حرص الرئيس عبدالفتاح السيسي على توجيه التحية إلى المصريين لتحملهم الإجراءات الاقتصادية القاسية والصعبة، خلال كلمته بمناسبة الذكرى الخامسة لثورة "30 يونيو"، التي أنهت حكم الرئيس الأسبق محمد مرسي، في حين تلقت القاهرة دفعة جديدة من صندوق النقد الدولي الذي وافق على منح الشريحة الرابعة من قرض بقيمة 12 مليار دولار لمصر. أشاد الرئيس عبدالفتاح السيسي، أمس، بتحمل المصريين مشاق توفير الحياة الكريمة في ظل إجراءات الإصلاح الاقتصادي، التي وصفها بالصعبة والقاسية، لافتاً إلى أن التراجع عن هذه الإصلاحات ستكون عواقبه أسوأ بما لا يقاس، ووعد الرئيس المصري مواطنيه الذين يعانون في مواجهة ارتفاع الأسعار بصورة قياسية، بمستقبل أفضل، بعدما حققت البلاد ما يشبه «الإعجاز» في مواجهة غياب الأمن والاستقرار السياسي، وانتشار الإرهاب، والانهيار الاقتصادي. الرئيس المصري، ألقى خطاباً بثه التلفزيون المصري بمناسبة حلول الذكرى الخامسة لثورة «30 يونيو» التي أنهت حكم جماعة «الإخوان»، وأطاحت بالرئيس الإخواني محمد مرسي في 3 يوليو 2013، وفتحت الطريق أمام السيسي الذي شغل منصب وزير الدفاع حينذاك لتولي الحكم بعد انتخابات رئاسية منذ يونيو 2014. وأعاد السيسي التذكير بما صنعه الشعب المصري في «30 يونيو» ذلك «اليوم الخالد في تاريخ مصر، عندما قال الشعب المصري العظيم كلمته بصوت هادر مسموع، لينحني العالم احتراماً لإرادته، ويتغير وجه المنطقة وتتغير وجهتها، من مسار الشر والإقصاء والإرهاب لرحابة الامن والتنمية»، مشيدا بانتفاضة ملايين المصريين «ليعلنوا أنه لا مكان بينهم لنتآمر أو خائن»، وكيف نجحوا في وقف «موجة التطرف والفرقة، التي كانت تكتسح المنطقة، والتي ظن البعض أنها سادت وانتصرت». سنوات التحدي وذهب الرئيس المصري إلى أن «السنوات العاصفة» التي مرت بها مصر والمنطقة منذ عام 2011، أنتجت ثلاثة تحديات رئيسية؛ هي: غياب الأمن والاستقرار السياسي، وانتشار الإرهاب والعنف المسلح، وانهيار الاقتصاد، وأضاف: «لكل مصري ومصرية الحق في الشعور بالفخر، بما أنجزته بلاده في مواجهة هذه التحديات الثلاثة، وفي وقت قياسي، بما يقرب من تحقيق الإعجاز». وأكد أنه تم استكمال تثبيت أركان الدولة المصرية وإعادة بناء مؤسساتها الوطنية، بينما نجحت قوات الجيش والشرطة في محاصرة الإرهاب ووقف انتشاره على الرغم من «الدعم الخارجي الكبير الذي تتلقاه جماعات الإرهاب، والمساندة السياسية والإعلامية». وتحدث السيسي عن أوضاع مصر الاقتصادية الصعبة، عندما وصل احتياطي النقد الأجنبي في يونيو 2013 إلى أقل من 15 مليار دولار فقط، ووصل معدل النمو الاقتصادي لحوالي 2 في المئة حينذاك، وهو أقل من معدل الزيادة السكانية، ما يعني أن الاقتصاد المصري كان في طور الانكماش، بما شكل علامة خطيرة على أن إصلاح الوضع لم يعد يتحمل التأخير، وتابع: «قررت الدولة أن تصارح الشعب الحقائق كما هي، وأن تشركه في تحول المسؤولية». الإصلاح الاقتصادي وأشار الرئيس المصري إلى برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تتبناه القاهرة منذ عام 2015، قائلاً، إن