الجوائز الأدبية العربية تخاصم الرواية الإماراتية

  • 6/27/2018
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

الشارقة: محمدو لحبيب تشهد صناعة النشر في الإمارات، طفرة حقيقية في السنوات الأخيرة، بفعل المناخ العام المشجع على ذلك، وبفعل مبادرات القراءة، والقوانين التي تحفز الناشرين وتعطيهم تسهيلات كثيرة، ولذلك كثرت الكتب الإماراتية المنشورة في مجالات الأدب، وخاصة الرواية، وبدأ المعروض في السوق من الروايات يتجاوز بالعشرات ما كان موجودا قبل وجود فرص النشر الحالية.تزامنا مع ذلك التشجيع على مستوى النشر تحتضن الإمارات أكبر جائزة معاصرة للرواية العربية، والمعروفة بجائزة البوكر العربية، ووسط كل هذا الاهتمام، وفي ظل تلك المعطيات القائمة يكون التساؤل واردا: ما الذي ينقص الرواية الإماراتية كي تفوز بإحدى الجوائز العربية كجائزة البوكر أو جائزة نجيب محفوظ للرواية، أو جائزة الطيب صالح أو غيرها؟ فبرغم مرور 11 دورة منذ إطلاق جائزة البوكر العربية مثلا في عام 2008، لم تصل أي رواية إماراتية إلى القائمة الطويلة للجائزة إلا رواية سلطان العميمي «غرفة واحدة لا تكفي» في عام 2017، هل يمكن الحديث عن معوقات بنيوية تتعلق بتقنيات السرد في تلك الرواية؟ أم أن الأمر متعلق بعدة عوامل أخرى مختلفة؟ «الخليج» ومن خلال هذا الاستطلاع سعت للإجابة عن تلك التساؤلات، وحاورت عدة كتّاب في ذلك السياق وتداعياته.الروائية أسماء الزرعوني تقول في بداية حديثها معنا، إنه ليس صعبا ولا مستحيلا أن تفوز الرواية الإماراتية بأية جائزة حتى ولو كانت البوكر، لكنها ترصد مشكلتين أو عائقين مهمين أمام تطور تلك الرواية وصولا إلى أن تتصدر جوائز البوكر، وتلخص الزرعوني تلك المعوقات قائلة: «لدينا الآن كم كبير جدا من الروايات، ولنا أن نتخيل قدره، مقارنة مع ما كان يوجد قبل 15 سنة مثلا، إذ ذاك كانت لي صديقة تجري بحث الماجستير حول الرواية الإماراتية، واستطاعت إحصاء 100 رواية، أما الآن فيمكننا أن نلحظ الزيادة الكبيرة، وهذه الزيادة تطرح مشكلة الجودة والإتقان الروائي، وتبرز ما يسمى استسهال الكتابة، الكل بات يكتب لكن القلة هي من تبدع حقا»، وأضافت الزرعوني متحدثة عن معوق آخر يعترض سبيل انتشار الرواية الإماراتية: «هناك أيضا كما أسلفنا روايات جيدة جدا، وتستحق أن تنافس على البوكر بل وتفوز بها، لكنها للأسف تعاني التغييب الإعلامي، فكتابها لا يحظون بنصيب من البهرجة الإعلامية التي ينالها آخرون وتصل بهم إلى مستويات التنافس العالية».وتحدثت الزرعوني عن أن بعض الروايات الموجودة حاليا لا تتناول البيئة المحلية ومشاكل المجتمع الإماراتي، بل تبدو كما لو أنها مكتوبة في بلد آخر ومكان آخر، وهو ما يجعلها غير صالحة لإحداث التأثير الكبير، الذي يجعلها روايات جديرة بالجوائز والتكريمات، ودعت الزرعوني في نفس السياق الكتاب الروائيين في الإمارات، إلى أن يكتبوا من أجل الفن، قبل أن يفكروا في النقاد أو الجوائز.الروائي المخضرم علي أبو الريش والذي يعتبر أحد الرواد في مجال السرد الروائي في الدولة، أكد أن الرواية الإماراتية لا ينقصها أي شيء كي تفوز بالبوكر، أو أية جائزة أخرى، وأن كل ما يحدث هو أن لجان التحكيم تنظر للأدب الإماراتي عموما، نظرة سوداوية وبمزاجية سيئة تصنفه من خلالها مسبقا بأنه غير جدير بالتنافس وبالفوز.