أول فريق كرة قدم من مبتوري الأطراف في غزة

  • 7/1/2018
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

لم يحتج الطفل إبراهيم خطّاب 13 عاماً، سوى عكازين وقليل من الجرأة، ليتمكن من نزع الطرف الصناعي الذي حلّ مكان قدمه المبتورة؛ ليكون أصغر لاعب ضمن أول فريق كرة قدم في فلسطين، يتشكل أعضاؤه من مبتوري الأطراف بفعل الاعتداءات الإسرائيلية. داخل أحد الملاعب المعشبة التابعة لبلدية مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، يحاول الطفل الجريح، الموازنة بين «العكازين» لصدّ الهجمات المرتدة على مرمى فريقه من قبل الفريق الخصم، خاصة أنه من أمهر اللاعبين في خط الدفاع كما يقول زملاؤه. ويضم الفريق الذي تمّ تشكيله مؤخراً من ثلاثة عشر لاعباً، يؤدون المهام المختلفة داخل الملعب، من التقدم في خط الهجوم، إلى الثبات في خط الوسط، إلى الصمود في خط الدفاع، وصولاً إلى الحفاظ على المرمى من هجمات الخصم بواسطة حارسي مرمى اثنين يعانيان من البتر في الأطراف العليا. ويقول خطّاب في حديثٍ لـ«الشرق الأوسط»: «لم أكن أتخيل في يومٍ من الأيام أن يكون بمقدوري ممارسة هوايتي في لعب كرة القدم التي بدأتها في سن مبكرة جداً، لكنّها توقفت عام 2014 بعد إصابتي بصاروخٍ أُلقي من طائرات استطلاع التابعة للاحتلال». ويضيف خطاب «منذ علمت بتشكيل هذا الفريق أخبرت والدي برغبتي القوية بالمشاركة، وقدرتي على اللعب بشكلٍ جيد»، مبيّناً أنّ مشاركته وزملاءه فيها تحدٍ للاحتلال، ورسالة من رسائل حبّ الحياة التي يحاول الشعب الفلسطيني إيصالها للعالم الخارجي. يذكر أنّ الاعتداءات الإسرائيلية على غزة إضافة لسياسة الحصار والإغلاق، تُخلف بشكلٍ مستمر الكثير من الضحايا في صفوف الشعب الفلسطيني، تقع معظمها ضمن تصنيفات الإعاقات الدائمة والجزئية، إذ تذكر تقارير حقوقية أنّ أكثر من 40 ألف فلسطيني تعرضوا للإصابة بفعل الاحتلال منذ العدوان الأول على غزة عام 2008 حتّى يومنا هذا. في زاوية من زوايا الملعب يقف اللاعب حسن أبو إكريم، يبدو أنّه قد أوكلت له مهمة حماية الجانب الأيمن القريب من مرمى فريقه، من أي هجمات كروية مضادة، يقول إكريم لمراسل «الشرق الأوسط»: «بعد الإصابة التي تعرضت لها وأدت لبتر قدمي عام 2007. توقفت عن ممارسة كرة القدم بشكلٍ كامل، هذا الأمر أثر في نفسيتي كثيراً كوني كنت مداوماً على لعبها قبل الإصابة»، مردفاً «قبل فترة بسيطة انضممت لهذا الفريق، وكانت المرة الأولى التي أمارس فيها هوايتي المفضلة منذ عدّة سنوات». قطع حديثنا مع إكريم، صوت حارس مرمى فريقه ذي اليد المبتورة «حسن انتبه للكرة»، تلفت اللاعب حوله، محاولا صدّ هجمة من لاعبي الفريق المقابل، لكنّ جهوده وفريقه لم تنجح هذه المرّة، حيث تمّ التسديد في مرمى فريقه لتصبح النتيجة تعادلاً بين الفريقين. يبيّن إكريم بعد عودته، أنّه في الغالب لا تهمه النتيجة بقدر ما يهمه مستوى الأداء والمتعة في اللعب، خاصة في المباريات الودية، منوهاً إلى أنّهم عادة، يتلقون تدريبات يوماً واحداً في الأسبوع، وتكون مدة التدريب الواحد نصف ساعة تقريباً، يتبعها مباراة تنقسم لشوطين رياضيين، مدّة كل واحد منهما 10 دقائق. في الحديث عن مهمة تدريب الفريق، يشير الكابتن محمد أبو شرف أحد مدربي الفريق إلى أنّ الاختلاف الجوهري بالنسبة له بين فريق مبتوري الأطراف وأي فريق آخر، هي مسألة تدريب اللاعبين التي تختلف كلياً عن الطرق المعتادة؛ لتركيزها على عضلات معينة وتفاصيل أخرى، إذ أنّه يتم التعامل مع عضلة ساق واحدة، الأمر الذي يزيد من تعرضها للتعب والإجهاد بشكلٍ مضاعف. ويوضح أنّ المتعة التي يجدها في تدريب الفريق، تحمل طابعاً خاصاً على صعيده الشخصي، فهو يشعر بفخرٍ كبير، لا سيما أنه يساهم في رسم صورة مختلفة وجديدة من صور نضال الشعب الفلسطيني وصموده في وجه الاحتلال واعتداءاته. يشار إلى أنّ اتحاد الكرة الفلسطيني يضم فيه عددا من اللجان من ضمنها اللجنة البارالمبية للمعاقين الفلسطينيين، وسعت اللجنة في أوقاتٍ سابقة لتشكيل الكثير من الفرق الرياضية سواء للطائرة أو السباحة أو ألعاب القوى، لكنها لم تشكل فريقاً لكرة القدم وفقاً لما يقول اللاعبون والقائمون على فريق مبتوري الأطراف. مؤسس الفريق الكابتن محمود الناعوق يذكر أنّ فكرة تكوين الفريق جالت في خاطره برفقة عدد من أصدقائه، أثناء مشاهدتهم، لإحدى البطولات الكروية الدولية الخاصة بمبتوري الأطراف، موضحاً أنّ ذلك الأمر أوجد فيه حافزاً ورغبة لتطبيق التجربة هنا في غزة، لا سيما أنها تضم عددا كبيرا من مبتوري الأطراف بفعل الاعتداءات الإسرائيلية. يتابع الناعوق بتأكّيده على أنّ الأهداف التي تمّ من أجلها تأسيس الفريق، تشمل عددا من الجوانب، أهمها ضرورة تطوير البنية الجسمية والعضلية لدى الأشخاص ذوي الإعاقة، إضافة لأنّها تُسهم في إيصال رسالة دلالية على مدى صمود الفلسطيني وقدرته على تخطي العقبات، وكذلك إيجاد جسم تمثيلي لفلسطين في المحافل الدولية ذات العلاقة برياضات ذوي الإعاقة. ويلفت في ختام حديثه إلى عددٍ من الصعوبات التي تواجه الفريق، أهمها عدم توفر الإمكانات المادية اللازمة لإنجاح العمل بصورة كاملة، كذلك غياب الجهة الرسمية الداعمة، والتي من المفترض أن تكون وزارة الشباب والرياضة الفلسطينية، وأيضاً الحصار والإغلاق الإسرائيلي الذي من الممكن أن يحرم الفريق مستقبلاً من فرصٍ مختلفة. * من مبادرة «المراسل العربي» لإرسال القصص الصحافية راسلونا على [email protected]

مشاركة :