عندما تحتشد جملة جهات أمنية وصحية، وتنظيمات مجتمع مدني وفاعليات اقتصادية وقانونية وحقوقية وأكاديمية في موقع واحد، رافعة شعار «لا للمخدرات» ذلك القاتل الجماعي السري، يمكن عندها تلمس مدى الخطورة الذي بلغته تلك الآفة، ومدى تغلغلها في جنبات المجتمع، لاسيما بين أكثر فئاته حيوية وقوة، وهي التي ينعقد عليها رهان المستقبل لقيادة المجتمع إلى مراتب الرقي والتطور.الأخطر ما كشفته الإحصاءات من ملفات مراكز المعالجة والمستشفيات، أن مستويات التعاطي إلى درجة الإدمان المرضي القاتل، تعدت المعدلات الطبيعية، وباتت ظاهرة مدمرة، تستدعي استنفار كل الجهات التي تستطيع التصدي لها، لإعداد وترجمة استراتيجية أمنية مدنية شاملة، خاصة وأنها باتت من الخطورة والاستفحال أكبر من أن يتحمل قطاع لوحده أو جهة أمنية أو مدنية لوحدهما أن تتصدى لآثارها المدمرة. وبمناسبة اليوم العالمي لمكافحة المخدرات أقيم في مجمع الأفنيوز معرض بمشاركة وزارة الداخلية متمثلة بالإدارة العامة للعلاقات والإعلام الأمني، والإدارة العامة للأدلة الجنائية والإدارة العامة لمكافحة المخدرات، ووزارة الصحة، متمثلة بمركز علاج الإدمان ووزارة الدولة لشؤون الشباب، وكل من شركة زين للاتصلات والبنك الدولي وبيت التمويل الكويتي وكلية القانون، وجهات أخرى.وتوجه مدير إدارة الإعلام الأمني بوزارة الداخلية المقدم ناصر بوصليب، بالشكر لجميع الجهات والشركات المشاركة في هذا الحدث، الذي يهدف إلى إيصال رسالة توعوية للمواطنين والمقيمين ويعد تعاونا وتعاضدا بين القطاعين الحكومي والأهلي في مكافحة آفة المخدرات التي تفتك بالشباب، مؤكداً أن المعرض ماهو إلا انطلاقة لحملة وطنية للوقاية من المخدرات، وخلال القادم من الأيام ستكون هناك الكثير من الفعاليات الهادفة، كما شدد على أن وزارتي الداخلية والصحة لا تتعامل مع المدمن كمجرم بل كمريض يستوجب علاجه. وقال رئيس قسم العلاقات الخارجية الرائد حقوقي أحمد الهاشمي، أن مشاركة الوزارة في حدث اليوم العالمي لمكافحة المخدرات تجسدت في إقامة معرض توعوي بفكرة جديدة تختلف عن المعارض التقليدية، بحيث تم التركيز على استقطاب الشباب من خلال التركيز على هوية بتصميم جاذب ومعرض بطريقة البانوراما، مضيفاً بأنه يضم فكرة شبابية، وهي عبارة عن مسرح جريمة يتسابق رواد المعرض في التعرف على الآثار، بالإضافة إلى لوحة جدراية يوجهون من خلالها كلمة للمدمن. وبين أن التفاعل والإقبال على المعرض كان كبيراً من قبل الشباب والأسر، رغم أنه أقيم في منتصف الأسبوع وهذا يدل على رغبة المجتمع بالاستفادة والتوعية. استراتيجية أمنيةمن جانبه، أشار المدير العام للإدارة العامة لمكافحة المخدرات بوزارة الداخلية العميد بدر الغضوري، بأن الوزارة ممثلة بالإدارة قد انتهجت بعمل استراتيجية أمنية حديثة في مكافحة المخدرات والوقاية منها، وارتكزت على أكثر من محور وأهمهما الشراكة المحلية من خلال الوزارات المعنية ومؤسسات المجتمع المدني والعلاقات الدولية وأيضاً من خلال اشراك الأسرة وجميع المواطنين والمقيمين، مفيداً أن ذلك أسهم بشكل مباشر في كسر حاجز كبير بين الوزارة والمجتمع، مما أسفر عن تقدم الأفراد ببلاغات عن المدمنين كما تم في عملية استخباراتية كبيرة ضبط مليون ونصف حبة مخدرة قادمة من دول أوروبية، بالإضافة إلى بسط النفوذ بصورة قوية والحد من جماح الكثير من المهربين، مضيفاً أنه حالياً يتم محاربة الصناعة المحلية التي رفعت معدل حالات الوفيات.