أثارت تقنية حكم الفيديو المساعد الصدمة في صفوف المشككين وأبدى كأس العالم قدرته على توحيد الصفوف. وبينما تودع بيرو ومصر البطولة، تزداد مشاعر الحماس المرتبطة بالبطولة، وذلك بعد أن تعرض المنتخب الألماني لكبوة في بداية مشوار الدفاع عن اللقب في بطولة كأس العالم 2018 لكرة القدم المقامة حاليا في روسيا، حيث خسر مباراته الأولى أمام المكسيك صفر - 1، وأنعش الفريق آماله في تفادي الخروج المبكر عبر انتصاره المثير على نظيره السويدي 2 - 1 في الجولة الثانية. «الغارديان» تستعرض هنا أهم عشر نقاط جديرة بالدراسة من الجولة الثانية لمباريات كأس العالم 2018.تقنية حكم الفيديو المساعد: تغيير جذريلم يكن من السهل علينا كتابة هذه النقطة، لكن تبقى الأهمية الحقيقية نهاية الأمر للنفع العام وليس إثبات صحة الآراء الفردية. لم تكن تجربة الاستعانة بتقنية حكم الفيديو المساعد إيجابية على مستوى الكرة الإنجليزية بسبب تعطل المباريات لفترات طويلة نسبياً امتدت لدقائق. وفي الوقت الذي وقف الحكم يعبث بسماعة يضعها في أذنه، تعالت صيحات الاستهجان والاستهزاء بمختلف أرجاء الملعب، وذلك في ظل غياب كامل للمعلومات. وعليه، ساد شعور لدى الجميع بأن هذا الابتكار سيقوض على نحو خطير المتعة التي يشعر بها المشجعون الذين يرتادون الملاعب. ومع هذا، قدمت التقنية الجديدة أداءً جيداً خلال مباريات بطولة كأس العالم في روسيا. واللافت أن حكام البطولة كانوا يسارعون لمعاينة إعادة اللقطات عبر إحدى الشاشات، وكانوا يتخذون قراراتهم في غضون ثوانٍ، وليس دقائق. واللافت أن تقنية حكم الفيديو المساعد نجحت خلال مواجهات البطولة حتى الآن في منع، بدلاً عن خلق، ظهور مواقف مثيرة للجدل. وبذلك، تمكنت هذه التقنية من وضع حد للمناقشات الجدلية الرتيبة حول قرارات الحكام، والتي غالباً ما يلجأ إليها الأشخاص الساعون لتجنب تحليل أحداث المباراة الحقيقية كملاذ أخير. ويكفي هذه التقنية أنها أنقذتنا من إقدام الحكم على مكافأة المشهد القبيح الذي قدمه نيمار بتعمده التظاهر بالإصابة أمام كوستاريكا، باحتساب ركلة جزاء كان يمكن أن تبدل مسار المباراة. والآن، ينبغي للكرة الإنجليزية التعلم من هذا الدرس الذي تقدمه لنا بطولة كأس العالم في روسيا بخصوص كيفية استغلال تقنية حكم الفيديو المساعد.كين مرشح لجائزة الحذاء الذهبيكانت هناك بطولة كأس عالم واحدة فقط - تحديداً عام 1966 - سجلت خلالها إنجلترا عددا أكبر من الأهداف عن إجمالي أهدافها الحالي ببطولة كأس العالم في روسيا والبالغ ثمانية أهداف. من بين هذه الأهداف، سجل هاري كين بمفرده خمسة أهداف، ما يضعه على رأس قائمة المرشحين لجائزة «الحذاء الذهبي». ويعني ذلك أيضاً أن غاري لينيكر اللاعب الوحيد في تاريخ إنجلترا الذي أحرز عدد أهداف أكثر في بطولة كأس العالم.