على وقع الصعوبات المالية والخسائر المتفاقمة والمتلاحقة التي تشهدها مختلف القطاعات والأنشطة ومجالات الأعمال في دول الحصار، تسجل شركات الطيران الإماراتية أسوأ أداء لها، ربما في تاريخها، وخاصة الشركات الرئيسية المتمثلة في «طيران الإمارات» و«طيران الاتحاد»، و«العربية للطيران» بالنسبة لقطاع الطيران الاقتصادي.مُنيت «الاتحاد للطيران» وحدها بخسائر باهظة خلال العام 2017 بلغت قيمتها نحو 1.5 مليار دولار، فيما تكبدت خسائر بقيمة 1.9 مليار دولار في 2016. وتواجه «الاتحاد» أوضاعاً صعبة في ظل هذه الخسائر، حيث اضطُرت في فترة سابقة إلى التخلي عن طلبيات جديدة كانت أبرمتها مع شركة «بوينج» في فترة سابقة، بموجب صفقات لشراء طائرات «777 أكس» بمليارات الدولارات. وتحت وقع الخسائر، وجدت الشركة نفسها مرغمة على تقليص الوظائف وتسريح أعداد كبيرة من العاملين والطيارين، ومنحت العشرات منهم إجازات مفتوحة بدون رواتب. كما اضطُرت الشركة إلى تقليص عملياتها وأنشطتها بشكل حاد، فضلاً عن تقليص أسطولها وإلغاء العديد من الوجهات التي تذهب إليها. تقليص الرحلات وبسبب شدة سوء الأوضاع التي تعاني منها الشركة، فإن تقليص الرحلات سيمتد إلى وجهات مهمة في أوروبا وآسيا، لم يكن لـ «طيران الاتحاد» أن تلجأ إلى هذا الخيار بأي حال، لولا صعوبة الظرف الذي تمرّ به، وتزايد حجم الخسائر التي تواجهها. ومؤخراً، أبلغت «الاتحاد للطيران» طياريها باستطاعتهم الانضمام إلى منافستها «طيران الإمارات» بشكل مؤقت لمدة عامين. ويعمل لدى شركة «الاتحاد للطيران» حوالي 2200 طيار. و»طيران الاتحاد» هي شركة تمتلكها حكومة أبوظبي بالكامل، وبدأت برأسمال قدره قرابة 147 مليون دولار، وتتخذ من مطار أبوظبي مركزاً لعملياتها، وتقدّم خدماتها إلى 82 وجهة عالمية. وتُعتبر «طيران الاتحاد» إحدى الدعائم الاقتصادية لإمارة أبوظبي، لا سيما دعم رؤية تطوير السياحة، وتنمية التجارة، وتعزيز الروابط مع الأسواق الإقليمية والدولية الرئيسة. لكن في ظل وضع الشركة الراهن، فإن كل هذه الآمال ذهبت أدراج الرياح. معاناة مضاعفة ولم تسلم من سوء الأوضاع هذه حتى شركات الطيران الصغيرة أو الاقتصادية العاملة في الإمارات، مثل شركة «العربية للطيران»، والتي أعلنت قبل بضعة أيام عن حجم انكشافها على شركة أبراج للاستثمار، والبالغ قيمته 336 مليون دولار. وظهر هذا الانكشاف في أعقاب لجوء شركة «أبراج» الإماراتية إلى إعلان إفلاسها بعد أن تكبدت خسائر بالمليارات. وبالمحصلة، فإن هذا الانكشاف من شأنه أن يضاعف المعاناة المالية التي تواجهها «العربية الطيران»، لتضيف فوق أعبائها أعباء، خاصة أن هذه الشركة تُعدّ شركة طيران اقتصادي صغيرة، ولا تملك تلك الإمكانيات التي تملكها «طيران الاتحاد» أو «طيران الإمارات»، وليس لديها سيولة مالية كافية، وربما ليس لديها سيولة نهائياً؛ وهو ما يجعل تعرّضها لأي صدمة مالية يظهر بسرعة وبشكل مباشر على أنشطتها وعملياتها اليومية. وتقدّمت أبراج -أكبر شركة للاستثمار المباشر في الشرق الأوسط- بالتماس في جزر كايمان الأسبوع الماضي، تطلب فيه من القضاء تعيين مصفّين مؤقتين للشركة التي تواجه مشاكل. وأمرت محكمة في كايمان بتعيين «بي. دبليو. سي» مصفّياً مؤقتاً لـ «أبراج القابضة»، و«ديلويت» مصفّياً مؤقتاً لـ «أبراج لإدارة الاستثمارات». وقالت «العربية للطيران» إنها عيّنت فريقاً من الخبراء انخرط في نشاط مع جميع الأطراف والدائنين الذين لهم صلة بالموضوع، من أجل ضمان حماية استثمارات «العربية للطيران» ومصالح أعمالها. إعادة هيكلة الحال ذاته من المعاناة ينطبق على شركة «طيران