غاتسبي العظيم

  • 6/29/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

واحدة من أعظم الروايات التي كُتبت في القرن العشرين، كتبها الروائي الأمريكي إف. سكات فيتزجيرالد عام 1925، وهي رواية تتحدث عن الزمن الذي كُتبت فيه. حين قرأت العمل، شعرت بأنني أقرأ أحد أعظم الأعمال الرومانسية الخالدة، وأن غاتسبي يجب أن يتم ذِكره كما يُذكر روميو أو قيس أو أي مجنون آخر عاش للحب ومات بسببه. وعلى الرغم من أنني قد شاهدت الفيلم الذي جسد فيه شخصية غاتسبي ليوناردو دي كابريو، لكن ذلك لم يقلل من إحساسي بالرواية ومعايشتي أحداثها. تذكرت ولدي الذي أعطاني نصيحة حين أخبرته بخيبة أملي حين شاهدت فيلم أكل، صلاة، حب، بعد أن قرأت الكتاب، أنني يجب أن أشاهد الفيلم أولا قبل القراءة، حتى لا تُفسِد القراءةُ متعةَ المشاهدة، لكنني بعد تجربة الأمرين، أدركت أنني أُفضِّل الأدب، أفضل أن تفسد القراءة متعة المشاهدة، على أن تفسد المشاهدة متعة القراءة. وعلى كل حال، الفيلم كان عظيما أيضا. الرواية ليست عملا رومانسيا بحتا؛ لأنها تتحدث عن أكثر من قصة الحب، هي تصور عصرا بأكمله، تصور طبيعة العلاقات في ذلك العصر. وإذا فكرت قليلا تجد أن تلك الطبيعة قائمة منذ زمن بعيد، ولا تزال قائمة حتى وقتنا الآن، بعد ما يقرب من مرور 100 سنة على صدور الرواية، تستطيع بكل سهولة أن تطبق الشخصيات في الرواية على الناس الذين تشاهدهم في الحياة. الحكاية في النهاية حكاية فقير وغنية، حكاية تفاني الفقير في حُبٍّ صادَفَه في يوم من الأيام، حب فتاة كانت تمثل له عالما آخر، عالما بعيدا وفاتنا، أحبته وأعطته من وقتها، وحين غادر، نسيته بعد وقت قصير، وتزوجت شخصا ثريا. بينما هو، غاتسي الذي لم يكن عظيما بعد، عَمِل كل ما يستطيع كي يصبح غنيا، كي ينتمي إلى الطبقة ذاتها، التي كان يعرف أنه يجب أن ينتمي إليها كي يستطيع الفوز بفتاته، حتى لو كان معنى ذلك تكوين ثروة بطرق غير شرعية. وحين عاد، بحث عنها في كل مكان، سكن قصرا مقابلا لبيتها، وأقام حفلات صاخبة مفتوحة يأتي إليها كل الناس من دون دعوات، على أمل أن يراها أمامه في يوم من الأيام. هذا الجزء الرومانسي من الرواية. أما الجزء الآخر، الجزء الذي ترى فيه كيف تتصرف تلك الطبقة الثرية أمام الحب والزواج والتضحيات، فهو الذي يجعل الرواية عملا عظيما؛ لأنه يصور الأمور كما تحدث، لا يهجو فيتزجيرالد تلك الطبقة، لا يلومها، ولا يحاول تشويهها، هو يخبرك أن هذه طبيعة الأشياء فقط، هذه الطبقة لا تهتم. لا تقصد الإساءة بشكل متعمد، لكنها ليس لديها هذا الإحساس المفرط تجاه المشاعر، لا تشعر بالتزام يملي عليها أن تغير تصرفاتها أو سلوكاتها أمام حب عظيم، أو تضحية عظيمة. ومثل كل قصص الحب، ليست القصة عن الحب فقط، بل عن الحب وكل الأشياء الأخرى.

مشاركة :