ومع هذا، يبقى من الغريب أن زملاء كين داخل الملعب يبدو وكأنهم يواجهون صعوبات استثنائية في توفير فرص له لتسجيل أهداف من اللعب المفتوح. جدير بالذكر أن هدفين من أهداف كين أتيا من خلال ركلتي جزاء، واثنين آخرين من كرتين ركنيتين، بينما جاء الهدف الخامس نتيجة ضربة حظ غير متوقعة تماماً. وبخلاف هذه الأهداف، من الصعب تذكر حصول كين على فرصة حقيقية من زملائه. وإذا كان أقرانه داخل الملعب لم يبدأوا حتى هذه اللحظة في تقديم عون حقيقي له، فإن هذا يعني أن بطولة كأس العالم لم تر كين في ذروة تألقه بعد.السفر يحمل في طياته قصصاً أقرب للخيالفي بعض الأحيان، يحمل ترحالك عبر أرجاء العالم خلف منتخب بلادك لمؤازرته قصصاً أسرية رائعة ولدت من رحم المصادفة البحتة. في فندق «أوكا» بمدينة نيجني نوفغورود، يقيم مشجع إنجليزي تنتمي والدته، التي توفيت منذ وقت قريب، إلى هذه المدينة التي كانت مغلقة على نفسها تماماً في وقت مضى وتقع على مسافة نحو 250 ميلاً إلى الشرق من موسكو. كانت هذه السيدة روسية الأصل قد رحلت عن المدينة إلى شمال لندن عام 1946 ولم تعد إليها ثانية قط. أما نجلها، فقد قطع عهداً على نفسه بزيارة موطن ميلاد والدته. ومن ضربات القدر السعيدة أن يتضمن جدول مباريات المنتخب الإنجليزي التوجه إلى مدينة نيجني نوفغورود، والتي كانت تعرف فيما مضى باسم غوركي، والأعجب أن يكتشف هذا المشجع الإنجليزي أن المنزل الذي عاشت فيه والدته يقع على الجهة المقابلة من الفندق الذي يقيم به، والذي اختارته له شركة السياحة التي تولت تنظيم رحلته. علاوة على ذلك، فإن المنزل لا يزال يعيش به أحد أقارب والدته. والآن، أصبحت المهمة الجديدة التي تنتظر هذا المشجع المحظوظ مقابلة نجل خالته الذي لم يكن يعلم بوجوده من قبل وجهاً لوجه. وفي خضم هذه الأحداث الدرامية العجيبة، بدت كرة القدم ومنافساتها الشرسة أشبه بمجرد خلفية للأحداث.رحلة لا تنسى لجماهير بيرو ومصر رغم الخروجكيف تقيمون تجربتكم مع بطولة كأس العالم؟ بالنسبة لعدد من الدول التي يبدو خروجها في حكم المؤقت، والتي لم تحصد أي نقاط، بل وفي بعض الحالات لم تسجل هدفاً واحداً يمكنها الاحتفال به حتى اليوم، من الواضح أن الجزء المتعلق بكرة القدم من البطولة لم يكن الجانب الأفضل في مجمل تجربة جماهير هذه البلاد التي سافرت إلى روسيا. وبعد قضائنا بعض الوقت في المدن التي تواجدت بها جماهير دول مثل مصر وبيرو لتشجيع منتخبات بلادها، ثمة شعور قوي بأن تجربة السفر إلى روسيا بعيدة تماماً عن كونها غير ذات قيمة. ربما يتعلق الأمر في فترة الانتظار الطويلة التي عايشتها جماهير هذه الدول من أجل نيل فرصة مشاهدة منتخبها الوطني يشارك في بطولة كأس العالم. لقد مرت 28 عاماً على آخر مشاركة للمنتخب المصري في بطولة كأس العالم، و36 عاماً بالنسبة لبيرو. لقد سعدت هذه الجماهير بمشاركتها في الأجواء الاحتفالية والحماسية للمباريات وفورة المشاعر التي انتابتهم لحظة ترديد النشيد الوطني والتلويح بأعلام أوطانهم والحماس الشديد الذي شجعوا به منتخبات بلادهم - كل هذا حمل في طياته معنى وقيمة في حد ذاته بغض النظر عن النتيجة.