سعت الولايات المتحدة لتشديد الخناق على إيران قبيل إعادة تطبيقها حزمة عقوبات اقتصادية عليها بحلول أغسطس المقبل، وحثت واشنطن شركاءها الـ14 في مجلس الأمن الدولي على فرض المزيد من العقوبات على طهران، رداً على «سلوكها الخبيث» في الشرق الأوسط. وقال جوناثان كوهين نائب السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة نيكي هيلي، خلال اجتماع لمناقشة تنفيذ الاتفاق الدولي بشأن برنامج طهران النووي المبرم في 2015، إنه «في مواجهة بلد ينتهك باستمرار قرارات المجلس، يتحتم علينا اتخاذ قرار بشأن العواقب». وفي كلمته بأول اجتماع للمجلس الدولي منذ إعلان الرئيس دونالد ترامب في 8 مايو الانسحاب من المعاهدة التي صادق عليها المجلس بالإجماع في 2015، اتهم كوهين مجدداً إيران بأنها تزوّد المتمردين الحوثيين في اليمن بالصواريخ، في انتهاك لحظر دولي على تصدير الأسلحة الى اليمن. تمسك أوروبي في المقابل، ابدى ممثل الاتحاد الأوروبي لدى الأمم المتحدة جواو فال دي ألميدا أسفه لانسحاب واشنطن من الاتفاق. ودعا المجتمع الدولي إلى دعم التعهد المشترك وتطبيق جميع بنوده. ورأى أن «تفكيك اتفاق نووي فعّال لا يضعنا في موقف أفضل لمناقشة قضايا أخرى»، في إشارة إلى أنشطة طهران البالستية ونفوذها المتصاعد في الشرق الأوسط. وقال إن «التطبيق الكامل للاتفاق النووي يمنع سباقاً للتسلح النووي في المنطقة». بدوره، اعتبر السفير الفرنسي فرانسوا دولاتر أن «انهيار الاتفاق سيشكل خطوة خطيرة إلى الوراء بالنسبة إلى المنطقة وإلى منظومة حظر الانتشار النووي وقد تكون عواقبه وخيمة». تحرك إيراني وفي وقت يلف غموض مستقبل الاتفاق النووي بين إيران وبريطانيا فرنسا الصين وروسيا وألمانيا، ذكرت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية أن طهران أعادت فتح محطة نووية متوقفة عن العمل منذ تسع سنوات، مع استعدادها لزيادة طاقة تخصيب اليورانيوم إذا انهارت المعاهدة بعد انسحاب واشنطن. وقالت المنظمة أمس، إنه استجابة لأمر المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي ورداً على انسحاب ترامب، فقد أعيد فتح محطة لإنتاج سادس فلوريد اليورانيوم، وهو المادة الخام التي تستخدمها أجهزة الطرد المركزي التي تخصب اليورانيوم، وجرى تسليم برميل من الكعكة الصفراء هناك في خطوة رمزية يسمح بها الاتفاق الدولي القائم الذي يتيح لطهران تخصيب اليورانيوم حتى مستوى 3.67 بالمئة وهي نسبة تقل كثيرا عن التسعين بالمئة اللازمة لصنع أسلحة. وبعث الرئيس الإيراني حسن روحاني برسائل إلى نظرائه في فرنسا وألمانيا وبريطانيا حذرهم فيها من أن وقت إنقاذ الاتفاق النووي ينفد. وتحاول الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق إنقاذه، خصوصاً أنها تعتبره حاسما للحيلولة دون حيازة إيران سلاحاً نووياً. حظر النفط في هذه الأثناء، أبلغت نيكي هيلي رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بعد اجتماعها معه في نيودلي، بأن من المهم أن تقلص بلاده،على النفط الإيراني، لكنها قالت إن الولايات المتحدة ستعمل من أجل السماح لنيودلهي باستخدام مرفأ تشابهار النفطي الإيراني الذي يتم تطويره للعمل كممر إلى أفغانستان وهو ما قد يساهم في تقليل اعتماد كابول على جارتها باكستان. وفي وقت تأمل واشنطن عزل طهران أحد أكبر مصدري النفط على مستوى العالم عن الأسواق الدولية، ذكرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية أنييس فون دير مولن أن باريس «أحيطت علماً» بدعوة أميركية تحث الدول على إيقاف وارداتها من النفط الإيراني بحلول أوائل نوفمبر المقبل واصفة الخطوة بأنها «تنتهك الاتفاقات بين المجتمع الدولي وإيران بشأن برنامجها النووي». وقالت المتحدثة: «ستتاح لنا الفرصة قريبا لدراستها مع شركائنا الأوروبيين كي تستمر إيران في التمتع بالمزايا الاقتصادية للاتفاق النووي في حال واصلت في التزامها الكامل به». واعتبر وزير الاقتصاد التركي نهاد زيبكجي أن مطالبة الولايات المتحدة لدول العالم بوقف استيراد النفط الإيراني حتى لا تتعرض لعقوبات «غير ملزمة» لأنقرة. ولاحقاً، ذكرت وكالة «رويترز» نقلاً عن مصدرين في قطاع النفط الهندية أن الحكومة الهندية أبلغت المصافي بالاستعداد لـ«خفض كبير» أو توقف كامل لواردات النفط الإيراني وحثتها على ايجاد بدائل استجابة لواشنطن. أصوات المحتجين في هذه الأثناء، أكد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو دعمه للإيرانيين الذين يتظاهرون ضد حكومتهم التي اتهمها بـ»الفساد والظلم وعدم الكفاءة». وقال في بيان «الشعب الإيراني يطلب أن يشارك قادته ثروة البلاد ويلبون حاجاته المشروعة». وأضاف «العالم يسمع أصواتهم». وأضاف بومبيو: «تهدر الحكومة الإيرانية موارد المواطنين من خلال مغامراتها في سورية ودعمها لحزب الله وحماس والحوثيين، في لبنان وغزة واليمن، أو طموحاتها لتطوير برنامجها النووي دون مبرر». من جانب آخر، دشن الرئيس الإيراني أمس المرحلة الثانية من مشروع مصفاة نجم الخليج التي تصفها طهران بالأكبر على مستوى العالم لإنتاج المشتقات النفطية جنوب البلاد قرب من ميناء بندر عباس، فيما أسفر حريق اندلع في مصنع للبتروكيماويات في مدينة آبادان بمحافظة خوزستان عن إصابة ستة عمال.
مشاركة :