الإمارات» -المملوكة لحكومة دبي- والتي دخلت على خط إعادة الهيكلة، حيث أعلنت في شهر يناير الماضي أنها شرعت في «إعادة هيكلة متواضعة»، بعد شهرين من الإفصاح عن هبوط أرباحها نصف السنوية بنسبة كبيرة وصلت إلى 75 %، في حين انخفضت الأرصدة النقدية للشركة بنسبة 19 %. وتراجع طلب المسافرين على شركة «طيران الإمارات» -في الآونة الأخيرة- نتج عنه خفض رحلاتها إلى الولايات المتحدة، وأعادت الشركة توزيع 8 طائرات في أماكن أخرى بعد توقّف عمل 13 طائرة؛ نتيجة تقليص الرحلات إلى أميركا. وبينما تراجع تصنيف «طيران الإمارات» 3 درجات على مستوى الناقلات الجوية في العالم، حلّت الخطوط الجوية القطرية في عام 2017 في المرتبة الأولى، وذلك للمرة الرابعة في تاريخها. فعلى النقيض تماماً، كان للحصار الفاشل والظالم المفروض على قطر الكثير من الانعكاسات الإيجابية على مختلف القطاعات والأنشطة في قطر، ومنها قطاع الطيران؛ فقد تمكنت الخطوط الجوية القطرية من تحقيق توسعات في وجهاتها وطلبيات طائراتها بشكل لم يسبق له مثيل. فقد حققت الخطوط الجوية القطرية نجاحاً باهراً من حيث تدشين خطوط طيران جديدة، واستحداث وجهات عالمية في القارات كافة، ربما لم تصلها أي من شركات الطيران في المنطقة بعد. نجاح باهر لـ «القطرية» تمكنت «القطرية» من تدشين عشرات الخطوط الجوية منذ فرض الحصار الجائر على قطر؛ ما ساهم في رفع عدد الوجهات التي تصل إليها «القطرية» إلى أكثر من 200 وجهة مختلفة، فضلاً عن تسلّم «القطرية» -خلال فترة الحصار فقط- نحو 15 طائرة جديدة، ليرتفع عدد طائرات أسطولها إلى قرابة 212 طائرة معظمها من «بوينج» و»أيرباص». وسجلت الخطوط الجوية القطرية، خلال الفترة الماضية، نمواً بنسبة 14 % من حيث عدد رحلات الركاب والشحن الجوي، فضلاً عن تدشين أكثر من 20 وجهة جديدة منذ فرض الحصار. كما تمكّن مطار حمد الدولي من التعامل مع حوالي 38.2 مليون مسافر خلال العام الماضي، بنسبة نمو بلغت 14 %، علاوة على تمكّنه من إدارة أكثر من 250 ألف حركة طائرات. كما أدار المطار عمليات مناولة تُقدّر بـ 1.8 مليون طن من الشحنات الجوية. وبلغ عدد المسافرين الذين استخدموا مطار حمد الدولي في قطر، منذ تشغيله قبل 4 سنوات، نحو 120 مليون مسافر. كفاءة عالية وشهد عام 2017 زيادة إجمالية سنوية في حجم الشحن بلغت 14.52 % بواقع 1.9 مليون طن، فيما أظهر المطار استعادة نموه الثابت في عدد المسافرين في النصف الثاني من عام 2017، حيث سجل زيادة في عدد المسافرين بمعدل 3.75 %. ومطار حمد الدولي مصنف -وفقاً لتقارير دولية- في المركز الثاني من حيث دقة الأداء والالتزام بمواعيد الرحلات بنسبة 85.41 % ضمن قائمة المطارات الرئيسية في العالم. ويتمتع مطار حمد بكفاءة عمليات عالية، ورؤية واضحة، واستراتيجية نمو ثابتة، يديرها فريق عمل يبذل كل جهده للمحافظة على تقديم أفضل تجربة سفر. كما أن موقع المطار الاستراتيجي بين شرق العالم وغربه يمنحه ميزة تنافسية قوية، إلى جانب كونه مقر عمليات الخطوط الجوية القطرية الحائزة على جوائز عالمية. ويعمل مطار حمد الدولي على خطط توسعة لاستيعاب الزيادة المتوقعة في حجم حركة المسافرين، وهو مرشح للفوز بجائزة «أفضل مطار في العالم» من «سكاي تراكس» العالمية، التي منحت المطار تصنيف «5 نجوم» عام 2017، ليكون بذلك واحداً من ضمن 5 مطارات في العالم تحظى بهذا التصنيف المرموق. وفي وقت سابق من هذا العام، حصل مطار حمد الدولي على المرتبة السادسة باعتباره «أفضل مطار على مستوى العالم» من جوائز «سكاي تراكس» العالمية للمطارات 2017، مرتقياً 4 مراكز عن ترتيبه في عام 2016.;
مشاركة :