قال محمد الجارحى الأمين العام للجان المتخصصة بحزب مستقبل وطن، إن نهوض مصر لا يمكن أن يحدث دون تضافر كل الجهود الرسمية وغير الرسمية عبر شراكة وتكامل أضلاع مثلث التنمية وهي الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، لتضع الحكومة الرؤية والإستراتيجية الحاكمة لعملية التنمية وأهدافها، ثم يأتي دور القطاع الخاص لتحقيق المستهدف في إطار نظام اقتصادي يتيح حرية السوق دون إغفال البعد الاجتماعي للقطاع الخاص. وأوضح أنه ليس من الممكن أن دولة آخذة في النمو مثل مصر أن يتقاعس القطاع الخاص عن دوره المجتمعي أو ما بات يعرف بـ "المسؤولية المجتمعية" بحجة حرية ورأسمالية النظام الاقتصادي، وإلا وصل بنا الأمر إلى "رأسمالية متوحشة". وتابع حديثه: "لكن على الجانب الآخر، فإن تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي ينبغي أن يبقي في الحدود المثلى بتوفير البيئة المشجعة على الاستثمار والجاذبة له من خلال تسهيل الإجراءات وتذليل العقبات وتنفيذ المشروعات القومية الحيوية لاسيما تلك التى يحجم عنها القطاع الخاص، فمعادلة العلاقة الصحيحة تستند على مسؤولية الحكومة عن تهيئة الظروف والفرص لانطلاق القطاع الخاص في تحقيق التنمية بمسؤولية ووطنية".وأضاف أن بناء الدول ونهضتها مهمة عظيمة لا تقوم على الخطب الرنانة أو الكلمات الاندفاعية أو الانتقاد الهدام.وأشار إلى أن هذا لا يمنع حتمية الاختلاف والتنوع وضرورة التعدد في الرؤى والتوجهات الهادفة إلى الإصلاح والبناء، على أن تبقي الحقيقة الأكيدة في ضوء قراءة التاريخ المصري ودراسة الخبرات التنموية للدول الصاعدة والكبرى أن "مصر تحتاج العمل أكثر من الكلام.. تحتاج للأيادي التي تعمل أكثر من الحناجر التي تنتقد". وأضاف أن الواقع المعاش منذ ثورتنا المجيدة في 25 يناير 2011 وموجتها الثانية في 30 يونيو 2013 يؤكد بما لا يدع مجال للشك أن بناء مصر ونهضتها يحتاج إلى جهد وعزيمة وإرادة وطنية صادقة لدى كل من المواطن والقيادة السياسية.وأكد أن الصعوبات الاقتصادية التى تواجهها مصر منذ سنوات ترتبط ارتباطا وثيقا بالعديد من التحديات الاقتصادية التى لم يتم التعامل معها بشكل جدي على مدى العقود الثلاثة الماضية، ومن بين هذه التحديات هشاشة الهيكل الاقتصادي بالبلاد، وضعف التنافسية على المستوى الدولى، وانتشار الممارسات الاحتكارية في عدد من الأنشطة التجارية والصناعية، وارتفاع مستويات الفساد، إلى جانب ضعف كفاءة الجهاز الإداري للدولة، مع تضارب السياسات الاقتصادية بكل جوانبها المالية والنقدية والتجارية، إلى جانب تضارب اختصاصات الأجهزة الإدارية الحكومية.وأوضح أنه لمواجهة المشكلات السابقة ومعالجة التشوهات الواسعة التي عانى منها الاقتصاد، تبنت الحكومة في عام 2016 برنامجا شاملا لإصلاح الاقتصاد بالتعاون مع صندوق النقد الدولى وعدد من مؤسسات التمويل الدولية الأخرى. وطرحت الحكومة في إطار هذا البرنامج عددا من الحلول السريعة التى تستهدف تعزيز مسار النمو الاقتصادي، وتوفير فرص العمل، بجانب تحقيق الاستقرار المالى والنقدي. وقال إن البرنامج ضم محاور أساسية تشمل؛ تبني نظام صرف مرن، وضبط المالية العامة عبر تدابير عديدة أهمها إصلاح منظومة الدعم والسلع والخدمات العامة، إضافة إلى تعزيز شبكة الحماية الاجتماعية وتحسين مناخ الاستثمار، فضلا عن تعزيز الحكومة من إجراءاتها الإصلاحية بتحرير قيمة الجنيه أمام العملات الصعبة، مع الاتجاه السريع نحو تحرير منظومة الوقود والكهرباء وغيرها من السلع والخدمات العامة، كما أعلنت الحكومة عن حزمة جديدة من الحوافز والتسهيلات لتشجيع المستثمرين لضخ رؤوس أموال بالسوق المصرية.وأوضح أن معادلة نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي في مصر تقوم على تلبية الاحتياجات التنموية طويلة الأجل من حيث دعم الإنتاجية ورفع التنافسية الدولية ودعم رأس المال البشري، وهي شروط تبدو لازمة من أجل تحقيق الانتعاش الاقتصادي والعدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة. وأضاف أنه من المنتظر أن تعيد تلك الإجراءات والجهود الحكومية التوازن للاقتصاد الوطنى، وتحقيق الاستقرار المالى والنقدي بالبلاد. أضاف:"لكن تبقى المشكلة الأساسية فيما يحيط بهذا البرنامج من مخاطر أهمها التكلفة الاجتماعية والسياسية المرتفعة، وارتباط نجاح هذا الإصلاح على المدى الطويل بالقدرة على الاستمرار في إجراء إصلاحات عميقة أخرى تشمل إصلاح بنية التشريعات الاقتصادية، وتنمية الصادرات، وتحسين تنافسية القطاعات الاقتصادية المختلفة، وهي جوانب مهمة لاستدامة النمو الاقتصادي وتحقيق الاستقرار الاقتصادي المنشود".
مشاركة :