ضخ خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز دماء جديدة في ثمان وزارات هامة أمس، حيث جاءت الأوامر بتعيين وزراء جدد على هرم كل وزارة منها، فيما أبقى على الوزارات الأخرى ومسؤوليها دون تغيير وهو ما يحدث نوعا من التوازن المعتدل في الحفاظ على معادلة التنمية وخط سيرها. وتشرب المجتمع السعودي أمس التغييرات بموجة تفاؤل كبيرة حيث حملت الأوامر نسبة توافق كبرى بين كل مسؤول والجهة التي عين بها وهو ما خلق رأيا عاماً بأن الوزراء الجدد قادرون على صنع الفارق في الخدمة وتطوير منظومة العمل في كل الجهات الحكومية الواقعة تحت مسؤولياتهم فيما يترقب المجتمع في الوقت ذاته البصمات الأولية لكل مسؤول منهم ليكون الانطباع الأولي هو سيد الموقف. وبالقراءة في التعيينات نجد أن المرحلة المقبلة تتطلب مزيدا من العمل الجاد من قبل المسؤولين الجدد والتفاعل البناء من كافة المؤسسات المجتمعية للوصول لصناعة خدمة مميزة تنعكس على المواطن والوطن. آل هيازع .. كيمياء الصحة حملت التعيينات الوزارية المعلنة البارحة معالجة فورية للوضع الصحي في المملكة بعد أن أنهى الوزير الفاعل المهندس عادل فقيه مهامه الرسمية في هذه الوزارة بعد تصديه لمرضي كورونا وإيبولا خلال الأشهر الماضية، حيث جاء تعيين البروفيسور محمد بن علي آل هيازع وزيرا للصحة خلفا له واحدا من الأوامر التي بعثت الطمأنينة في المجتمع، لاسيما وهو الرجل القيادي الذي عرف بالرؤية الثاقبة خلال عمله مديرا لجامعة جازان والقريب من الصغير والكبير الحامل لكيمياء الحب في الأوساط وهو الحاصل على درجة الدكتوراه في الكيمياء من جامعة بوسطن بالولايات المتحدة الأمريكية وسيدخل آل هيازع المعترك الصحي وهو محصن بالعلم والمعرفة والدراية التامة بمتطلبات المرحلة الحالية وقد رسم له المهندس فقيه خارطة طريق كشف فيها أبرز مناقب الضعف التي تحتاج لعمليات جراحية فورية لا تحتمل فيها المرحلة مسكنات لبعض التجاوزات في هذه الوزارة الحيوية. التفاؤل في التعليم العالي التغيير الذي طال وزارة التعليم العالي أشاع التفاؤل في الأركان بدخول الدكتور خالد بن عبدالله السبتي وزارة التعليم العالي وهو التربوي الخبير الحاصل على الدكتوراة في علوم الحاسب من جامعة سيراكيوز بالولايات المتحدة الأمريكية وقضى نحو 15 عاما في الميدان التربوي حيث توج خلالها بوسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى في عام 1425هـ، وذلك لتميزه في تطوير الحركة العلمية وحركة البحث العلمي المميز. ورأى المختصون أمس أن هذا الرجل سيقود الوزارة صوب مرحلة جديدة من العطاء والنماء المعرفي، لاسيما في ظل الانفتاح التقني الحاصل حاليا. البسطاء في ذمة الحميد وفي الوقت الذي أمضاه الدكتور يوسف العثيمين وزيرا للشؤون الاجتماعية من جمادى الأولى 1429هـ وحتى أمس لمدة قاربت سبع سنوات خرج أمس من الوزارة وفي يمينه شهادة عرفان بمنجزات تحققت على أرض الواقع في وزارة كانت تعاني من غياب التقنية في إيصال خدماتها للمستفيدين، حيث نجح خلال الحقبة الزمنية من عمله في تطويع التقنية لخدمة الشرائح المختلفة من البسطاء فيما يستلم الراية بعده سليمان بن سعد بن عبدالرحمن الحميد الذي تخرج من تحت قبة المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية منذ التخرج عام 1393هـ وكان محافظا لها فيما يشغل مهام نائب ئيس مجلس إدارة المنظمة الدولية للتأمين الاجتماعي. الحميد الذي تنقل مسؤولية البسطاء لذمته يختزل في تجربته العملية كل ملامح العمل الاجتماعي والخدمة المجتمعية سيواجه بسيل من المطالبات لتطويق العوز والفقر في المناطق الطرفية والارتقاء بالخدمات في دور الرعاية المجتمعية والعمل صوب تحقيق حياة كريمة للبسطاء تحفظ لهم ماء الوجه وتوفر لهم دخلا شهريا وتحيلهم لأسر منتجة تخدم نفسها ذاتيا. الخضيري يوقف عشوائيات الإعلام وفي الوقت الذي يموج فيه العالم بحروب إعلامية فتح فيها الفضاء أفقه بلا حدود لها وتواجه فيه المملكة