أن كثرة الشركات العائلية في المملكة جاءت بسبب أن كبار السن الذين أسسوا هذه الشركات ليست لديهم ثقافة الشركات المغلقة والشركات المساهمة التي تنزل في البورصات، حيث كان أكثر اهتماماتهم هي تكبير حجم الشركات تحت سيطرتهم أو تحت سيطرة أحد أبنائهم، مشيراً إلى أنه فجأة يحدث تطور هائل وضخم للشركات العائلية يفوق توقعات أصحابها مما يشكل عبئاً على الدولة حينما نرى أن أكبر موارد التجارة من تجزئة ومصانع وغيرها تملكها شركات عائلية وليست شركات مساهمة. وأضاف: أن معظم الشركات العاملة لدينا هي شركات عائلية، إضافةً إلى البنوك التي بدأ تأسيسها من قبل شركات عائلية ثم تحولت إلى شركات متحدة، موضحاً أن هناك العديد من الشركات المجهولة لدى الناس مثل الشركات العقارية الكبيرة يملكها أفراد وشركات عائلية، ومن ثم تحولت إلى شركات مساهمة، متوقعاً مستقبلاً مخيفاً بالنسبة لهذه الشركات العائلية إذا لم تكثّف التوعية بأهمية وجود إطار ونظام من لحماية الشركة وكذلك أفراد العائلة من الخلافات مستقبلاً. «الحوكمة» تعزز من استقرار السوق وتقليل المخاطر شدّد "كريستوفر هوبس" على أنّ حوكمة الشركات تسهم في رفع مستوى كفاية الاقتصاد؛ لما لها من أهمية في المساعدة على استقرار الأسواق المالية ورفع مستوى الشفافية، وجذب الاستثمارات من الخارج والداخل -على حد سواء-، وتقليص حجم المخاطر التي تواجه النظام الاقتصادي، إلى جانب أنّ تطبيق مبادئ الحوكمة يساعد الشركات على خلق بيئة عمل سليمة تعين الشركة على تحقيق أداء أفضل مع توافر الإدارة الجيدة ولذا تكون القيمة الاقتصادية للشركة أكبر. وقال إنّ الحوكمة الرشيدة تساعد الشركات على الوصول إلى أسواق المال والحصول على التمويل اللازم بتكلفة أقل؛ مما يعينها على التوسع في نشاطها، وتقليل المخاطر، وبناء الثقة مع أصحاب المصالح، ويمكنها من حماية الاستثمارات من التعرض للخسارة؛ بسبب سوء استخدام السلطة في غير مصلحة المستثمرين. وأضاف أنّ الحوكمة ترمي أيضاً إلى تعظيم عوائد الاستثمار وحقوق المساهمين والقيمة الاستثمارية، والحد من حالات تضارب المصالح؛ إذ إنّ التزام الشركة تطبيق معايير الحوكمة يفعّل دور المساهمين في المشاركة باتخاذ القرارات الرئيسة المتعلقة بإدارة الشركة ومعرفة كل ما يرتبط باستثماراتهم، فهي تسعى إلى بناء علاقة وثيقة وقوية بين إدارة الشركة والعاملين بها، ومورديها، ودائنيها، وغيرهم، مشيراً إلى أن الحوكمة الرشيدة تعزز مستوى ثقة جميع المتعاملين؛ للإسهام في رفع مستوى أداء الشركة وتحقيق أهدافها الاستراتيجية. استقلالية مجلس الإدارة في اتخاذ القرارات أوضح «نايف الفهادي» أنّ عضوية مجلس الإدارة تنطوي على مسؤوليات جمة، مبيّناً أنّ من أهم الوظائف الأساسية لمجلس الإدارة اعتماد التوجهات الإستراتيجية والأهداف الرئيسة للشركة والإشراف على تنفيذها، ووضع أنظمة وضوابط للرقابة الداخلية والإشراف العام عليها، إلى جانب وضع نظام حوكمة خاص بالشركة يتناغم مع أحكام لائحة حوكمة الشركات، والإشراف العام عليه ومراقبة مدى فاعليته وتعديله عند الحاجة، وصياغة سياسات ومعايير وإجراءات واضحة ومحددة للعضوية في مجلس الإدارة ووضعها موضع التنفيذ بعد إقرار الجمعية