يحدث أن تعتري المرء مواقف في مساره اليومي تؤثر في خططه, وتنظيمه, وبرامجه, تضطره لأن يجري تغييرا ما يتوافق معها, تحديدا إن كانت خارجا عنه, متعلقة بجهات أخرى لها مساس بها, تعلقت بوقته, أو جدولة نفقاته, أو أسلوب حياته, ولعل أقرب مثل في هذا علاقة المرء بجهات الخدمات العامة, التي لا يستطيع الاستغناء عنها, كما إنه لا مناط له من التفاعل الجاد, والمباشر معها, كفواتي الاستهلاك للماء الذي لا حياة دونه, والكهرباء التي غدت عصبا مهما في شؤون راحته, ويسر وسائله, أو الهاتف الرفيق المفروض عليه لأن يكون ظله, وكيانه, بل حتى لمحة فكره وتوقع حدْسه تواصلا, وتفاعلا مع عمل, أو ترفيها, أو اطلاعا, ومتابعة لدنيا صغيرة بين أصابعه.. الذي يعتري المرء من مواقف مع هذه الجهات الخدمية المتغلغلة في حياته, المرتبطة بشؤون معيشته, المتلازمة للحظات يومه وليله, حين تكون تسير في دعة التوافق مع جدوله المادي, وتنظيمه الوقتي, وطوارئه المستشرَفة في انسيابية تفاعلٍ لا ضرر يمسه كي يعيد حساباته, ويغير من خططه, تلك التي قد تُقسره على أن يتذمر, وتضعه في المآزق فإنه سيكون آمنًا مطمئنًا يستطيع أن يتفاعل برضا مع دخله المادي, وأوجه صرفه المبرمجة, وخطط راحته المدروسة, غير أن طوارئ التغيير المفاجئ حين تنزل به فتتطلب منه نفقات تفوق قدرته, وتعجزه حتى عن التفكير في كيفية الخروج من مآزقها تجعله في موقف لا يحسن التعبير عنه إلا بما شهدنا مؤخرا في وسائل التواصل كيف تفاعل الناس مع ارتفاع معدلات فواتير الكهرباء, والماء, وقبلا مع أسعار قطع غيار السيارات, وفواتير الهاتف, ونفقات المدارس الخاصة ونحو ذلك.. هذه الأمور واردة في الحياة اليومية, ومع كل تجديد في أنظمة الخدمات, وهناك حلول ستكون, وهناك وسائل للتواصل مع مرافق هذه الخدمات, ومن الطبيعي أن يألم من لا يستطيع, لكن الطارئ المضاف لأشكال السلوك غير الواعي من الناس هو هذا التهافت على الشكوى اللاذعة, والتعبير عنها في منصات التواصل, تلك التي تضيف جديدا إلى سلوك الأفراد غير الحسن مع تدفق سرعتها, وضوئية نقلها, وهو ما يوقف كل متمعن ليسأل: أهذا هو المسلك الراقي في التعبير عن المواقف التي تضطر المرء لأن يفتح جدوله, ويعيد ترتيب خططه, ويتفكر في أمر الخروج من مآزقها؟!.. ————————————————— د خيرية السقاف الجزيرة
مشاركة :