سحر مشروب المتّة العشبي الشعبي في شوارع الأرجنتين

  • 6/30/2018
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

لا يحتاج المرء سوى إلى التجول لمدة خمس دقائق في شوارع العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس، أو مونتيفيديو، عاصمة الأوروغواي، حتى يلاحظ العاملين المشتركين في البلدين وهما العمارة الأوروبية، وتناول الجميع لمشروب المتّة العشبي المنتشر في كل من الأرجنتين، والأوروغواي، وباراغواي، وحتى في البرازيل. يتجاوز مشروب المتة الجانب الثقافي خاصة في الأوروغواي، حيث يمثل هذا المشروب المرّ جزءًا مهماً من الحياة، وسوف يرى الزائرون سكان الأوروغواي وهم يحملون حافظات المياه الساخنة حتى في ذروة فصل الصيف. لا تخلو أيدي الناس من مشروب المتّة في أي وقت سواء كانوا يتسوقون، أو يشاركون في تجمع سياسي.يمكن للمرء العثور على أنواع متعددة من المتّة في الأرجنتين، حيث تتباين في درجتها، ونكهتها التي تتضمن الفواكه. يتم استخدام المتّة أيضاً في الطهي خاصة في إعداد أصناف الحلوى. من الأنشطة السياحية الشهيرة زيارة المزارع التاريخية في المناطق التي يأتي منها نبات المتّة. تتم زراعة نبات يسمى «المتة» منذ مئات السنوات على المناطق الحدودية بين الأرجنتين، والبرازيل، وباراغواي، ويتم نقعه ويشربه السكان المحليون. يقول كارلوس كوبولي، نائب مدير التسويق في المعهد القومي لأعشاب المتّة: «استخدم أفراد قبائل الغواراني أوراق الشجرة كمشروب، ومعبود، وعملة يتم تداولها في المعاملات التجارية بين بعضهم البعض. تعد شجرة المتّة بالنسبة إلى قبائل الغواراني الشجرة الأفضل، وهبة من الآلهة». ويضيف كوبولي قائلا: «لقد تعلّم المستوطنون الأوائل الإسبان من الغواراني طريقة استخدام المتّة ومزاياها، ونشروها من منطقتهم وأراضي غابة بارناينس في شمال الأرجنتين، وجنوب البرازيل، وأجزاء من الأوروغواي حتى منطقة نهر لابلاتا (نهر الفضة) بالكامل. كذلك أدخل اليسوعيون لاحقاً المحصول إلى مستوطناتهم، وكانوا السبب وراء انتشار المتّة في دول العالم المتحضر».مع ذلك لم يقتصر الاستمتاع بهذا المشروب على أميركا الجنوبية، حيث وصل إلى الشرق الأوسط خاصة سوريا، التي كانت أول دولة تستمتع بهذا المشروب يليها لبنان.بدأ نبات المتّة يغزو الثقافة العربية مع الهجرة من تلك المنطقة إلى الأرجنتين خلال الفترة بين 1850 و1860 بحسب بيانات صادرة عن غرفة التجارة العربية الأرجنتينية التي تذكر أن «المهاجرين قد استوطنوا كافة أراضي الأرجنتين، وبمرور السنوات اعتادوا تناول مشروب المتّة. عندما عاد الكثيرون منهم إلى وطنهم، جلبوا تلك العادة معهم. وقد كانوا يتشاركون هذا المشروب مع أقاربهم وأصدقائهم، وبمرور الوقت أصبح السوريون مستهلكين رئيسيين للمتّة». يوضح كوبولي قائلا: «تاريخياً كانت سوريا ولبنان البلدين اللذين كانا يشتريان النبتة من الأرجنتين، لكن بعد هجرة السوريين مؤخراً في أعقاب الحرب، ظهرت أسواق جديدة مثل الأردن، والكويت، وقطر، وتركيا، والبحرين».في أميركا الجنوبية حيث تتم زراعة المتّة توجد المزارع الحديثة إلى جانب المزارع القديمة التاريخية. بمجرد قطع أوراق المتة وتجفيفها، يتم تناولها كمنقوع. وهناك عدد من العناصر التي لا غنى عنها للاستمتاع بهذا المشروب، وهي يقطين يتخذ شكل وعاء صغير، وأنبوب من الفضة به مرشح لتنقية المنقوع، وكوب حافظ للحرارة حتى تتمكن من ملئه المرة تلو الأخرى.سوف يلاحظ أي زائر لتلك المناطق أن السكان المحليين يحملون كل ما يحتاجونه من أجل إعداد مشروب المتة في أي مكان يتواجدون به. من الأنشطة الاجتماعية الشائعة لقاء الأصدقاء في متنزه، وتناول مشروب المتّة الذي يتم تشاركه بين الأصدقاء بحسب التقاليد.يقول أليخاندرو غروبر، رئيس «متة توريست روت»: «يشرب الأرجنتينيون أكثر من مائة لتر من المتّة سنوياً مما يجعله مشروباً أكثر شعبية من الشاي والقهوة والمشروبات الغازية غير الكحولية».كيف ينبغي إعداد وشرب المتّة؟لا يوجد وقت مثالي محدد لشرب المتّة، ويعني هذا أن أي وقت هو الوقت المناسب. يمكن شرب المتّة أحياناً بعد تناول الوجبة أو الحلوى. لا ينبغي أن يغلي الماء الذي يتم استخدامه في إعداد المشروب، ويُنصح بأن تتراوح درجة حرارته بين 70 و80 درجة سليزية. بمجرد إعداد الماء ينبغي أن تتم إضافة أوراق المتّة في وعاء اليقطين إلى أن تصل إلى ربعه. يمكن إضافة ملعقة صغيرة أو ملعقتين من السكر في حال الرغبة حتى لا تكون الرشفات الأولى شديدة المرارة.تتم تغطية وعاء اليقطين بيد واحدة، وتحريكها لبضع لحظات، ثم تتم إعادتها إلى وضعها الطبيعي لإزالة أي غبار أو مسحوق ناتج عن الأوراق. يتم بعد ذلك إضافة الماء الدافئ إلى الأوراق ثم تركها لبعض الوقت.يزعم الأرجنتينيون أن عشبة المتّة الخاصة بهم تختلف عن تلك التي يتم تناولها في الأوروغواي، فأوراق المتّة في الأرجنتين أقل مرارة عنها في الأوروغواي، حيث المشروب أقوى. مع ذلك من الممكن أن يكون هناك رابط ثقافي أكثر عمقاً يربط الأرجنتين بالمتّة، منذ مرحلة الزراعة وحتى التعبئة، ويتضمن ذلك معرفة معلومات عن إنتاجها وأصلها وتناولها بحسب ما يوضح كوبولي. يعد هذا المشروب سمة مميزة لدول أميركا الجنوبية، حتى أن الأرجنتين تحتفل باليوم الوطني للمتّة في 30 نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام.

مشاركة :