الهدف منه هو «وقف تردي الأوضاع الاقتصادية... وتحقيق نهضة اقتصادية واسعة وحقيقية»، من خلال مشروعات تنموية عملاقة، وأكد السيسي أن بلاده تسير على الطريق الصحيح، بعدما ارتفع الاحتياطي من النقد الأجنبي من 15 مليار دولار إلى 44 مليار، مسجلا أعلى مستوى حققته مصر في تاريخها، فضلاً عن ارتفاع معدل النمو الاقتصادي ليصل إلى 5.4 في المئة، مع استهداف تحقيق معدل 7 في المئة خلال السنوات المقبلة. ولم ينكر السيسي صعوبة الإجراءات الاقتصادية وقسوتها، إذ قال صراحة: «لا شك أن طريق الإصلاح الحقيقي صعب وقاسٍ، وأنه يتسبب في كثير من المعاناة، ولكن لا شك أيضاً في أن المعاناة الناتجة عن عدم الإصلاح، هي أكبر وأسوأ بما لا يقاس، فقد تم تأجيل الإصلاح كثيراً حتى أصبح حتمية لا اختياراً، وضرورة وليس ترفاً أو رفاهية»، موجهاً التحية إلى كل رب وربة أسرة «يتحملون في كبرياء وشموخ، مشاق توفير الحياة الكريمة لأبنائهم، وأوكد لهم أن المستقبل أفضل لهم ولأبنائهم». وأعلنت القاهرة خطة الإصلاح الاقتصادي التي تضمنت قرارات صعبة بدأت في نوفمبر 2016، بتعويم الجنيه أمام الدولار، بالتوازي مع رفع أسعار الوقود بتقليص الدعم المقدم لها، ثم رفع أسعار المحروقات للمرة الثانية في يونيو 2017، ثم المرة الثالثة في 16 يونيو المنصرم، فضلاً عن إصدار قانون الضريبة المضافة وزيادة أسعار القطارات ومترو الأنفاق، والتي كان آخرها زيادة أسعار تذاكر المترو مايو الماضي، ثم إعلان زيادة أسعار الكهرباء ومياه الشرب الشهر الماضي، وزيادة أسعار الخدمات الحكومية. دفعة جديدة صندوق النقد الدولي، شريك الحكومة المصرية في خطة الإصلاح الاقتصادي، أعلن مساء أمس الأول الجمعة، موافقته على منح مصر الشريحة الرابعة من قرض بقيمة 12 مليار تم الاتفاق عليه في نوفمبر 2016، مقسمة على ثلاث سنوات، وبذلك تكون مصر حصلت على 8 مليارات دولار من إجمالي القرض، وجاء قرار الصرف بناء على تقرير بعثة الصندوق التي زارت مصر مايو الماضي، لإجراء المراجعة الدورية الثالثة للإصلاحات الحكومية. وزير المالية المصري، محمد معيط، قال في تصريح له، إن صرف الشريحة الرابعة من القرض تأتي في ضوء نجاح الحكومة المصرية في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، وما يحقق من نتائج على صعيد استعادة الاستقرار المالي، وتحسن معدلات النمو، وتحرير قوى الاقتصاد الكامنة، وأن أموال قرض الصندوق تم توجيهها لتقوية الوضع المالي وسد فجوة التمويل التي عانى منها الاقتصاد المصري. بيان الحكومة في غضون ذلك، يلقي رئيس مجلس الوزراء وزير الإسكان مصطفى مدبولي، بيان الحكومة التي تم تشكيلها في 14 يونيو الماضي، أمام مجلس النواب خلال الجلسة العامة للبرلمان، بعد غد، وذلك بعدما يستأنف البرلمان جلساته غداً، وتنص اللائحة الداخلية للبرلمان على ضرورة تقديم رئيس الحكومة المكلف برنامجها خلال 20 يوماً من تاريخ تشكيلها إلى مجلس النواب تمهيداً للحصول على ثقة أغلبية المجلس خلال عشرة أيام، ويتضمن برنامج الحكومة الخطوط العريضة لمشاريعها الاقتصادية والاجتماعية خلال الفترة المقبلة.
مشاركة :