وأضاف أبو الريش قائلا: «حين تنظر للروايات الفائزة بجائزة البوكر العربية، فلن تجدها مختلفة، ولا متفوقة على الرواية الإماراتية، ولذلك فإن الرواية الإماراتية تستحق النظر إليها من دون انطباعية مسبقة، ومن دون مزاجية تستثنيها بشكل ظالم»، وأكد أبو الريش أن الجوائز بشكل عام وليس البوكر وحدها، تخضع للمزاجية، ولمعايير لا علاقة لها بالنظر إلى الإبداع من حيث وجوده، واستدل أبو الريش على ذلك من أن هناك كتّابا عربا كانوا يستحقون نوبل لكنهم لم ينالوها كالطيب صالح وإبراهيم الكوني.وأردف أبو الريش متحدثا عن علاقة الجوائز بالإبداع الروائي ومبينا أن الأخير يمكن أن يتطور من دون أن ينال أي جوائز وقال: «الجوائز عموما لا تصنع كاتبا، وأتمنى من كتابنا أن يعملوا على رواياتهم بشكل يحترم تقنيات السرد من دون تعجل، وألا يفكروا في الجوائز أو يكتبوا لها».ورد أبو الريش على من يعتبر أن مأزق الرواية الإماراتية هو في الكم الكبير الذي تقل فيه الجودة والكيف، فقال إن الإمارات الآن داخلة في مجال التنوير الفكري، وبالتالي فمن الطبيعي أن تنتج كتابات كثيرة، ولا مشكلة في ذلك، طالما أن الجيد مهما قل سيفرض نفسه في النهاية وسينصفه التاريخ، واعتبر أبو الريش أن القارئ هو من سيحكم وسيفرز الأفضل لا الجوائز ولا لجانها.وشدد أبو الريش على أن ما ينقص الرواية الإماراتية كي تتطور وتصل لمصاف التكريمات المستحقة، هو وجود نقاد حقيقيين، يمارسون مهنتهم باحترافية وبقراءة منهجية للنصوص من دون النظر إلى الأسماء أو التأثر بها، ومن دون أن يتوقفوا عند قراءة عمل واحد، ليحكموا من خلاله على مجمل أعمال الروائي، وأكد أبو الريش أن ذلك النقد الذي لا يتأثر بالأفكار المسبقة هو ما سينهض بالرواية الإماراتية لتصل للمكانة التي تستحقها. القاص والروائي عبد الرضا السجواني قال، إن ما ينقص الرواية الإماراتية لكي تنافس، هو إلمام معظم كتابها بفن الرواية وتقنياتها، وأضاف قائلا: «ما يحبطنا أحيانا هو أن نجد كتّابا وكاتبات ينشرون عدة كتب، فقط لأنهم يمتلكون المقدرة المادية لذلك، ولكنهم لا يراعون أبسط قواعد الكتابة ولا يلمون بها، وهذا استسهال مجحف في حق الرواية الإماراتية».وأبرز السجواني أن الرواية الإماراتية تعاني استعجال بعض كتابها، فليس من المعقول كما قال أن تظهر رواية خلال أشهر قليلة، وأكد أنه حتى في مجال كتابة القصة القصيرة فإن الأمر يحتاج أحيانا إلى عدة سنوات، فما بالكم بالرواية؟وتحدث السجواني عن مشكلة أخرى تواجه الرواية الإماراتية وهي عدم قدرة هؤلاء الكتاب الذين يظهرون باستعجال، وعدم إتقان لفن السرد، على الاستمرار، وقال: «هم يختفون بعد كتاب أو كتابين، لأنهم لا يمتلكون القدرة وفنيات الكتابة».واتفق السجواني مع القائلين إن الرواية في الإمارات ينبغي أن تهتم بالمحلية كي تصل للعالمية، وأكد أن قليل من الكتاب يكتبون عن البيئة الإماراتية، وحكايات البحر، والنفط، وغير ذلك، ولذلك فإن الآخرين يبقون بعيدين عن تقديم شيء ينتمي لهم، ويلفت انتباه لجان التحكيم في جائزة البوكر إلى تلك الصبغة الإبداعية المحلية وإلى استحقاقها للاحتفاء.

مشاركة :