كرة القدم تملك القدرة على إلهاب المشاعريرى البعض أن نيمار كان يبالغ عندما انفجر باكياً في أعقاب فوز البرازيل الأخير على كوستاريكا، لكن في كل الأحوال كان مشهد دموعه جيداً. بغض النظر عن وجهة نظرك حيال الأنانية الفجة التي يتسم بها المهاجم البرازيلي نجم «باريس سان جيرمان»، من الواضح أن ثمة رغبة جامحة بداخله للنجاح في بطولة كأس العالم. وقال نيمار خلال منشور له عبر موقع «انستغرام» في أعقاب مشهد انفجاره في البكاء: «هذه دموع الفرح واجتياز العقبات وإرادة الفوز». ما شاهدناه حتى الآن، من العاطفة القوية التي أظهرها نيمار إزاء احتفالات ألمانيا أمام السويد وردود الأفعال الجلية حينما تسجل إنجلترا هدفاً ومناخ العداء المحتدم الذي هيمن على مباراة سويسرا وصربيا - أن كرة القدم الدولية تملك القدرة على إلهاب المشاعر على نحو تعجز عنه أي رياضة أخرى. ورغم أن بمقدورنا إبداء امتعاضنا من مستوى الأداء في بعض مباريات البطولة، فإن إقدامنا على هذا يعني ألا نغفل السر الحقيقي وراء جاذبية بطولة كأس العالم وهو أنها تجذب القلب أكثر عن جذبها العقل. إضافة إلى ذلك، فإن مستوى الحماس والتوتر الذي ظهر خلال المباريات التي شهدتها البطولة حتى الآن يوحي بأن المخاوف من أن تخرج البطولة بوجه باهت كان مبالغا فيها.أهداف اللحظات الأخيرةمن المؤكد أن ألمانيا لن تنسى قط الركلة الحرة التي أطلقها توني كروس في الدقيقة الـ95 والتي أسقطت السويد وأحيت آمال فريقه في كأس العالم. ومع هذا، يتعين على السويد تجاوز هذا الألم سريعاً، والذي تفاقم جراء مشاعر الفرح المبالغ فيها التي أبداها أعضاء المنتخب الألماني على مقاعد البدلاء في أعقاب انطلاق صافرة نهاية المباراة. من جهته، علق لاعب خط وسط السويد إيميل فورسبرغ على رد فعل الجهاز الفني ولاعبي المنتخب الألماني، قائلاً: «كان سلوكاً مقززاً من جانب الألمان وينم عن غياب كامل للاحترام».ولم يكن فورسبرغ السويدي الوحيد الغاضب من التصرف الألماني، وإنما شاركه الكثيرون على رأسهم يانه أندرسون، مدرب المنتخب السويدي، الذي بدا أنه يستشيط غضباً أثناء مشاركته في المؤتمر الصحافي، وقال: «يبدو أن الآخرين يتصرفون على نحو مخالف لما تفعله أنت».شاكيري وتشاكا يثيران الانتقاداتكانت هناك مشاعر شماتة واضحة عندما أحرزت سويسرا هدف الفوز على صربيا لتصبح النتيجة 2 - 1، لكن الأمر هذه المرة تجاوز مجرد الشماتة الكروية. ولعلنا بحاجة هنا لتقديم بعض المعلومات كخلفية - شيردان شاكيري وغرانيت تشاكا عرقياً إلى الألبان الذين تضرب جذورهم في كوسوفا، حيث شن الصرب حملة قاسية ضد السكان الألبان لم تتوقف سوى بتدخل حلف «الناتو» عسكرياً عام 1999. ولد شاكيري في كوسوفو، لكن أسرته أجبرت على الفرار إلى سويسرا بينما كان طفلاً بسبب الصراع المستعر، بينما ولد تشاكا في سويسرا - كان والداه قد فرا إلى هناك قادمين من كوسوفو. من جانبه، قال شاكيري: «تعرض منزل عمي للحرق والهدم وترك منزلنا خاوياً على عروشه بعد تعرض كل ما فيه للنهب وتشويه جدرانه». كان والد تشاكا سجيناً سياسيا قضى ثلاثة أعوام ونصف العام في السجن بسبب اقترافه جريمة التظاهر تأييداً للحقوق الكوسوفية الديمقراطية في مواجهة الحكومة المركزية الشيوعية في بلغراد. وعندما سجل شاكيري وتشاكا هدفين في مرمى صربيا، احتفلا برسم علامة النسر مزدوج الرأس المميزة للألبان.