مرة أخرى ضج العالم بمقتل اثنين من الرهائن الغربيين: لوك سومرز من بريطانيا/ الولايات المتحدة، وبيير كوركي من جنوب أفريقيا. تلا ذلك قيام «داعش» بذبح رهائن آخرين وعرضهم على الإنترنت. يظهر أن هؤلاء السفاحين يستأنسون بهذه الفظاعات السادية وتوسل العالم بهم والتفاوض معهم. وأعتقد أنهم، وقد استأنسوا بما فعلوا، سيواصلون خطف الأبرياء حيثما أمكنهم. وهي طريقة ناجحة في الحصول على موارد بشكل فدية باهظة. يرفض الإنجليز والأميركيون الدفع ويعتبرونه تشجيعا للخطف والإرهاب. بيد أن الدول الأخرى لا ينظرون للموضوع من هذه الزاوية البراغماتية القاسية ويفضلون عليها الزاوية الإنسانية بتخليص الرهينة بأي ثمن كان، فيدفعون. المؤلم في الموضوع أن أكثر هؤلاء الرهائن من المتعاطفين ومن الإنسانيين الذين يقدمون خدمات إنسانية وطبية لأهل المنطقة. بينهم أيضا من جاءوا مصورين وصحافيين عازمين على تسجيل وتوثيق النزاع. وفي كل الأحوال لا مجال للشك في براءتهم وحسن مقصدهم. فما الحل؟ إنني مع الموقف الأنغلوأميركي برفض دفع الفدية (طالما لم يتعلق الأمر بي). ولكنني أمضي إلى أكثر من ذلك فأقول وأتساءل لماذا يزج هؤلاء القوم أنفسهم في جحر العقرب وثقب الأفعى ثم ينتظرون من العالم أن يهب وينقذهم؟ الحل الحكيم هو أن يفعلوا ما فعلته وما يفعله الكثير من العراقيين. فرغم كل شوقي للالتقاء بأهلي في بغداد بعد ما مروا به من مصاعب، امتنعت عن الذهاب للعراق حالما سمعت بعمليات الخطف، ولا سيما خطف من يأتون من الغرب. مناطق «داعش» و«القاعدة» مناطق موبوءة تقتضي تحاشي الدخول إليها كما نتحاشى الدخول لأي منطقة مبتلاة بالكوليرا أو الإيبولا. وأكثر من ذلك، تقتضي محاصرتها ومنع توريد أي مواد لها. لا شك أن سكان المنطقة سيعانون من هذا الحصار وانقطاع الخدمات والمساعدات. ولكن هذا سيلقي عليهم هذا الواجب: أن يهبوا للتخلص من هؤلاء الأشرار بدلا من مساعدتهم ودعمهم. لا يستطيع العصاة والثوار البقاء من دون دعم من السكان المحليين. ستعاني المنطقة من هذه المحاصرة، ولكن ذلك سيكون فترة زمنية محدودة رهن التخلص من هذه العصابات التي أصبحت تسمي نفسها دولة! الغربيون مبتلون طوال تاريخهم بروح المغامرة. حيثما يسمعون بمنطقة صعبة، الربع الخالي، الصحراء الكبرى، مرتفعات الهيمالايا، القطب الجنوبي، يشدون رحالهم ويرحلون إليها. يجدون متعة في المصاعب والشدة. ربما يفعلون ذلك هربا من زوجاتهم. ويظهر أن بعض شبابهم قد ابتلي بنفس المرض فوجدوا في ديار «داعش» وجبال اليمن وأفغانستان مرتعا جميلا للرياضة وتقوية العضلات. يجد بعضهم فيها بابًا للرزق. حالما يتم إنقاذهم يغازلون الصحف ودور النشر بمذكراتهم وتصاويرهم الفوتوغرافية. وطالما كان الأمر كذلك فليتحملوا لدغة العقرب وسمها.
مشاركة :