ألوان مبهجة بتفاصيل مثيرة القاهرة – تستضيف قاعة “بيكاسو للفنون” في القاهرة حتى نهاية شهر يوليو القادم معرضا جماعيا لنخبة من الفنانين المصريين تحت عنوان “أزمنة من الفن”، ويمثل المعرض إطلالة هامة على إبداع الفنانين المشاركين خلال الموسم المنقضي، إذ يضم نماذج من المشاركات والعروض التي ساهم فيها هؤلاء الفنانون طوال العام، كما يسلط المعرض الضوء على المنجز التصويري للأجيال الشابة من الفنانين الجدد، والتي يتسم بعضها بخصوصية مميزة تنبئ بالمزيد من الثراء الإبداعي مستقبلا. ومن بين الأعمال المشاركة في هذا المعرض يطالعنا الفنان سمير فؤاد بتجربته التصويرية ذات الخصوصية، والتي يحاكي فيها حركة الأشياء والعناصر بأسلوبه الخاص، فهو يستثير الشكل بتتابعات لونية تحاول استحضار عامل الزمن والولوج إلى قلب هذه المسافة الفاصلة بين الحركة والسكون. ويعتمد فؤاد في أسلوبه على صيغ هي أقرب إلى السريالية أحيانا في تصوير العناصر التي يتناولها، حيث يؤكد الحركة ويتعمدها بوسائل مختلفة، وتتراوح معالجاته لهذه الحركة بين الحركة البسيطة التى تغلف اللوحة بمستويات لونية متباينة ومتجاورة وأخرى تتسم بالقوة، كما تبدو في تكراره لعناصره المرسومة في اللوحة الواحدة. وفؤاد يبحث دائما عن الجديد والمختلف في بناء عناصره، فحين يتناول موضوعات الطبيعة الصامتة، لا يلجأ إلى تلك العناصر التي توارثتها ذاكرة الرسامين، كباقات الزهور أو أطباق الفاكهة وغيرها، بل يلجأ إلى مفردات أخرى مختلفة، كثمار الباذنجان والفلفل، أو مفردات أخرى صادمة، كعظام الحيوانات ورؤوس الأسماك وكتل اللحوم وغيرها. مفردات سمير فؤاد تبدو غريبة وغير مألوفة، لكنها تدهشك بجمالها واتساقها داخل اللوحة، وهو يتعامل معها بنفس القدر من التبجيل والاحترام اللذين يتعامل بهما الفنانون الآخرون مع باقات الأزهار والفاكهة. ويشارك في المعرض أيضا فريد فاضل، وهو طبيب عيون يمارس الفن، وتميز فاضل في رسومه للوجوه التي يختارها من بين أصدقائه ومعارفه المحيطين به، أو ممّن يلتقيهم في حياته اليومية، ويشعر، كما يقول، بأن وجوههم تناديه ليرسمها، فهو لا يعتمد أبدا على الأشخاص المحترفين الذين يتخذون من مهنة الموديل حرفة يتربّحون منها، لأنه يرى أن العلاقة بين الفنان وبين الشخص الذي يرسمه لا بد أن تنطوي على نوع من الألفة العميقة والمعرفة، ما ينعكس بالتالي على روح العمل في النهاية. ويقدّم المعرض تجربة الفنان مصطفى رحمة اللونية المبهجة وتفاصيلها الواضحة والبسيطة، الخالية من التعقيدات والتداخل، ففي أعمال رحمة تجد كل عنصر داخل اللوحة يستقر في مكانه النموذجي وفق طريقة بناء أميل إلى التسطيح، وعلى نحو قريب الشبه برسوم المنمنمات الإسلامية، يلعب الخط فيها دور الرابط والمتحكم في تفاصيل المشهد. وفي تجربته التصويرية قد يكتفي الفنان رحمة بعنصر واحد فقط يضعه في صدارة اللوحة، فنشاهد على سبيل المثال امرأة ممسكة بلفافة تبغ وهي جالسة في سكينة إلى جوار الراديو، بينما تغرق الخلفية بلون محايد، أو حوار صامت بين طرفين: رجل وامرأة، أو امرأتين، أو امرأة وقط أليف. ويتكرر وجود القط في أكثر من لوحة، كما تتكرر الإشارة إلى جلسات الطعام أو الاستماع إلى الموسيقى، وتبدو هذه المراوحة بين الهدوء وازدحام التفاصيل في لوحات مصطفى رحمة أشبه بنغمة متواصلة ذات وقع مختلف، ما إن تهدأ قليلا حتى تعاود الارتفاع، وما إن يتجاوز صوتها حد الصخب حتى تخفت نغمتها من جديد. ومن بين التجارب اللافتة أيضا في معرض “أزمنة من الفن” تأتي أعمال الفنان سيد عبدالرسول، والذي يعرض جانبا من تجربته التصويرية التي يستلهم تفاصيلها من الفن الشعبي، حيث ترى ذلك متجسدا في رسومه على عدة مستويات، سواء في طريقة البناء والتكوين التي يشكل بها عناصره على مساحة اللوحة، أو على مستوى اختياراته اللونية التي يتعمد خلالها إضفاء نوع من التهشير على ضربات الفرشاة، وكذلك في اختياراته للعناصر التي يقوم بتوظيفها في أعماله. ومن جيل الشباب تبرز في المعرض أعمال الفنانة رانيا جاد بلوحاتها التي تحمل حسا ساخرا، كما يبدو في طريقتها التي تتبعها والمعتمدة على المبالغة والمزج بين التلوين والرسم بالأبيض والأسود.
مشاركة :