من خلف انحسار «غبار» المعركة التي أطلقتْها الخارجية اللبنانية مع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين حول عودة نحو 3 آلاف نازح الى سورية من بلدة عرسال الحدودية الى بلدات في القلمون الغربي، بدأ أمس مسار الرجوع «على دفعات» لهؤلاء بإشراف الأمن العام اللبناني وبعد موافقة من النظام السوري.واتجهت «العدسات» منذ أولى ساعات صباح أمس الى عرسال، أكبر البلدات اللبنانية والتي تحتضن نحو ألف نازح يشكلون ثلاثة أضعاف عدد سكانها، والتي غادرتْها قافلةٌ من 370 نازحاً الى الأراضي السورية، من ضمن الاتفاق الذي أشرف عليه ونفّذه الأمن العام اللبناني الذي واكب عملية العودة مع أجهزة أمنية أخرى وصولاً الى معبر الزمراني حيث تسلّمت العائدين سلطات النظام السوري.وحسب المعلومات، فإن الـ 370 اختاروا العودة طوعاً الى قراهم في القلمون الغربي مع آلياتهم وممتلكاتهم بعدما وافقت السلطات السورية على اللوائح الاسمية التي اشتملت على نحو 3 آلاف اسم، على أن يعودوا على مراحل.ورافق الصليب الأحمر اللبناني عملية العودة اذ وضع سيارتيْ إسعاف في نقطة التجمع في وادي حميد في عرسال إضافة الى سيارة دفع رباعية مع 14 مسعفًا وإدارياً وعيادة نقالة مع طاقم من 6 أشخاص.ومنذ بدء العملية حتى إنتهائها نقلت فرق الإسعاف إلى العيادة النقالة ما يقارب 40 حالة صحية تنوّعت بين أطفال ومسنين ونساء حوامل حيث قدمت لهم العناية الصحية اللازمة وأعادتهم إلى نقطة التجمع، كما كانت مراكز الصليب الأحمر في المناطق المجاورة على جهوزية تامة من أجل تلبية أي طارئ.وفي حين تشهد عرسال اليوم اعتصاماً للمطالبة بتسهيلات وضمانات أكبر لتسهيل عودة النازحين ولا سيما من القصير التي يتواجد نحو 40 ألف من أهلها في عرسال ويعترض طريق رجوعهم تحويل البلدة من «حزب الله» الى قاعدة عسكرية رئيسية، واكبتْ وكالة «سانا» السورية عودة قوافل الـ 370 نازحاً أمس بإعلانها «اتخاذ جميع الإجراءات والترتيبات لاستقبال مئات المهجرين السوريين العائدين من الأراضي اللبنانية عبر معبر الزمراني».وفي موازاة ذلك، أكد السفير السوري في لبنان علي عبدالكريم على أن «الدولة السورية بكل مندرجاتها تعمل على تسهيل عودة النازحين»، مشيراً إلى أن «الدولة السورية سامحت الذين حملوا السلاح والمجال مفتوح للجميع»، ومتحدثاً عن أن «هناك مَن يستثمر سياسياَ في الجانب الإنساني لقضية النزوح»، ومؤكداً أن «على الدولة اللبنانية التنسيق مع سورية للوصول إلى مَخارج كريمة لقضية النازحين».لبنان: صراعُ أفكارٍ في الجولة الجديدة من التفاوض حول تشكيل الحكومةشكّل اللقاءُ الذي عُقد أمس بين الرئيس اللبناني العماد ميشال عون والرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري إشارةَ انطلاقِ جولةٍ جديدة من المفاوضات الشائكة لتأليف الحكومة الجديدة العالقة منذ 35 يوماً في دوامةٍ من التعقيدات، بعضها علني ويتّصل بالأحجام والحصص وبعضها الآخر «خفي» ويرتبط بالتوازنات السياسية وما تنْطوي عليه من أبعادٍ إقليمية ولا سيما على وهج التحوّلات الكبيرة في المنطقة.