انتعاش سوق العقارات المستأجرة في إسبانيا يثقل كاهل الأسر الفقيرة

  • 6/27/2018
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

لم يعد بمقدور الإسبانية تيريزا سارمينتو (68 عاما) النوم في الليل، وتقول سارمينتو، التي تقيم في شقة صغيرة متهالكة بمدريد عاشت فيها طوال الأعوام العشرين الماضية: «تم إبلاغي بأنني يجب أن أترك السكن في غضون شهر».ويريد المُلاّك الجدد للمبنى، الذي يقع في حي لافابيس متعدد الثقافات بوسط العاصمة، تجديده والبدء في تأجير الشقق «بأسعار السوق»، ومن أجل ذلك، فإن الشركة المالكة تضغط على السكان - وكثير منهم في الثمانينات من العمر - للخروج من هناك، كما تقول سارمينتو. وتقول سارمينتو التي تدفع إيجارا شهريا قيمته 335 يورو (390 دولارا)، وهو أقل بكثير من متوسط الإيجارات في المنطقة: «أخبرونا بأن هذا المبنى ليس للفقراء».وأضافت: «نحن نعرف أن هذه المنازل صفقة رائعة، لأنها تقع في موقع جيد للغاية، والحي عصري، لكنهم يجب ألا يتخلصوا منا بهذه الطريقة». سارمينتو وجيرانها ليسوا وحدهم. فيتردد أن هناك مستأجرين آخرين في المناطق الوسطى من المدن الكبرى مثل مدريد وبرشلونة أيضا يتم الضغط عليهم من قبل الملاك من أجل إخلاء الوحدات السكنية وفقاً لتحقيق نشرته وكالة الأنباء الألمانية.وفي حالات أخرى، ارتفعت الإيجارات إلى مستويات لا يمكن للمستأجرين تحملها. هذه التطورات في سوق الإيجار تؤدي إلى ما أصبحت تعرف باسم «عمليات الطرد غير المنظورة».ويشكل هؤلاء ما نسبته 80 في المائة من الحالات التي يُجبر فيها المستأجرون على الخروج من منازلهم في برشلونة، وفقاً لمنظمة «بلاتفورما دي أفيكتادوس لا هيبوتيكا»، التي تناضل من أجل حقوق السكن.وفي حين أن فقاعة العقارات في إسبانيا التي انفجرت إبان الأزمة المالية عام 2008 كانت مدفوعة بانتشار مشروعات البناء ومبيعات المنازل، إلا إن طفرة جديدة بدأت تظهر في سوق الإيجار سريعة النمو.ووفقاً لتحقيق وكالة الأنباء الألمانية، جرت العادة على أن ملكية المنازل باتت قيمة مقدسة تقريبا في إسبانيا، حيث لا يزال أكثر من 75 في المائة من السكان يمتلكون منازل، وفقا لأرقام مكتب الإحصاء الأوروبي (يوروستات).ولكن بسبب تفشي الفقر بسبب الأزمة المالية، ومع عدم إتاحة التسهيلات الائتمانية، لم يعد الأشخاص قادرين على تحمل تكاليف شراء المساكن، مما أدى إلى زيادة الطلب على تأجير المساكن.وفي الوقت نفسه، يفضل كثير من مالكي العقارات تأجير الوحدات السكنية للسياح، الذين يدفعون أفضل من المستأجرين على المدى الطويل، مما يقلل من كمية المساكن المتاحة للمقيمين ويجعل الإيجارات ترتفع.كما شجعت إمكانية تعظيم الأرباح على العقارات المعروضة للإيجار المضاربين على دخول السوق، مما ساهم في بدء رؤية كثيرين له أنه بمثابة فقاعة عقارية جديدة. وتقول سارمينتو: «إذا ألقوا بي (في الشارع)، فليس لدي خطة بديلة». وأضافت: «مع حصولي على معاش تقاعدي (369 يورو شهريا) لا أستطيع دفع إيجار عادي». وتضيف أن خروجها من منزلها سيحرمها من الاختلاط الاجتماعي المهم للغاية مع جيرانها.وقال خايمي بالوميرا، من اتحاد المستأجرين «سينديكاتو دي كونتيلينوس»، لمحطة «لا سيكستا» الإذاعية الخاصة: «نواجه حالة طوارئ في الإسكان». وأضاف: «لا يمكن أن يتلقى أحد الأشخاص رسالة تقول إنه إما أن يدفع ضعف إيجاره الحالي أو يتم طرده من منزله».وتحاول بعض البلديات، مثل مدريد وبرشلونة وبالما دي مايوركا، الآن وقف انتشار المساكن السياحية الصغيرة في محاولة لتوفير مزيد من خيارات التأجير للمقيمين. وتعتمد مدريد معايير أكثر صرامة، والتي يتوقع أن تجعل 95 في المائة من الشقق المعروضة حالياً للسائحين غير قانونية. وفرضت برشلونة، التي اكتشفت 6 آلاف عرض غير قانوني للسكن بالنسبة للسياح، غرامة قدرها 600 ألف يورو على شركة «إيربنب» لمشاركة المنازل على الإنترنت.وقال بالوميرا: «الشقق للسياح ليست سوى قمة جبل الجليد، نحن في فقاعة خنقت وطردت آلاف الأشخاص». ونفت حكومة ماريانو راخوي، الذي تولى رئاسة الوزراء حتى 1 يونيو (حزيران) الحالي، أن تكون إسبانيا في مواجهة فقاعة عقارية أخرى، وقالت إنها تدرس كيفية خفض الإيجارات. غير أن حكومة راخوي استبعدت وضع حدود لمبالغ الإيجار التي يمكن للمالكين تحصيلها.وزاد متوسط مستويات الإيجار بأكثر من 18 في المائة العام الماضي وبنسبة 8.8 في المائة في الربع الأول من هذا العام، وفقا لبوابة العقارات «آيدياليستا». وفي الوقت نفسه، تتشكل الطوابير لرؤية الشقق المتاحة في المدن الكبيرة، على الرغم من أن الإيجارات العالية تجبر كثيرا من المستأجرين المحتملين على أن يولوا الأدبار. وبعضهم، مثل تيريزا سارمينتو، ليست لديهم خطة بديلة.

مشاركة :