العامة لها، بالإضافة إلى وضع سياسة مكتوبة تنظم العلاقة مع أصحاب المصالح من أجل حماية حقوقهم. وقال: «ينبغي أن يحافظ مجلس الإدارة على المستوى المطلوب من الاستقلالية في اتخاذ القرارات التي من شأنها تحقيق أهداف الشركة ومساهميها؛ لذا يتعين أن تكون غالبية أعضاء المجلس من الأعضاء غير التنفيذيين، وأن لا يقل عدد الأعضاء المستقلين عن عضوين أو ثلث أعضاء المجلس»، مبيّناً أنّ تصنيف أعضاء مجلس الإدارة يكون كالتالي: العضو التنفيذي: عضو مجلس الإدارة الذي يكون متفرغاً لإدارة الشركة، أو يتقاضى راتباً شهرياً أو سنوياٍ منها، والعضو غير التنفيذي: عضو مجلس الإدارة الذي يكون متفرغاً لإدارة الشركة، أو الذي يتقاضى راتباً شهرياًَ أو سنوياً منها، إلى جانب العضو المستقل: عضو مجلس الإدارة الذي يتمتع بالاستقلالية التامة، لافتاً إلى أنّ مما ينافي الاستقلالية أن يملك حصة سيطرة في الشركة أو في شركة من مجموعتها، أو أن يكون من كبار التنفيذيين خلال العامين الماضيين في الشركة أو في شركة من مجموعتها، أو أن يكون ذا صلة قرابة من الدرجة الأولى بعضو من أعضاء مجلس الإدارة في الشركة أو في شركة من مجموعتها، أو أن يكون ذا صلة قرابة من الدرجة الأولى بأحد كبار التنفيذيين في الشركة أو في شركة من مجموعتها. «شللية» مجلس الإدارة واستحواذ المدير على المؤيدين! قال "نايف الفهادي" إنّ من أهم أسباب عدم تطبيق وتفعيل الحوكمة في الشركات المساهمة يعود إلى هيمنة "الشللية" على مجلس الإدارة، حيث تؤخذ القرارات بطريقة غير مهنية، وتصبح القواعد غير مفهومة، وعندما يفشل أعضاء مجلس الإدارة في استيعاب دورهم وصلاحياتهم تتعطل قدراتهم عن إحداث أي تغيير ويتدنى أداء المجلس ككل، موضحاً أنّه كثيراً ما تسود هذه الثقافة في أوساط بعض أعضاء المجلس فيتعطل دورهم؛ مما يؤدي إلى تراجع أداء المجلس ككل، معتبراً أنّ المشكلة في هذه الثقافة أنّها مُعدية، وسرعان ما تغطي على ممارسات جميع الأعضاء. وأضاف أنّ وجود أعضاء مجلس إدارة يمكن شراء ذممهم يجعل هذا المجلس يخرج بقرارات قاتلة ومدمرة، الأمر الذي يحرم المجلس من أهم أدواره، وهو حماية حقوق المساهمين، مبيّناً أنّ من أهم المشاكل المحتملة التي تحد من فاعلية الحوكمة عدم تقبل نهج المحاسبة والنقد والتقييم، حيث يصعب على البعض تقبل النقد والمحاسبة والتقييم، وهذا يعطل الحوكمة، إلى جانب اضطلاع أعضاء المجلس بمهام تنفيذية، على غير ما يمليه دورهم الرقابي؛ إذ يقحم أعضاء المجلس بتفاصيل ليست من ضمن الوظائف المناطة بهم، كما أنّه تعد على دور الإدارة التنفيذية ويشكّل خللاً غير صحي، كما يحدث كثيراً أن يهيمن المدير العام على أعضاء المجلس أو قسم منهم، فيضمن بذلك تأييدهم على الدوام، فلا يحاسبوه ولا ينتقدوا أداءه. وأشار إلى أنّ انعدام المبادرة وتفشي السلبية في أوساط أعضاء المجلس من المشكلات المحتملة التي تؤدي إلى أداء سلبي للمجلس، وتجعله عاجزاً عن القيام بالدور المناط به، إلى جانب تخوف أعضاء المجلس من المجازفة بأموال الآخرين "المساهمين"، فيعزف المجلس عن اتخاذ قرارات بالتوسعات والاستثمار بمنتجات جديدة، ويضيع على الشركة فرصا مهمة. المشاركون في الندوة حضور الرياض
مشاركة :