ليس كل من ترشح مؤهلا ليكون نائبا

  • 6/27/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

مع اقتراب الاستحقاق الوطني للترشح للانتخابات النيابية والذي هو حق كفله الدستور لجميع المواطنين عدا الفئات التي استثنيت من ممارسة هذا الحق بحسب القانون رقم (25) لسنة 2018، حيث يمنع قيادات وأعضاء الجمعيات السياسية المنحلة بحكم قضائي من الترشح لمجلس النواب، لارتكابها مخالفة جسيمة لأحكام دستور المملكة، أو أي قانون من قوانينها، كما منع القانون من الترشح كل من تعمد الإضرار أو تعطيل سير الحياة الدستورية أو النيابية؛ وذلك بإنهاء أو ترك العمل النيابي بالمجلس، أو تم إسقاط عضويته لذات الأسباب، أضف إلى ذلك الفئات التي لا ينطبق عليها شرط الترشح كالسن القانونية لمن هم دون الثلاثين سنة كاملة. ومع اقتراب العد التنازلي لفتح الباب للترشح للانتخابات النيابية والبلدية بتنا نرى تزاحم المرشحين الراغبين في خوض هذا المعترك الديمقراطي، من ذكور وإناث وإن كان السواد الأعظم من نصيب الذكور حتى اللحظة، وفي نفس الوقت مازال هناك من يقرأ الوضع ويحلل المشهد ويمحص في الإقدام على الترشح من عدمه فالإقدام على هذه الخطوة بحاجة إلى دراسة مستفيضة والأهم من ذلك أن تتوافر النية الصادقة في خدمة الوطن تصاحبها القدرة على العمل السياسي والكفاءة الوطنية المبنية على الخبرة والمؤهل والممارسة في مجال معين أو عدة مجالات. كما أسلفنا أن الترشح حق مطلق ومن يجد في نفسه الرغبة والقدرة فليتقدم لهذا المضمار، وهذه حرية كفلها الدستور البحريني بعد تدشين المشروع الإصلاحي لجلالة الملك المفدى حفظه الله ورعاه، ولكن السؤال الذي يُطرح في هذه الفترة تحديدًا والذي نوجهه إلى المرشح نفسه: هل ترى في نفسك مشروع نائب يُشرع ويُسن القوانين ويُراقب عمل الحكومة ويُحاسب المقصرين من الوزراء ومن في حكمهم؟! والأهم من ذلك: هل لديك القدرة والكفاءة لهذا العمل وتحمل أعبائه ومسؤولياته تجاه الوطن والناخب الذي تطمح إلى الحصول على صوته؟ صرعة الترشح للمجلس النيابي أصبحت ظاهرة ملفتة للعيان، حيث إن البعض يُقدم على هذه الخطوة ليس رغبة منه بدعم وإثراء المشروع الديمقراطي والحياة البرلمانية أو تحسين معيشة المواطنين من خلال سن قوانين وإقرار مشاريع تخدم المواطن؛ بل البعض منهم مقدم على هذه الخطوة بغية إصلاح وضعه المعيشي بالدرجة الأولى فالمكافأة المجزية التي يتحصل عليها النائب دفعت بالكثيرين إلى المغامرة وخوض هذا السباق الذي يعتبر بالنسبة إليهم حلم حياة من ناحية ومن ناحية أخرى فهو مكسب مادي مغر جدًا ووجاهة مجتمعية قد لا يجود الزمان بمثلها. مع الاسف شاهدنا في المجلس السابق ضعفا واضحا في أداء كثير من النواب ممن وصلوا إلى البرلمان من دون استحقاق عن كفاءة وهذه إحدى الكبوات المؤلمة التي يمر بها العمل البرلماني في مملكتنا الحبيبة والتي أسهمت بردة فعل سلبية تجاه التجربة البرلمانية، هذا الضعف استُغل بشكل سلبي ضد المواطن وما شهدناه من ضغوط باتت تؤرق المواطن كارتفاع أسعار الوقود والتضخم وضعف الرواتب، كل هذه الإخفاقات كان سببها ضعف المجلس النيابي السابق. نعم، البعض من المرشحين يكون لديه قبول ويحترم أيما احترام من قبل أهالي دائرته ولكن خلفيته أو نشاطه في ممارسة العمل السياسي أو التعامل مع قضايا الوطن لا يؤهله لدخول المجلس، فالبعض من هؤلاء لم نسمع له مداخلة تناقش قضية سياسية أو مجتمعية ولم نر له ظهورا سواء في مجلس أو صحيفة أو برنامج إذاعي أو تلفزيوني أو حتى عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي ينتقد من خلالها أو يعترض أو يؤيد أو يُبدي رأيا في قضية من القضايا الوطنية، بل أجزم أن كثيرا منهم لم يطلع على برنامج عمل الحكومة قط، ولا يعلم اين يجده أو ما هي محتوياته، ولم يطلع على دستور المملكة أو ميثاقها الوطني، ولا يعلم ما هي آلية عمل المجلس الوطني بشقيه النيابي والشوري، ولا يعلم ابسط الاحصاءات الوطنية وأين تُنشر، ولا يعلم آليات ومعايير عمل ديوان الرقابة المالية والإدارية. مع الأسف البعض من هؤلاء حتى لا يجيدون الحديث في القضايا السياسية وإن تحدثوا ضحكت لحديثهم وضحالة فكرهم وثقافتهم العقيمة.. نقولها وبمرارة إن كانت المكافأة حافزا للترشح فهذه كارثة على الوطن والمواطن بل هي انتكاس للعمل البرلماني في مملكتنا الحبيبة ومما يؤسف له أن الناخب أصبح لا يختار من يمثله في المجلس لكفاءته بل لأنه صديق أو قريب أو موصى عليه من قبل آخرين أو لأنه طيب وخدوم أو لأنه خلوق.. وهذا أكبر انحدار وانحراف تتعرض له المسيرة الإصلاحية في البحرين، فعندما تبتعد الكفاءات فلا نستبعد أن نصبح كالسفينة التائهة تتقاذفها الامواج في عرض البحر، من المفترض بنا كمواطنين عندما يكون في دوائرنا كفاءات وطنية أن ندفع بهذه الكفاءات للترشح بل نلح عليهم بالترشح لأننا بأمس الحاجة إلى هذه للكفاءات التي يكون لديها إلمام تام بعمل المجلس النيابي وعمل الحكومة ولديها رؤية بصيرة في كثير من الخطط والاستراتيجيات وخاصة فيما يتعلق بالميزانية العامة والخطط المستقبلية للدولة ولديها القدرة على اقتراح وسن قوانين تعود بالنفع على الوطن والمواطن وتسهم في عملية البناء والتنمية وحفظ أموال الدولة وحفظ حقوق المواطنين والدفاع عن مكتسباتهم بما يكفل حياة كريمة للحاضر ولأجيال المستقبل.

مشاركة :