حماية وتوعيةذكر رئيس الاستراتيجية لمجموعة بيت التمويل الكويتي فهد المخيزيم، بأن بيت التمويل ارتأى المشاركة في الحملة دعماً لجهود وزارة الداخلية كما أن له دورا خاصا من حيث المسؤولية الاجتماعية ومساهمات سابقة تمثلت في إنشاء مستشفى الإدمان، مؤكداً بأن القطاع الخاص عليه أن يلعب دورا كبيرا في حماية الشباب ودعم الأنشطة المختلفة بتوعيتهم. وبدوره، قال الرئيس التنفيذي للعلاقات والاتصالات في شركة زين الكويت وليد الخشتي، إن رعاية هذا المعرض نبع من حرص الشركة على التواجد بمثل هذه الفعاليات، خاصة تلك التي تتضمن التوعية والتواصل مع الأشخاص الذين يحتاجون إلى هذا النوع من التواصل، مشدداً على أن مساهمة «زين» في مكافحة المخدرات كان منذ فترة طويلة، وتمثلت بالتعاون مع المشروع التوعوي الوطني للوقاية من المخدرات «غراس» منذ انطلاقه، واستمر التعاون مع وزارة الداخلية أيضاً وجهات أخرى، بحيث امتد العمل وصولاً إلى زيارات توعوية للمدارس. وأضاف أن لدى شركة زين استراتيجية في جانب المسؤولية الاجتماعية وميزانية مخصصة، كون القطاع الخاص جزءا لا يتجزأ في هذا المجتمع، ومن الواجب أن يشارك في تنمية هذا المجتمع جنباً إلى القطاع الحكومي، من خلال خبراته وأنشطته وجانبه الإعلامي.دور رياديومن جانبه، أكد مدير وحدة الاتصال المؤسسي في البنك الدولي نواف ناجيا، أن رعاية ومشاركة البنك لهذه الفعالية جاءت في إطار دعم الجهود التي تبذلها وزارة الداخلية وجميع الجهات المنظمة لهذه الفعالية للمساهمة في الحد من ظاهرة المخدرات وتوعية الشباب وكافة شرائح المجتمع بأخطارها ونتائجها السلبية، لافتاً إلى إيمان البنك بأهمية توعية الجمهور وجعلهم على بينة بمخاطر المخدرات على الفرد والمجتمع، وأن محاربة هذه الآفة تقع مسؤوليتها على عاتق الجميع، مشيداً بجهود وزارة الداخلية ودورها الريادي في القضاء على هذه الآفة من خلال البرامج التوعوية ومن خلال متابعة تجار المخدرات والقبض عليهم وتسليمهم للعدالة. كما قال مدير إدارة العلاقات العامة والإعلام بوزارة الدولة لشؤون الشباب ناصر العرفج، أن التجمع دليل واضح على جدية مؤسسات الدولة في محاربة ومكافحة المخدرات لدرء خطرها وكل ما من شأنه تدمير الشباب ومستقبلهم، مشدداً على أهمية توعية المجتمع كون هذه القضية لا تمس الشاب فقط، بل تمس أسرته ومجمتعه، داعياً جميع مؤسسات الدولة بجميع القطاعات إلى أن تتوحد الجهود وتتضافر من أجل حماية البلاد وشبابها من مخاطر وأضرار المخدرات والمؤثرات العقلية وذلك عن طريق مشاركة الرؤى والتطلعات وتأهيل الكوادر البشرية ودعم برامج التوعية وتوجيه الشباب نحو فهم أضرار هذه الآفة.على مدار العاموبين مسؤول العلاقات العامة والتسويق في كلية القانون الدولية عادل العنزي، بأن مشاركة الكلية جاءت انطلاقاً من واجبها ومسؤولياتها ودورها الوطني والاجتماعي تجاه مختلف فئات المجتمع، مضيفاً بأن المشاركة لا تنحصر بالتعريف بكلية القانون الكويتية العالمية إنما أيضاً للمساهمة بنشر التوعية تجاه هذه الآفة الخطيرة التي تؤثر على حاضر ومستقبل المجتمع والوطن. وأكد العنزي بأن هذا التعاون مع وزارة الداخلية ليس الأول، حيث أقيمت العديد من الأنشطة والفعاليات والندوات والمحاضرات التعريفية والتوعوية المشتركة في رحاب الكلية، مما كان له الأثر الإيجابي على الطلبة، خصوصاً وأن مجموعة من خريجي الكلية استقطبتهم إدارة التحقيقات والنيابة العامة وسواهما من أجهزة وزارة الداخلية، نظراً لتميزهم وقدراتهم وكفاءتهم، آملا أن يكون هناك سلسلة من الأنشطة التوعوية التي تمتد على مدار العام بتكاتف جميع الجهود، وأن تترسخ علاقات التعاون بين الكلية و«الداخلية» ومختلف المؤسسات العامة والخاصة في الكويت.
مشاركة :