الكرة توحد الصفوفتشهد العديد من المدن الروسية، والعالمية، تنظيم فعاليات شعبية يشارك بها مواطنون من شتى أرجاء العالم يطلق عليها «جري المتنزهات»، عبارة عن العدو لمسافة 5 كيلومترات. واللافت أن الاهتمام الكبير الذي استحوذت عليه فعاليات بطولة كأس العالم لم يؤثر على تنظيم هذه المناسبات. وتدور هذه الظاهرة حول فكرة بسيطة مفادها الجري لمسافة 5 كيلومترات في مضمار مناسب، بحيث تتمثل الروح العامة السائدة في تعزيز قيمة المشاركة وليس المنافسة. السبت الماضي، كان هناك 38 عداءً، 5 منهم على الأقل من البريطانيين، بينهم سيمون مارلاند، سكرتير نادي بولتون وندررز، والذي حقق نتيجة مبهرة بإنجازه العدو في المركز الرابع. وفي الأسبوع السابق، شارك بالجري نحو 30 أسترالياً. أما ردود الفعل المحلية فغلبت عليها الدهشة والترحيب، في وقت بدا جلياً للجميع قدرة بطولة كأس العالم على توحيد صفوف البشر من شتى بقاع المعمورة. الأستراليون متمسكون بكاهيلخرجت الصفحة الأولى لصحيفة «ذي هيرالد صن»، السبت، بعنوان «هل حان الوقت للاستعانة بكاهيل؟» بعد خوض مباراتين والخروج منهما بنقطة واحدة وتسجيل أهداف من ركلات جزاء فقط، يبدو أن صبر الأستراليين أوشك على النفاد ويرغبون اليوم في العودة لما يألفونه - أما أكثر ما يألفونه فهو تيم كاهيل. ورغم أن اللاعب البالغ 38 عاماً لم يشارك في التشكيل الأساسي منذ نوفمبر (تشرين الثاني) ولم يسجل هدفاً لناديه منذ أبريل (نيسان) 2017، ثمة جزء كبير من الضمير الجمعي الأسترالي لا يزال متعلقاً به.ولا يبدو هذا الأمر مثيراً للدهشة بالنظر إلى حقيقة أن هذه المرة الخامسة التي تشارك أستراليا في بطولة كأس العالم منذ عام 1974. وقد سجل كاهيل أهدافاً في البطولات الثلاث الأخرى. لذا، لا بد أنه يبدو من الغريب للكثيرين عدم الاستعانة به في الجولتين الأولى والثانية في التشكيل الأساسي للمنتخب. ولكن عندما رضخ فان مارفيك لهذه الدعوات منيت أستراليا بهزيمة أمام بيرو وودعت البطولة العالمية.الروس متفائلون بمنتخبهمجاء فوز روسيا على مصر بنتيجة 3 - 1 لينهي الجدال الدائر حول المنتخب الروسي والتأكيد على أن فوزه على المنتخب السعودي لم يكن مجرد ضربة حظ. في الواقع، لقد تألق المنتخب الروسي على نحو غير متوقع ونجح في سحق المنتخب المصري الواهن رغم الخطر الذي شكله نجم «ليفربول»، محمد صلاح. خلف الجناح دينيس تشيريشف، شارك النجم الصاعد ألكسندر غولوفين، واللاعب الذي شكل واحدة من مفاجآت البطولة أرتيم دزيوبا. ويبدو هذا تحولاً جذرياً عن الحالة المزاجية التي سادت روسيا قبل انطلاق البطولة والتي واجه خلالها المنتخب الروسي الكثير من الانتقادات على الصعيد المحلي باعتباره الأسوأ في تاريخ البلاد. ولا شك في أن الاختبار الحقيقي أمام روسيا كان أمام أوروغواي التي فازت على المنتخب الروسي بثلاثية نظيفة.
مشاركة :