اطلاعي على كثير من الكتب الأمريكية في مطلع الثمانينيات أكسبني خبرة جيدة في التعامل مع الكتاب، وخاصة المتعلقة بالأدب والثقافة والسيرة الذاتية لكثير من أعلام الرياضة، والموسيقى، والتمثيل والمسرح، والرحالة في الصحاري، والأدغال ومتسلقي الجبال، وعابري الأنهار، وهواة الباحثين عن المعادن وكذلك الملاحون في عرض البحار، وغيرهم الكثير، الذين ألّفوا كتبًا عن رحلاتهم، وتنقلاتهم المتنوعة. لقد كنت أمضي يوميا أغلب الوقت في المكتبة وعلى مدى ثلاث سنوات متواصلة، تلك الكتب التي عادة لم يطلع عليها غير الموظفين، فهي غير متوافرة في السوق المحلي. إنّ الاطلاع على ثقافات الشعوب شيء ماتع لإثراء الثقافة الشخصية، وتوسيع النطاق المعرفي. في الدول الأوروبية، والولايات المتحدة، ودول أمريكا اللاتينية أو الجنوبية، كما تسمى، تقدم الكتاب لديهم بشكل أسطوري لما يحظى به من رعاية واهتمام على جميع الصعد، بينما في الشرق الأوسط لا يحظى بأيّ اهتمام يذكر، بل إن كثيرًا من دور النشر تقلل من أهمية الكتاب، فلا تقبله من ضمن مطبوعاتها، هذا إذا لم يجد عقبات لها أول وليس لها آخر، ما يضطر المؤلف في نهاية الأمر إلى طباعة كتابه على نفقته الخاصة. وهو بالطبع لن يحصل على ربع ما تم إنفاقه على الطباعة، وفي هذا الجانب قد لا يعطي كثير من المؤلفين هذا الاهتمام فلا بد من التضحية في سبيل نشر الكتاب. ومن جانب آخر، هناك فئة من المجتمع تكيل الأقوال السلبية لذلك المؤلف ولذلك الإصدار حيث لم يعجبها أو لا يتماشى مع أهوائها وتطلعاتها. الكتاب مهما كان نوعه وحجمه هو وعاء علمي ثقافي يعطي شرحًا مفصلاً عن حدث ما، وبالتالي يبقى بقيمته الكبيرة عبر الزمان يحكي للأجيال ما لا يتخيلونه في عصرهم. كما هو الحال عن الصورة، التي كما يقال إنها تعبر عن: ألف كلمة. * باحث وأديب سعودي.
مشاركة :