استهدافا إعلاميا مخيفا تحتاج فيه المرحلة لوعي في الطرح وانفتاح بلا تهور ولا استكانة للقيود المفرطة جاء الكاتب الصحافي البارع والمختص في شؤون التنمية الدكتور عبدالعزيز الخضيري ليكون وزيرا للثقافة والإعلام. الخضيري الذي ينعت بالكاتب الصحفي والمختص في شؤون التنمية والعلاقة بين بناء الإنسان وتنمية المكان كان يقود ملف التنمية في إمارة منطقة مكة المكرمة وخرج بتجربة في معالجة العشوائيات سيكون في مجابهة الانفتاح الإعلامي العشوائي وهو ما يستدعي مزيدا من التكيف في ترويض (العشوائيات) ولا خوف على وزير يحمل دكتوراه في التخطيط الاستراتيجي من جامعة لندن إلى جانب برنامج الزمالة في التخطيط الإقليمي من جامعة (MIT) بوسطن، الولايات المتحدة الأمريكية وماجستير في الإدارة العامة والسياسات التنموية من جامعة هارفارد بوسطن الولايات المتحدة الأمريكية وبلا شك المرحلة المقبلة ستكون مرحلة تحد إعلامي يقوده وزير واع ومثقف. المقبل.. مهندس الميدان المطلع وبعد دورتين على هرم وزارة النقل يترجل الدكتور جبارة الصريصري من المنصب ليترك الفرصة في المشوار الطويل للمهندس عبدالله المقبل الذي عين بالأمس وزيرا للنقل في مرحلة تعيش فيها المملكة حراكا كبيرا في مشاريع النقل البري وتنفذ فيها مشاريع القطارات الرابطة بين عدة مدن. المهندس المقبل المتسلح بعلوم هندسة مدنية مع مرتبة الشرف من جامعة البترول والمعادن والمجيد للغتين العربية والإنجليزية ليس بغريب على هذه الوزارة التي كان يشغل فيها منصب وكيل وزارة النقل للطرق قبل أن يغادرها صوب أمانة الرياض أمينا لها ويمتلك خبرة علمية كبيرة، حيث تدرج في كافة المناصب الميدانية الهندسية مشرفا على عدة أقسام وهو ما يجعل منه مسؤولا مطلعا على أدق تفاصيل العمل الميداني وهو ما تحتاجه وزارة النقل فعلا، لاسيما مع تعثر مشاريع المقاولين فيها. التحدي الفكري وفي مرحلة يلعب فيها المنبر الديني محورا هاما في الحفاظ على مكتسبات الوطن وحماية أجياله من الانحراف الفكري جاء التغيير الوزاري ليشمل واحدة من أبرز الوزارات الحيوية، حيث تمثل العمود الفقري في حياة المجتمع من خلال ارتباطها بهم خمس مرات يوميا في بيوت الله وهو ما جعل من تعيين الأستاذ الدكتور سليمان بن عبدالله بن حمود أبا الخيل أحد عوامل الاستقرار في هذه الوزارة وهو المعروف بالوسطية والاعتدال والحاصل على درجة الدكتوراه في الفقه المقارن من المعهد العالي للقضاء.. أبا الخيل الذي سيتولى الإشراف على أمانة الكلمة في المنابر الوعظية في المملكة عرف عنه الحزم مع كل مخالف أو من يحاول المساس بأمن الوطن ووحدته وهو ما تتطلبه المرحلة المقبلة. الحمد الوزير التقني ويدلف لوزارة الاتصالات وتقنية المعلومات الدكتور فهاد بن معتاد الحمد وزيرا لها وهو يحمل في يمناه وسام الاستحقاق الذهبي في مجال الإدارة الحكيمة على مستوى الوطن العربي لعام 2012م (من المنظمة العربية للتنمية الإدارية التابعة لجامعة الدول العربية، وأكاديمية تتويج لجوائز التميز في المنطقة العربية) كواحدة من أبزر الشهادات العالمية المرموقة، فيما يتأمل منه الوطن أن يكون حصنا منيعا ضد الاختراقات التي شرعت لتطال كافة القطاعات ويعاني منها الأفراد. الخريجي الخبير الزراعي ولإيمان المملكة بأهمية الزراعة كأحد الخيارات المستقبلية في تأمين الغذاء والاكتفاء الذاتي جاء الأمر الملكي بتعيين المهندس وليد بن عبدالكريم الخريجي مدير عام المؤسسة العامة لصوامع الغلال ومطاحن الدقيق سابقا وزيرا للزراعة حيث سيتولى تطوير منظومة العمل في هذه الوزارة المهمة لاسيما وهو الذي شغل منصب مدير عام الزراعة والمياه بمنطقة مكة المكرمة (1995-2002) ومندوب المملكة الدائم لدى منظمة الأغذية وبرنامج الغذاء العالمي (1990-1994) ومساعد المندوب الدائم للمملكة لدى منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) روما (1989-1990) وكل هذه الخبرات ستجعل من وجوده أحد عوامل التطوير في هذه الوزارة الحيوية.