وحتى قبل أن يَصِلَ الحريري عصر أمس الى قصر بعبدا حامِلاً معه أفكاراً جديدة في سياقِ محاولةِ تدوير زوايا العقد التي حالتْ حتى الساعة دون تشكيل الحكومة، بدا واضحاً أن «التفاوض الجديد» يجري على وقع ملامح حشْر الرئيس المكلّف بين حدّيْن:* الأوّل عبّر عنه الهجوم اللافت من إعلام قريب من «حزب الله» على «الحريري الجديد» مع رسْم ما يشبه «الخط الأحمر» أمامه حيال أيّ تَجاوُزٍ في تشكيل الحكومة لنتائج الانتخابات النيابية التي يَعتبر فريق 8 مارس أنه حقّق من خلالها «انقلاباً» لمصلحة مشروعه، وصولاً الى التلويح بأن «كل الاحتمالات ستكون واردة إذا أجهضتْ نتائج الانتخابات، بما فيها رئاسة الحكومة، وغداً لناظره قريب».* والثاني يتمثّل في ما يشبه «خريطة الطريق» التي حدّد خطوطَها العريضة قصرُ بعبدا قبيل استقبال الرئيس المكلف متطرقاً عبر مصادره الى مختلف العقد المطروحة والاقتراحات التي جرى التداول بأن الحريري قد يحملها في شأن شكل الحكومة وعدد وزرائها.وإذ نُقل عن مصادر عون ان مقاربته للملفّ الحكومي تستند الى ركيزة أساسية تتمثل في ضرورة مراعاة التمثيل الصحيح وفق أحجام الكتل كما عبّرت عنها الانتخابات النيابية، وانه منفتح على كل طرح تحت هذا السقف سواء لجهة حكومة من 30 أو 32 أو 24 وزيراً، لفتت الى ان الرئيس حريص على تسهيل مهمة الرئيس المكلف وتذليل العقبات معه واضعة في هذا السياق استقبال عون اول من امس الوزير ملحم الرياشي موفداً من رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع.وحسب هذه المصادر فإن عون، الذي يَعتبر أن منصب نيابة رئاسة الحكومة الذي طرحتْ «القوات» مدعومةً من الحريري أنها تريده الإبقاء عليه من حصّتها بات خارج النقاش على قاعدة أنه من حصة الرئيس، يرى ان حصول «القوات» على حقيبة سيادية (بدَل نيابة رئاسة الحكومة) يحتاج الى توافق وطني وعندما يتأمّن يُبنى الموقف على هذا الأساس.وفي ما خص العقدة الدرزية المتمثلة بإصرار زعيم «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط على حصْر التمثيل الدرزي في الحكومة كاملاً بحزبه وكتلته، كان عون ينتظر ما سيحمله اليه الحريري من جواب حول ما سبق ان اقترحه لجهة ان يكون الوزير الدرزي الثالث (في حكومة ثلاثينية) «مشترَكا» بين عون وجنبلاط وإرسلان.وفي رأي أوساط سياسية ان فريق 8 مارس الذي يستعجل تشكيل الحكومة و«رمى» محسوبون عليه في الأيام الأخيرة «قنابل تحذيرية» مثل التلويح بسحْب تسمية الحريري لتشكيل الحكومة، من خارج اي نص دستوري، يحاول تضييق الهوامش أمام الرئيس المكلف الذي سارَع الى تبريد ملامح التوتر في علاقته مع عون والتي أوحتْ بترنُّح التسوية السياسية التي كانت أنهت الفراغ الرئاسي على قاعدة «عون في بعبدا والحريري في السرايا» كما حضّ على احتواء «الشظايا المتطايرة» من العلاقة بين حزب عون (التيار الوطني الحرّ) و«القوات» والتي شكّلت المرتكز الثاني لتسوية 2016.وستشكّل إطلالة الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله اليوم، مؤشراً الى «اتجاهات الريح» في مسار تأليف الحكومة واذا كانت «الرياح» التي لفحتْ التسوية السياسية «عابرةً» أم انها تمهّد للارتداد عليها.
مشاركة :