أحدث الفوز التاريخي والصعب الذي حققه المنتخب السعودي الأول لكرة القدم على المنتخب المصري في مباراة ما قبل الوداع في مونديال روسيا، تغيرًا هائلاً في مزاج الجماهير والشارع الرياضي السعودي. والجماهير التي كانت لا ترى في هذا المنتخب سوى مجموعة من الفاشلين عقب الخسارة من روسيا وتعيره بـ"منتخب الهلال" أصبح في لحظات منتخبًا كبيرًا وفريقًا بطلاً يشار له بالبنان. وأصبح ممثلاً لكل الأندية وليس للهلال فقط كما كانوا ينعتونه من قبل بهذه الوصفة الجاهزة عند كل خسارة. عمومًا، الكثير ربما لا يؤاخذ الجماهير على عواطفها الجياشة وانسياقها في كل مرة خلف آراء وأطروحات المغذي الرئيسي فيها ألوان الأندية ولا شيء غيرها. ولكن العتب كل العتب على بعض من يطلق عليهم نقاد ومحللون والذين كانوا على خطى من سبقوهم من تلك الجماهير وراحت تكيل الشتائم لمنتخب وتجعله منتخبًا للهلال مع كل هزيمة ومنتخبًا للوطن مع الفوز.. هكذا كان القاصرون العابثون بالمشهد الرياضي يصورون الأوضاع بتلك الطريقة بلا تمحيص ولا تدقيق، ويريدون من الجميع أن يوافق طرحهم الفارغ الذي أجد أن كلمة "سخيف" أقل ما يقال بحق تلك الآراء. وأعتقد أن الصورة أصبحت واضحة جدًّا بالنسبة لأصحاب القرار في الرياضة السعودية، بعد انتهاء مشاركة الأخضر في كأس العالم دون الالتفات لما تقوله بعض الجماهير ومعهم كثير ممن يسمون أنفسهم إعلامًا، فآراء كتلك لن تجلب لنا سوى المصائب والنكسات والأيام بيننا. وكنت قد كتبت في الأسبوع الماضي: "لا أحد يستطيع أن يصادر الأحلام وهي حق أصيل ومشروع لكل شخص ولكل فريق، ولكن من الضرورة أن تكون في حدود المعقول وأن تفهم واقعك". وأضيف عليها اليوم، من الواجب أيضًا أن نفكر ونجدد في قوانيننا الرياضية، وأن نمضي قدمًا في إحداث طفرة هائلة دون النظر لما ستقوله جماهير لا هم لها سوى الطقطقة والشماتة وكل عشقها ألوان الأندية وهي الحقيقة مع الأسف، ولا حتى التفكير لردة فعل بعض المحسوبين على الإعلام وما أكثرهم. ولعل إطلاق اتحاد القدم حزمة من القرارات الأخيرة وجلها يتعلق بالاحتراف الخاص باللاعب السعودي وما تبعها أيضًا من التجديد مع المدرب الأرجنتيني بيتزي، تمنحنا مؤشرًا جيدًا على أن هناك تحركات إيجابية وخطوات على الطريق الصحيح بعيدًا عن ضجيج جماهير الأندية و"منتخب الهلال" ومن وافقهم في الرأي والذين لا هم لهم سوى التنفيس عما في قلوبهم من مرض تجاه ناد عظيم هو تاج رأس الأندية السعودية.
مشاركة :