مونتريال – أظهرت دراسة كندية جديدة أن تناول مضادات الاكتئاب تهدد حياة مرضى الانسداد الرئوي المزمن وتزيد من فرص دخولهم المستشفى بسبب الأعراض ذات الصلة بأمراض الرئة. الدراسة أجراها باحثون بمستشفى سانت مايكل في كندا، ونشروا نتائجها، في دورية “أوروبين ريسبيراتوري جورنال” العلمية. والانسداد الرئوي المزمن، هو أحد أمراض الرئة الخطيرة، التي تجعل التنفس صعبًا، وتزداد حالة المريض سوءًا مع مرور الوقت إذا لم يتم علاجها، وتشمل أعراضه الصفير والسعال، وضيق الصدر، وصعوبة التنفس. وإلى جانب العلاجات التقليدية، عادة ما يحتاج مرضى الانسداد الرئوي المزمن إلى برامج إعادة التأهيل الرئوي التي تهدف إلى معالجة الأعراض وتحسين الأنشطة اليومية، وتتمثل في النشاط الجسدي لرفع قدرة التحمل، وطريقة التنفس لتحسين فعالية الرئتين، والتغذية الملائمة، والدعم والإرشاد. وأوضح الباحثون أنه بسبب طبيعة هذا المرض، فإن ما يزيد عن 70 بالمئة ممن يعانون من مرض الانسداد الرئوي المزمن، يعانون أيضًا من أعراض انخفاض المزاج والقلق ويلجأون إلى مضادات الاكتئاب. وباستخدام قواعد البيانات الإدارية الصحية من معهد العلوم التقويمية السريرية في كندا، قام الفريق بمراقبة 28 ألفا و360 مصابا بالانسداد الرئوي المزمن، لاكتشاف تأثير مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية “أس.أس.آر.أي.أس”، وهي الأدوية الأكثر شيوعًا من مضادات الاكتئاب، وتقوم بعملها على مادة كيميائية في الدماغ تسمى السيروتونين، وتشمل أدوية مثل بروزاك وزولوفت وباكسيل. واكتشف الباحثون أن مرضى الانسداد الرئوي المزمن، الذين استخدموا هذه الفئة من مضادات الاكتئاب، ازدادت لديهم احتمالات الوفاة بنسبة 20 بالمئة، كما زادت لديهم احتمالات دخول المستشفى بسبب الأعراض المرضية بنسبة 15 بالمئة، مقارنة بأقرانهم الذين لم يتناولوا تلك الأدوية. 70 بالمئة ممن يعانون من مرض الانسداد الرئوي المزمن، يعانون أيضًا من تقلب المزاج وقال الدكتور نيكولاس فوزوريس، قائد فريق البحث “لم نندهش من هذه النتائج، حيث توجد أسباب بيولوجية وراء كون مضادات الاكتئاب يمكن أن تؤدي إلى مشاكل في الجهاز التنفسي”. وأضاف أن “هذه الأدوية يمكن أن تسبب النعاس، والتقيؤ، ويمكن أن تؤثر سلبًا على خلايا جهاز المناعة، وهذا يزيد من احتمال الإصابة بالعدوى، ومشاكل التنفس، وغير ذلك من المشاكل التنفسية، خاصة عند مرضى الانسداد الرئوي المزمن”. وأشار إلى أن “نتائج الدراسة لا ينبغي أن تسبب الانزعاج بين من يستخدمون هذه الأدوية؛ بل تزيد من الحذر بين المرضى والأطباء، وأتمنى أن تشجع دراستنا على زيادة الوعي عند وصف هذه الأدوية ورصد الآثار الجانبية الضارة لها”. ويخطط فوزوريس لمواصلة دراسة مضادات الاكتئاب الأخرى المستخدمة لعلاج المشاكل النفسية لدى المرضى الذين يعانون من مرض الانسداد الرئوي المزمن، لرسم صورة أكثر تكاملاً لمخاطر الآثار الجانبية لتلك الأدوية. وكانت دراسة سابقة، قد ربطت بين استخدام مضادات الاكتئاب، ومضاعفة خطر تعرض كبار السن الذين يعانون من مرض الزهايمر لكسور في العظام. يذكر أنه من المتوقع أن يصبح مرض الانسداد الرئوي المزمن ثالث أسباب الوفاة الرئيسية في شتى أنحاء العالم بحلول عام 2030 بعد أمراض القلب والسرطان. ووفقا لتقديرات منظمة الصحة العالمية فإن هناك 210 ملايين نسمة ممن يعانون من حالات متوسطة أو وخيمة من مرض الرئة الانسدادي، وهذا المرض أودى بحياة ثلاثة ملايين شخص عام 2005، وأحدث قرابة 90 بالمئة من الوفيات في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، في حين بلغ عدد المصابين بالمرض المزمن في عام 2004 ما يقارب 64 مليون نسمة حول العالم.
مشاركة :