رفض رئيس الوزراء الإيطالي جوسيبي كونتي الموافقة على بيان لقمة زعماء الاتحاد الأوروبي يوم الخميس، وأبلغ رفاقه أن عليهم أولا تلبية مطالبه بشأن الهجرة، وذلك في مواجهة غير معتادة تسلط الضوء على الانقسامات بشأن تلك القضية الحساسة.وفاجأ تحرك كونتي، الذي يحضر قمة الاتحاد الأوروبي للمرة الأولى، الزعماء الآخرين وأجبر رئيس القمة دونالد توسك ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر على إلغاء مؤتمر صحفي مقرر مساء الخميس.وقال متحدث باسم توسك "لأن دولة عضوا احتفظت بموقفها بشأن النتائج برمتها، لم يتم الاتفاق على نتائج في هذه المرحلة".ويطالب كونتي، وهو رئيس حكومة جديدة متشككة في الاتحاد الأوروبي تشمل حركة 5-نجوم المناهضة للمؤسسات وحزب الرابطة اليميني المتطرف، بأن تتقاسم دول الاتحاد الأوروبي الأخرى تكاليف وأعباء التصدي للمهاجرين الذين يجري إنقاذهم في البحر المتوسط.وجاء تحركه بينما عقد الزعماء محادثات بشأن مجموعة قضايا من الأمن والدفاع إلى الوظائف والنمو والتنافسية. وعادة ما يصدرون نتائج معدة سلفا عند انتهاء المناقشات.لكن تدخل كونتي، الذي جاء قبل عشاء كان من المقرر أن يبحث الزعماء خلاله قضية الهجرة المثيرة للجدل، حال دون ذلك.وقال دبلوماسي بالاتحاد الأوروبي "لا نزال نأمل أن يكون كونتي شعر بأنه اضطر لإثارة هذه الفوضى ويتراجع في نهاية المطاف، بيد أن ذلك غير مؤكد".إشارة رهيبةوإذا لم يجد هذا الخلاف حلا فقد يبعث بإشارة مفزعة بشأن وحدة الاتحاد الأوروبي في وقت يتعرض فيه لهجوم من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن التجارة ويسعى جاهدا لمواجهة آثار أزمته التي بدأت عام 2015 عندما دخل أكثر من مليون لاجئ ومهاجر أوروبا.وينطوي الخلاف على خطورة كبيرة بالنسبة للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أطول زعيمة حالية بقاء في السلطة بالاتحاد الأوروبي، والتي تتعرض لضغوط شديدة من حلفائها المحافظين في بافاريا من أجل التوصل إلى اتفاق بشأن الهجرة في بروكسل.ويهدد حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي في حال فشلها باتخاذ إجراء أحادي بإغلاق حدود منطقة بافاريا، معقله في ألمانيا، أمام المهاجرين.وقد يؤدي ذلك إلى انهيار حكومة ميركل التي لم يمض على تشكيلها سوى ثلاثة أشهر ويفضي إلى تداعي منطقة شينجن للحدود المفتوحة في الاتحاد الأوروبي، مما يهدد التجارة والأعمال عبر الحدود وكثيرا من الوظائف بين مواطني الاتحاد البالغ عددهم 500 مليون نسمة.وفي كلمة أمام البرلمان الألماني قبل مغادرتها إلى القمة قالت ميركل "أوروبا تواجه العديد من التحديات لكن تحدي الهجرة قد يكون حاسما بالنسبة للاتحاد الأوروبي".وأحدث قرار ميركل في 2015 فتح حدود ألمانيا أمام مئات الآلاف من اللاجئين انقسامات في أوروبا ولا يزال يعرضها لضغوط في الداخل، حتى على الرغم من انخفاض عدد القادمين بشدة.وتشير بيانات الأمم المتحدة إلى أن أقل من 45 ألف مهاجر وصلوا إلى الاتحاد الأوروبي هذا العام.. وهلك ألف آخر خلال محاولتهم عبور البحر المتوسط.وتشير مسودة البيان الختامي الذي جرى توزيعه قبل القمة التي تستغرق يومين إلى أن الزعماء كانوا يعتزمون الموافقة على إجراءات لتعزيز حدود أوروبا الخارجية وإنفاق المزيد على مكافحة الهجرة غير المشروعة وزيادة التعاون لمنع اللاجئين والمهاجرين من التنقل داخل الاتحاد الأوروبي.وكان من المقرر أن يخصصوا مزيدا من الأموال للاجئين السوريين في تركيا ومشروعات للهجرة في أفريقيا وكذلك بحث إبرام اتفاق مع المغرب لوقف زيادة في تدفق المهاجرين إلى إسبانيا عن طريقه.لكن الاتحاد الأوروبي لا يزال منقسما بشدة بشأن كيفية التصدي لطالبي اللجوء، مع رفض دول أوروبا الشرقية مثل بولندا والمجر قبول حصص من اللاجئين لتخفيف العبء عن إيطاليا واليونان.والتوصل إلى اتفاق بين جميع دول الاتحاد الأوروبي الثماني والعشرين غير واقعي، لذلك تضغط ميركل لتشكيل "تحالف الراغبين" بشأن الهجرة. وتأمل أن يهدئ ذلك حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي، الذي شدد نهجه قبيل الانتخابات في الخريف في منطقته بافاريا، نقطة الدخول الرئيسية للمهاجرين.وإقناع إيطاليا بالتوصل إلى اتفاق ربما يمثل التحدي الأكبر.. فقد رفض كونتي أي تحركات من شأنها أن تجعل بلاده تستقبل مزيدًا من المهاجرين.وحاليا يحط معظم من تنتشلهم سفن الإنقاذ في البحر المتوسط رحالهم في إيطاليا.. لكن روما رفضت في الأيام القليلة الماضية استقبال سفينتين تحملان مئات المهاجرين في ظل رغبة كونتي في استقبال دول ساحلية أخرى بعضهم أيضا.
مشاركة :