تونس - ساهم قرار الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، تسليم إدارة الموانئ النفطية في منطقة الهلال النفطي إلى المؤسسة الوطنية للنفط التي تخضع للحكومة المؤقتة برئاسة عبدالله الثني، في تأجيج الصراع مع حكومة فايز السراج في الغرب. وفي خطوة فاجأت في توقيتها ودلالاتها المتابعين لتطورات المشهد الليبي، أعلنت القيادة العامة للجيش الليبي، مساء الاثنين، أن القائد العام للقوات المسلحة المشير خليفة حفتر قرر تسليم المنشآت النفطية التي كانت تحت سيطرة الجيش إلى الحكومة المؤقتة المُنبثقة عن البرلمان في شرق ليبيا، التي تتنافس على شرعية تمثيل ليبيا مع حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج التي تُحظى بدعم إقليمي ودولي. وجاء هذا القرار الذي من شأنه إحداث تغيير جوهري في موازين القوى، بعد ساعات قليلة من إعلان الجيش الليبي سيطرته الكاملة على منطقة الهلال النفطي، و”تطهيرها من أفراد الميليشيات الإرهابية، والمرتزقة بقيادة إبراهيم الجضران” الذي حاول في وقت سابق السيطرة على موانئ رأس لانوف والسدرة. وقال العميد أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم القيادة العامة للجيش الليبي، إن “كل المنشآت النفطية التي يُسيطر عليها الجيش سيتم تسليمها لمؤسسة النفط الوطنية التي تتبع الحكومة المؤقتة في شرق ليبيا”. وأكد المسماري أن عائدات النفط من المحطات الأربع التي تخضع الآن لسيطرة الجيش الليبي ستُديرها المؤسسة الوطنية للنفط التي تتخذ من بنغازي مقرا لها، لافتا إلى أنه “لن يُسمح من الآن فصاعدا لأي ناقلة بالرسو في الموانئ الشرقية دون إذن من المؤسسة الوطنية للنفط”. إبراهيم الدرسي: كان لزاما على الجيش أن يُسلم الموانئ النفطية إلى الجهة الشرعيةإبراهيم الدرسي: كان لزاما على الجيش أن يُسلم الموانئ النفطية إلى الجهة الشرعية وأرجع المسماري قرار نقل إدارة الموانئ النفطية في منطقة الهلال النفطي إلى المؤسسة الوطنية للنفط بشرق ليبيا، إلى إدراك أن “الجماعات المسلحة المناوئة للجيش تُموّل من عائدات النفط”. وأثار هذا القرار سلسلة من ردود الفعل المُتباينة، وخشية ملحوظة من أن يتسبب في موجة جديدة من الصراع الذي من شأنه تقويض عملية السلام التي يقودها المبعوث الأممي غسان سلامة، التي يشوبها حاليا الجمود. وطرحت الخطوة أيضا جملة من التساؤلات المشروعة حول ما إذا كان الوقت قد حان لإبعاد ورقة النفط من سيطرة القوى التي لها علاقات ولو خفية مع بعض الميليشيات المُصنفة إرهابية، وبالتالي الحفاظ على مصالح الليبيين وتأمين مواردهم البترولية. وقال إبراهيم الدرسي عضو البرلمان الليبي في اتصال هاتفي مع “العرب”، إن ما أقدمت عليه قيادة الجيش يُعد خطوة شجاعة ومشروعة، لأنه أصبح لزاما على الجيش أن يُسلم الموانئ النفطية إلى الجهة الشرعية التي تتبع البرلمان”، وذلك في إشارة إلى الحكومة المؤقتة برئاسة عبدالله الثني. وأوضح أن الجيش الليبي سبق له في المرة الأولى التي تم فيها طرد ميليشيات الجضران من الموانئ النفطية، أن سلمها إلى المؤسسة الوطنية للنفط التي تتبع حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج، وذلك حرصا منه على وحدة البلاد وعلى ثروات الشعب الليبي، بغض النظر عن الضغوط الدولية التي تعرض لها. لكنّ الدرسي يُضيف “تبين في المرة الثانية عندما سعى الجضران إلى محاولة السيطرة على الموانئ النفطية، أن مؤسسة النفط التي تتبع حكومة الوفاق كانت تمول الجضران وأفراد ميليشياته وتدفع مرتباتهم وتعالج جرحاهم، وتمتنع في المقابل عن التكفل بعلاج جرحى الجيش الليبي”. وبالتوازي، أصدر عدد من أعضاء مجلس النواب الليبي (البرلمان) بيانا أكدوا فيه دعمهم لقرار الجيش الليبي، ووصفوه بـ”الخطوة الجريئة التي جاءت تأكيدا لقواعد العدالة وإبعاد هذه الأموال عن الميليشيات والمجموعات الإرهابية”. Thumbnail ولقي قرار الجيش الليبي تأييدا من داخل المجلس الرئاسي لحكومة فائز السراج، حيث أعرب علي القطراني نائب رئيس المجلس الرئاسي بحكومة الوفاق عن دعمه الكامل للقرار. وقال في بيان وزعه مساء الاثنين، إنه “لم يعد من المقبول مرة أخرى تهميش أبناء المنطقة الشرقية في حماية الموانئ النفطية بالهلال النفطي، خاصة بعد أن تأكد أن عائدات النفط التي تُحال لمصرف ليبيا المركزي في طرابلس باتت مصدر تمويل للميليشيات المسلحة والجماعات الإرهابية في ظل الصمت من قبل كافة الجهات”. ووصف عبدالرزاق الداهش، أحد مستشاري رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فايز السراج، قرار الجيش الليبي بـ”الانفعالي والعبثي والتخريبي”، واعتبر في تدوينة له أن القرار “لا يختلف عن قرار الجضران بإيقاف المرافئ النفطية، وسيضر بالليبيين ومستقبل البلاد”. وقبل ذلك، رفض مصطفى صنع الله رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط، التي تتبع حكومة الوفاق الليبية، هذا القرار، وأكد في بيان له أن هناك مؤسسة وطنية شرعية واحدة للنفط معترف بها لدى منظمة الدول المصدرة للنفط الأوبك ومن قبل المجتمع الدولي. ولفت في بيانه إلى أن قرارات مجلس الأمن واضحة جدا في التأكيد على ضرورة بقاء المنشآت النفطية وعمليات الإنتاج والصادرات تحت سيطرة المؤسسة الوطنية للنفط والرقابة الوحيدة لحكومة الوفاق الوطني. وفيما أعرب مصطفى صنع الله عن ثقته بأن حكومة الوفاق وشركاءها الدوليين “سيتخذون الخطوات اللازمة لوقف جميع الصادرات التي تنتهك القانون الدولي”، أكد النائب إبراهيم الدرسي في تصريحاته لـ”العرب” أن قرار الجيش الليبي لن يعجب الكثيرين في ليبيا، الذين توقع أنهم سيعملون على تأجيج الرأي العام المحلي والدولي ضد الجيش والحكومة المؤقتة والبرلمان في طبرق.
مشاركة :